Source: credit Libanais Group | 26 May 2011 | Country: Beirut, Lebanon

Arab Economic Forum – Session 19

كلمة

الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس ادراة جمعية مصارف لبنان
رئيس الأتحاد الدولي للمصرفيين العرب

 


منتدى الاقتصاد العربي الدورة 19

 


بيروت 26-27 ايار 2011

 

أصحاب المعالي والسعادة
أيها الحضور الكريم

يسرني، باسمي ونيابة عن زملائي في جمعية مصارف لبنان، أن أضم صوتي للترحيب بضيوفنا الكرام، وأن أعبر عن إعتزازنا بالمشاركة في تنظيم هذا المنتدى الهام الذي يجمع، كل عام، كبار المسؤولين الحكوميين مع نخبة القيادت الاقتصادية والمالية والاستثمارية، وفي بيروت بالذات التي لا تفقد بريقها وحضورها مهما تعقدت أوضاع البلد في الداخل أو تعاظمت الأحداث في محيطها.

نحن بالفعل أحوج ما نكون حالياً، الى مثل هذه المناسبات للتلاقي والحوار والسعي الى تكوين فهم مشترك لأبعاد المرحلة الحاضرة والمقبلة. ففي خضم تطورات وتحولات مذهلة وغير مسبوقة في تاريخ منطقتنا، إن من حيث طبيعة ما يحصل وسرعته أو من حيث شموليته ونتائجه، فأن المشهد السياسي العربي الذي يتكون تباعا مع كل حدث هو مشهد مختلف بكل معنى الكلمة.  وقد يصعب تحديد الصورة المكتملة للمشهد الآن، لكن الملامح الظاهرة تؤكد اننا بصدد عصر عربي مختلف ومناخات اقليمية ودولية جديدة.

ففي صلب هذه الملامح، نحن نشهد تغييرات جذرية في أنظمة الحكم أو في السياسات والركائز الاساسية لادارة شؤون البلاد، يصاحبها تبدلات استراتيجية في هويات وأدوار مراكز الثقل الاقليمي من منظومة دول مجلس التعاون الخليجي الى تركيا الى ايران الى الشمال الافريقي ويجاريهما معا تدخل أممي ودولي لا يقل شأناً في أهميته، وفي دوره المؤثر في صياغة واقع جيوسياسي يختلف تماماً عن الصورة النمطية التي اعتدناها طوال عقود .

 وقد يبدو الحديث عن الاقتصاد وشجونه في ظل هذه المعمعة خارج القضايا الساخنة التي تثير الاهتمام العام مقارنة بيوميات الاحداث المتسارعة في أغلب بلدان المنطقة .  لكن النظر في عمق هذه التحولات، أسباباً وحيثيات، يفضي الى إستنتاج منطقي بأن الشأن الاقتصادي يقع في صلبها، وسيكون حتماً في صدارة نتائجها بعد بلوغ مرحلة الاستقرار.

وحقيقة فأن التطورات المتواصلة أحدثت  تغييراً جوهرياً في المعطى السياسي السائد، وبدأت ملامح هذا التغيير بالارتسام، وأهمها التبدّل الحاصل في صورة الحياة العامة داخـل بعض الأنظمة السياسية القائمة، وارتفاع وتيرة المطالبة بالاصلاح السياسي والاقتصادي يقابلها الوعود بالمزيد من الانفتـاح والحريـة على الصعـد السياسية والثقافيـة والاعلاميـة  والاقتصادية.

واذ نتطلع الى عودة الاستقرار وهدوء حالات الغليان التي تمددت سريعاً في الفضاء السياسي العربي، فإننا نلحظ أن التحركات الحاصلة تجتمع على عنوان واحد هو الاصلاح وترفع شعار تعميمه في كل المجالات، وفي مقدمها :
 
• إصلاحات سياسية، تؤمن توسيع قاعدة المشاركة والفصل بين السلطات وتداولها.

• إصلاحات إقتصادية، تستهدف التركيز على تسريع التحول الى الاقتصادات الانتاجية، وتنويع مصادر الدخل، وتوزيع أكثر عدلاً للثروة، ورفع إنتاجية القطاع العام، وتحسين سياسات التشغيل ومكافحة البطالة.

• إصلاحات إجتماعية، تخفف من عمق الهوة بين الطبقات الاكثر غنى والاكثر فقراً، وتعيد الاعتبار للطبقة الوسطى كحلقة إتصال وتواصل، وضخ إستثمارات مجدية في إصلاح التعليم والتدريب والتكنولوجيا والرعاية الاجتماعية والصحية.

• إصلاحات قضائية، تساهم في مكافحة الفساد وتصويب مكامن الخلل عبر إحقاق الحق وتعميم سيادة العدالة.

إن الاصلاح هو الركيزة الأهم لبناء الثقة كممر الزامي مثالي لبلوغ الاستقرار الحقيقي وتعميم فوائده، وهذا ما نطمح اليه جميعاً  دولاً وشعوباً وأنظمة. والاصلاح بمفهومه الشامل على الصعيد الوطني  هو المسار الأمثل لاعادة صياغة خريطة طريق طموحة الرؤى والاهداف لمنظومة العمل العربي المشترك، ترمي الى تعزيز التكامل الاقتصادي ، وتفعيل التجارة العربية البينية وتسهيل إنسياب رؤوس الأموال والسلع والخدمات داخل منظومة الدول العربية على نحو يضمن التنمية المستدامة لإقتصادات هذه الدول ورفاهية شعوبها .
 
 

أيها الحضور الكريم

في خضم هذه المناخات المعقدة والمتخمة بالاحداث ، يبقى لبنان ملاذا آمنا للاستثمار رغم ما نشهده من تقلبات سياسية ومن تأخير في انهاء الازمة الحكومية المستمرة منذ أشهر.

صحيح أن الاقتصاد شهد بعض الانكماش في الاشهر الماضية دفعت الى خفض ترقبات النمو من متوسط 9 في المئة المحقق في السنوات الماضية ، لكننا لا زلنا نعول خيرا على معطيات النصف الثاني من العام الحالي ، والتي قد تعيد تصحيح هذه الترقبات من 3 الى 5 في المئة وربما أعلى .، اذا ما أحسن سياسيونا التصرف في معالجة الاستحقاقات القائمة بما فيها منع الشغور في مركز القرار النقدي والتجديد للسياسات الناجحة التي أسهمت بفعالية في حماية النقد وتكوين احتياطات قياسية وتطوير بنية القطاع المصرفي  وفي حفز النمو الاقتصادي ومعالجة العجز المالي للدولة .

لقد شهد لنا العالم، بعد الأزمة المالية الدولية، بأننا نموذج إقتصادي وبالاخص مصرفي يحتذى في إدارة التعامل مع ظروف وأوضاع غير مؤاتية للعمل والانتاج والتقدم.  وهذا ما يعزز آمالنا بتنبه السياسيين والفعاليات المحلية الى أهمية الاستثمار في الثقة عبر تصحيح مكامن الخلل في ممارسة السلطة ، وفي تعزيز نهوض دولة المؤسسات.  ولدينا كل القدرات اللازمة للعودة الى التميز في النمو  اذا ما أحسنا ادارة شؤوننا الداخلية، وتمكنا من طرح برامج طموحة لاعادة بناء وتحديث البنى التحتية بالشراكة مع القطاع الخاص، واقرارالقانون الخاص وآلياته للتنقيب عن النفط والغازبعدما اظهرت المسوحات العلمية اشارات واعدة  في عمق المياه الاقليمية.    
 
إننا نعتقد أن تثبيت الإستقرار سياسياً وأمنياً واعادة انتظام عمل مؤسسات الدولة بكل سلطاتها، هي مهمة واجبة وملحة لكل القيادات والفعاليات المحلية. فنمو الناتج الوطني، على أهميته، لا يمثل مؤشراً كافياً للتنمية الشاملة، بل يلزم أن يترافق مع تعزيز الثقة الداخلية والخارجية وإدخال تحسينات مطردة  في حياة الناس والتقديمات الصحية والاجتماعية ورفع مستويات التعليم وتيسيره بما يتوازن مع موازنات الاسر والنهوض بالبنى التحتية والمرافق العامة وإعادة الاعتبار جدياً للمؤسسات والقانون بما يفضي الى تكامل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وفي إنتاج مناخ إستثماري حقيقي.  وهذا ما يستدعي من الدولة وأصحاب القرار وفعاليات مجتمعنا المدني إرساء رؤية وبرنامج متكاملين تصب كل الجهود في إطارهما.

 


 ولعل الاهم في دورة الاقتصاد الوطني، وأكثر القطاعات جهوزية لمواكبة الفرص المتاحة للعودة الى النهوض القوي هو القطاع المصرفي اللبناني الذي يدير حالياً موجودات محلية تفوق 137 مليار دولار، ويملك وجوداً مباشراً في أغلب دول المنطقة وفي اسواق دولية كبرى.  فهذا القطاع بما  يزخر من امكانات وطاقات متنامية بنيوية ومالية وبشرية، هو قطاع سليم وكفوء ، ويشكل احد اهم مكامن القوة في الاقتصاد الوطني وخط الدفاع الحصين بمواجهة المصاعب والازمات التي يتعرض لها.  وهو أيضاً أحد أهم الجسور للتمدد الاقتصادي الخارجي، على خطوط الرساميل والاستثمارات والائتمان والتمويل  والانتشار والتواجد في الاسواق الاقليمية والدولية.
 
أختم كلمتي متمنياً لهذا المنتدى النجاح .

مع شكري لإصغائكم.            
 

 

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close