Source: Credit Libanais Group | 18 April 2011 | Country: Doha, Qatar

Arab Banking Conference 2011; Arab Economic Reforms -A New Vision

كلمة

الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
رئيس جمعية مصارف لبنان

 

في حفل إفتتاح

مؤتمر
رؤية جديدة للإصلاح الإقتصادي

الدوحة – قطر
 18-19  أبريل/نيسان 2011

 

 

 

 

 

معالي الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني،
سعادة الأستاذ يوسف حسين كمال،
سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني،
أصحاب المعالي والسعادة،
أيها الحضور الكريم،


أرحب بكم أجمل ترحيب في مؤتمرنا الذي نعقده على أرض دولة قطر الشقيقة، ونشكرها على إستضافة هذا المؤتمر وعلى حرارة الإستقبال الذي شعر به كل المشاركين.

لماذا هذا المؤتمر، ولماذا التركيز على رؤية عربية للإصلاح الاقتصادي؟

في غمرة التحولات الكبيرة التي تتمدد تباعاً في العديد من الدول العربية، قد يبدو الحديث عن الاقتصاد وشجونه خارج القضايا الساخنة التي تثير الاهتمام في المرحلة الراهنة.  لكن النظر في عمق هذه التحولات، أسباباً وحيثيات، يفضي الى إستنتاج منطقي بأن الشأن الاقتصادي يقع في صلبها، وسيكون حتماً في صدارة نتائجها بعد بلوغ مرحلة الاستقرار.
فالتطورات الحاصلة، سواءً أفضت الى تغيير في الحكم أو الى تغيير في السياسات،  تجتمع على مبدأ الاصلاح وتستهدف تعميمه في كل المجالات، وفي مقدمها :
- إصلاحات سياسية، تؤمن توسيع قاعدة المشاركة والفصل بين السلطات وتداولها.
- إصلاحات إقتصادية، تستهدف التركيز على تسريع التحول الى الاقتصادات الانتاجية، وتنويع مصادر الدخل، وتوزيع أكثر عدلاً للثروة، ورفع إنتاجية القطاع العام، وتحسين سياسات التشغيل ومكافحة البطالة.
- إصلاحات إجتماعية، تخفف من عمق الهوة بين الطبقات الاكثر غنى والاكثر فقراً، وتعيد الاعتبار للطبقة الوسطى كحلقة إتصال وتواصل، وضخ إستثمارات مجدية في إصلاح التعليم والتدريب والتكنولوجيا والرعاية الاجتماعية والصحية.
- إصلاحات قضائية، تساهم في مكافحة الفساد وتصويب مكامن الخلل عبر إحقاق الحق وتعميم سيادة العدالة.
واذا شئنا تحديد هدف مشترك لكل هذه الاصلاحات والتحركات، فأننا نرى أنها تنشد الاستقرار وتعميم فوائده، وهذه ربما كلمة السر التي نطمح جميعاً لتكريسها وتأمين ديمومتها، دولاً وشعوباً وأنظمة سياسية واقتصادية.

أيها السيدات والسادة،

لقد أحدثت التطورات المتواصلة تغييراً جوهرياً في المعطى السياسي السائد، وبدأت ملامح هذا التغيير بالارتسام، وأهمها التبدّل الحاصل في صورة الحياة العامة داخـل بعض الأنظمة السياسية القائمة، وزيادة التوجّه نحو مزيد من الانفتـاح والحريـة على الصعـد السياسية والثقافيـة والاعلاميـة  والاقتصادية.
إن هذه التبدلات وكل التحركات الاصلاحية الموازية التي جمعت الاجيال العربية وخصوصاً الشبابية منها في بوتقة واحدة، من شأنها رفع سقف الطموحات ببلوغ  مشهد عربي جامع وجديد يكون في صلب مقوماته تعزيز وتطوير منظومة العمل العربي المشترك، بما يشمل النظر في مستقبل جامعة الدول العربية كإطار جامع، وتطوير صيغها التنظيمية الكفيلة بتفعيل وجودها ودورها، وتأكيد حضورها، وتثبيت مرجعيتها على مسرح السياسة الاقليمية والدولية.

واذ نتطلع الى عودة الاستقرار وهدوء حالات الغليان التي تمددت سريعاً بدفع من المشاركة في الهموم، وليس بدافع العدوى كما يتصور البعض، فإننا نعتقد أن الاصلاح بمفهومه الشامل من شأنه إعادة الزخم الى العمل العربي المشترك، والذي بات يتطلب بشكل ضروري، وربما ملح،  صياغة خريطة طريق عربية  تتضمن أفكاراً وإقتراحات محددة للتكامل الاقتصادي ودعم الاجراءات اللازمة لتعزيز التجارة العربية البينية وتسهيل إنسياب رؤوس الأموال والسلع والخدمات داخل منظومة الدول العربية على نحو يضمن التنمية التكاملية المستدامة لإقتصادات هذه الدول ورفاهية شعوبها، والبحث في إطلاق هيئة مشتركة لترقب الازمات الاقتصادية ومواكبتها، والتعاون في تنقية وتظهير الفرص الاستثمارية المتوفرة في البلدان العربية، ومعاونة الحكومات على التطوير المنهجي لمناخات الاستثمار، وإزالة أي تحفظات عن مساهمة القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإعداد المشاريع الملائمة لتوظيفات الصناديق السيادية وشبه الحكومية وأخذ العبر مما حصل حتى الآن.  إضافة إلى إعادة النظر الشاملة بالبنية الرقابية بعدما أثبتت الازمة المالية الاخيرة أهمية دورها في تحصين المؤسسات والحد من تهّور أصحاب القرار فيها.  وكل ذلك يقع حكماً في خدمة تطوير البنى التحتية والتشريعية والعملانية لقيام السوق العربية المشتركة .
ونأمل، وفق المنهج الذي كرسته قمة الكويت الاقتصادية العام الماضي، الانتهاء من مراحل السوق العربية المشتركة بعد 5 سنوات من الآن يليها الاتحاد الاقتصادي الكامل خلال 5 سنوات إضافية، على أن يتم إنجاز مصرف عربي مركزي وعملة عربية موحدة قبل عام 2020.  وإذا عطفنا هذا التوجه الاستراتيجي على التقدم الكبير الذي حققه المنهج المعتمد من قبل مجلس التعاون الخليجي، يمكننا التفاؤل بوضع إقتصادي عربي أفضل يتقدم تباعاً خلال السنوات المقبلة.  وإن كانت وتيرة نمو التبادل التجاري البيني لا تزال بطيئة وتواجه المزيد من المعوقات ولوائح الحماية، فيما تحرص دولنا بالاجمال على إزالة المعوقات التي تعترض تبادلاتها التجارية الخارجية رغم أن معظمها قائم على الاستيراد وليس التبادل المتوازن.

ايها الحفل الكريم،

أعود الى ما يحصل في منطقتنا العربية، وهو يشكل تحدياً كبيراً لإستقرار إقتصاداتنا ومصارفنا ويجب أن يدفع بقادة المصارف العربية الى مقاربة ما يحصل بكثير من الحيطة وكذلك بكثير من الامل.  الأمل بدورٍ جديدٍ للمصارف العربية تنهض به لمواكبة المستجدات الجديدة في الفضاء الإقليمي العربي والتأقلم معها بحيث تلعب المصارف دورها الرائد في دعم حركات الإصلاح الإقتصادي المطلوبة، وكذلك التكامل الإقتصادي الإقليمي الذي أصبح ضرورة ملحة على ضوء ما أظهرت الإضطرابات المتنقلة بين عدة بلدان عربية والتي أظهرت كم هي شعوبنا متلاحمة وتشدها آمالٌ متشابهة.

إن التطورات التي نعيشها يجب أن تفتح عيوننا جميعاً، مصرفيين وإقتصاديين، الى جانب السياسيين وأصحاب القرار في بلداننا، على وجوب إعادة تقويم مناهجنا للإصلاح الإقتصادي، مع التركيز على إحتياجات الناس ومطالبهم وحقهم في التنمية المستدامة، هذه التنمية التي يجب أن تكون ذات بعدٍ إجتماعي وإنساني، تعطي كل فرد في المجتمع حقه في أن يحصل على حياةٍ أفضل مع ضمان فرص العمل والحق في العيش الكريم وتوزيع أفضل للثروة الوطنية، مما يعيد السكينة الى النفوس والرغبة في الإستقرار لمجتمعاتنا المضطربة والتي أبرزت التطورات الأخيرة مقدار عمق المرارة والإلحاح في طلب الإصلاحات الذي حرك الحشود الى مختلف الساحات.

ايها الحفل الكريم،

إن حضور هذا الجمع المميز من قادة المصارف والمؤسسات العربية والخبراء لرسم رؤية جديدة للإصلاح الإقتصادي هو بادرة خير، نأمل لمؤتمرنا أن ينجح في تظهيرها، وأن نخرج بالنتيجة بتوصيات تؤدي الى تحقيق إصلاحٍ حقيقي.

أجدد شكري لمعالي الشيخ حمد بن جاسم ولدولة قطر العزيزة، كما أشكر حضوركم الكريم، راجياً أن يحقق هذا المؤتمر الأهداف المرجوة.

      شكراً لكم.

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close