Source: Association of Banks in Lebanon | 26 June 2012 | Country: Beirut, Lebanon

During the 50TH Ordinary General Assembly of the Association of Banks in Lebanon

During the 50TH Ordinary General Assembly of the Association of Banks in Lebanon

 


كلمة رئيس جمعية مصارف لبنان
الدكتور جوزف طربيه

 


في
 الجمعيَّة العمومية السنوية

 


26 حزيران 2012

 

أيّها الزملاء الكرام،
باسمي الشخصي وباسم مجلس الإدارة، أرحّب بكم في مستهلّ الجمعية العموميّة السنوية الخمسين لجمعية مصارف لبنان التي تعمل منذ تأسيسها في سبيل تعزيز المهنة المصرفية وتطوير النشاط المصرفي كما في سبيل خدمة الاقتصاد الوطني ولبنان.
إن تقرير مجلس الإدارة الموزّع عليكم يعرض لأداء الجمعية ونشاطها بشكل وافٍ منذ انعقاد الجمعية العمومية الأخيرة في حزيـران 2011. لذا، لن أخوض في تفاصيل محتوياته، بل سأكتفي بإيجاز أبرز التطورات التي رافقت عملنا، وما أنجزته جمعيتنا خلال السنة الأولى من ولاية مجلس إدارتنا الحالي.

أيّها السادة الزملاء،
بعد أربع سنوات من النمو الاقتصادي القوي، سجّل الاقتصاد اللبناني في العام 2011 نمواً معتدلاً، بسبب مجموعة تطوّرات منها داخلية وأبرزها استقالة الحكومة وتعثّر تأليف أخرى لأشهر عدّة، ومنها خارجية تتعلّق بالأحداث في المنطقة العربية وبخاصّة في سورية. فقد تأثّرت حركة الصادرات إلى الدول العربية على نحو كبير، وتراجعت الحركة السياحية بشكل لافت وبالتالي الإيرادات الناتجة عنها. كما انعكست التطوّرات المشار إليها سلباً على الاستثمارات الداخلية والخارجية بسبب تفضيل مجتمع الأعمال التريّث والترقّب في ظلّ ما يجري من تغيّرات.
 غير أن الوضع النقدي بقي مستقراً وقوياً عام 2011 بالرغم من التراجع الواضح للتدفّقات المالية الصافية الى لبنان بالمقارنة مع مستواها في العام 2010،
 ويعـود ذلك، من جهـة، الى الإمكانات الكبيرة المتوافرة لدى المصرف المركزي، ومن جهة ثانية، الى المصداقية العالية المكتسبة بعد النجاح طوال العقدين الماضيين في إدارة أزمات متتالية بالتعاون الوثيق مع المصارف.
وبالإضافة الى مساهمتنا الفاعلة في الاستقرار النقدي، فقد استمرّت مصارفنا في توفير التمويل للاقتصاد الوطني بحجمٍ كافٍ وبكلفة متدنّية قياساً على ما هو سائد في دولٍ تتمتّع بتصنيف أفضل بكثير لمخاطرها السيادية. وخير معبّر عن ذلك نسبة التسليفات لكلّ من القطاعَيْن العام والخاص إلى الناتج المحلّي الإجمالي. فقد وصل حجم التسليفات للقطاعَيْن إلـى ما يقارب 69 مليـار دولار في نهايـة العـام 2011 موزّعة بنسبة 43% للقطاع العام و57% للقطـاع الخاص. كما تجدر الإشارة إلى أنه منذ العام 2010، باتت حصة القطـاع الخاص تتجاوز حصة القطـاع العـام من التسليفات المصرفية. واليوم، يشكّل التسليف المصرفي للاقتصاد السبب الرئيس للنمو الذي ارتفع بنسبة 5% فعلياً عام 2011 استناداً الى تقديرات وحدة حسابات لبنان الاقتصادية لدى رئاسة الحكومة، رغم توقعات لا تتجاوز 1,5% ذهب إليها صندوق النقد الدولي.
ولكي لا يظلّ تمويل الاقتصاد مقتصراً على المصارف، وبخاصة التجارية منها، ندعو إلى الإسراع في تطبيق القانون رقم 161 المتعلّق بالأسواق المالية والصادر منذ ما يقارب العام. فالتجاذبات الحاصلة بشأن تعيين هيئة الأسواق وتعيينات ضرورية كثيرة أخرى تؤذي أداء الاقتصاد ونموه. ونعلّق أهمية خاصة على قانون الأسواق، والذي من المفروض أن يعطي زخماً لحركة بورصة بيروت التي لا تزال ضعيفة. ويُمكن عندها لمصارف الأعمال أن تلعب دوراً أكبر مع انطلاق عمل هيئة الرقابة على الأسواق المالية وأن تساهم بفعالية في تطوير هذه الأسواق. ونعمل من جهتنا مع السلطات النقدية لتطوير عمل مصارف الأعمال فتواكب انطلاقة البورصة.
على صعيد أنظمة الدفع والتقنيات المرتبطة بها، نستمرّ في تنسيق الجهود مع البنك المركزي وسائر السلطات بهدف استكمال تطوير أنظمتنا، ونأمل أن ينطلق قريباً العمل بنظام المقاصّة الفورية للمبالغ الكبيرة (RTGS)، وأن يتكثّف السعي لاعتمـاد المقاصة الإلكترونية الكاملة Automated Clearing House: ACH ) ) على نحو يخدم الحدّ من المخاطر النظامية، فبمقدار ما نعتمد أنظمة وأجهزة دفع ذات معايير تقنية عالية، نسرِّع معاملات التحاويل، وإدارة السيولة لدى المصارف كما تَسهل علينا مواكبة التطور المالي والمصرفي العالمي. وقد باتت في العام 2011 وسائل الدفع الحديثة لدينا تتماثل مع ما هو قائم في الدول الناشئة الكبيرة، بل وتقترب مما هو رائج في بعض الدول المتقدّمة. وبانتظار أن تستكمل الحكومة مشروع قانون المعاملات الإلكترونية الذي نساهم في مناقشته وصياغته بما فيه التوقيع الإلكتروني، نأمل أن تنجزه الهيئة العامة في المجلس النيابي هذا العام، إذ يوفّر إطاراً قانونياً متماسكاً وشاملاً لتطوير الاقتصاد الرقمي والخدمات الالكترونية للمصارف كما للأنشطة العديدة الأخرى في البلد.
وتأكيداً على إرادة مصارفنا وقرار السلطات النقدية بالحفاظ على انفتاح السوق المصرفية اللبنانية على العالم وحماية أموال المودعين والمستثمرين في القطاع وصوناً لسمعته، تركّز إداراتُنا على مواصلة اعتماد المعايير الدولية في المجالات كافةً، ومنها بوجه خاص ما يعود الى مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والتهرّب الضريبي، وأخيرا وليس آخراً ، التزام العقوبات الدولية على بعض دول المنطقة. وقد جاء تعميم مصرف لبنان رقم 126 ليوفّر أخيراً تغطيةً قانونية وافية لما سبق ومارسته مصارفنا بقرار ذاتي على هذا الصعيد. وسنُكمل من موقعنا في رئاسة الجمعية الاتصالات الدولية الضرورية لتوضيح موقفنا ولتحصين قطاعنا. وهذا التوجهُ الواثق يجعلنا ننظر الى المستقبل بثقة. وليس صدفةً بل بحصيلة هذه الجهود، لم يُدرج اسم لبنان على لائحة الـ GAFI للدول الأربعين التي تعاني من نواقص في تطبيق معايير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وندعو كذلك في هذا الإطار السلطة التشريعية الى أن تسارع الى استكمال مناقشة وإقرار مشاريع القوانين التي تعود أولاً الى تنظيم تبادل المعلومات الضريبية مع الدول، وثانياً الى تنظيم التصريح عن نقل المبالغ النقدية عبر الحدود، كما ندعوها أخيراً الى أن تعدّل جذرياً القانون رقم 318 لجهة توسيع نطاق الجرائم المالية وتعريفها.

أيّها الزملاء،
لقد واصلت الجمعية تأكيـد التزامها بالشأن الوطني العـام، مع إبـداء حرصها على تكثيف حضورهـا وتعزيـز موقعهـا المرجعي كإحدى الهيئات الاقتصادية الأساسية فـي لبنـان، وتعزيز مشاركتها في المؤتمرات والمحافل الإقليمية والدولية واستضافتها العديد من رؤساء البعثات والديبلوماسية المعتمدة في لبنان ومن الوفود المصرفية العربية والأجنبية، وتوزيع منشوراتها ونتائج دراساتها، وإغناء موقعها على شبكة الانترنيت، ومتابعة الدورات التدريبية المكثفة للموارد البشرية المصرفية. أخيراً، على صعيد التشاور الداخلي ، حرصنا كرئاسة وكمجلس إدارة، على انتظام أعمال الجمعية بحيث عقد مجلس الإدارة الحالي 10 جلسات عادية و4 جلسات استثنائية في الإثني عشر شهراً الأخيرة، وعلى تكثيف التشاور الدائم مع إدارات المصارف، لا سيّما من خلال اللجان الأحد عشر التي تضمّ حوالي 150 عضواً من مختلف المصارف يؤدّون دوراً مهماً ومشكوراً في بلورة العديد من المواقف حيال مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تعني القطاع.

أيّها الأخوة،
أيّها الزملاء الكرام،
لقد قمنا كقطاع بكل ما يمكن عمله لإنهاض لبنان واقتصاده وجذب الاستثمارات والرساميل إليه، وخلق فرص العمل الجديدة لاستيعاب الأجيال الطالعة، والتخفيف من هجرة الشباب ونزف الأدمغة. لقد أعطينا الدولة فسحةً كافيةً من الوقت لمعالجة المشكلات الاقتصادية والمالية والاجتماعية الناشئة عن فترة الحرب، والمشكلات المستجدّة أو المستمرّة بعد ذلك. ودَعَمَ القطاعُ المصرفي الدولةَ بقوةٍ على أمل أن تجري إصلاحاً اقتصادياً ومالياً حقيقياً  ينطلق من معالجة المشاكل المتفاقمة للمالية العامة، من خلال وقف الهدر وترشيد الإنفاق العام وجباية الضرائب من كل الشرائح والمناطق. فلا يجوز أن تظلّ شرائح واسعة ومناطق بكاملها خارج المساهمة في الجهد الضريبي في البلد.
فبدلاً من تصحيح الاختلالات المزمنة في أداء معظم المؤسسات العامة وبدل توفير مناخ عمل مؤاتٍ للقطاع الخاص من أجل التوسّع وخلق فرص العمل للأجيال الصاعدة، طلع علينا مشروع موازنة العام 2012 بسلّةٍ كبيرة جداً من التعديلات الضريبية التي تشوّه النظام الضريبي القائم منذ عشرات السنين بحجةٍ واهية، ألا وهي تمويل نفقات جارية مستجدّة. فلا طبيعة هذه النفقات ولا الأوضاع الحالية للاقتصاد تبرّر هذه الأعباء الضريبية الجديدة التي تتحمّلها حكماً الفئة ذاتها من المكلّفين. طبعاً سنعارضها بقوة كهيئات اقتصادية، وسنرفع بشأنها مذكّرة تفصيلية الى المراجع المسؤولة في الدولة، وليتحمّل المسؤولون مسؤولياتهم.
إننا نعلم جميعاً مدى خطورة الأوضاع المحيطة بنا، والتي هي غير مؤاتية دائماً لنشاطنا الاقتصادي. وكنا نأمل كمجتمع أعمال أن تشكّل التحديّات الخارجية دافعاً لتحسين الأداء الداخلي، فيتمّ التوقف عن المناكفات والمجادلات والتجاذبات التي لا طائل منها. وإذا بنا نعايش على العكس تماماً واقعاً تزداد فيه الخلافات وتنعكس على أداء الدولة والإدارات العامة، من تأخير في إنجاز الموازنة العامة، وتراجع في أداء الخدمات الأساسية وملء للمراكز الشاغرة في الإدارات، وانحسار في هيبة الدولة التي تسقط يومياً أمام اضطراب وضع الأمن وقطع الطرقات وتعطيل المرافق العامة، مع ما تتركه هذه التصرفات من انعكاسات سلبية على استقرار لبنان واستمرار دورة الحياة الاقتصادية الطبيعية فيه.
إننا نجدّد الدعوة، التي أطلقناها مع سائر الهيئات الاقتصادية، الى نقل الحوار حول كل المشكلات من الشارع ومن منابر الإعلام الصاخب الى رحاب المؤسسات الدستورية والقانونية. كما إننا أيّدنا وما زلنا نؤيّد دعوة فخامة رئيس الجمهورية الى انعقاد هيئة الحوار الوطني التي تشكّل المكان الصالح والمناسب لطرح كل المواضيع الخلافية الأساسية، إذ لا يمكننا التسليم بانقطاع الحوار بين أبناء البلد الواحد، ولو اختلفت مشاربهم السياسية، في وقت تتصاعد الأخطار الداخلية والخارجية.
 أخيراً، ما زالت الجمعية منذ أشهر عديدة تحاول من خـلال المفاوضات التوصّل الى صيغة عقد عمل جماعي مع إتحاد نقابات موظفي المصارف. وما تزال مواقف الطرفين حتى الآن متباعدة لوجود مقاربات متباينة لدى كل من الجمعية والاتحـاد. نُريد في الجمعيـة عقداً يزيد الإنتاجية بـدلاً مـن أن يُعيقها، عقداً بكلفةٍ قابلة للاحتمال من قبـل كل فئات المصارف، عقداً يكون إطـاراً ناظماً للعلاقة وليس أرقاماً تتضخم عقداً بعد عقد الى ما لا نهاية. ويقارب الاتحاد مسألة التفاوض على عقد جديد بذهنية التوسع الدائم في مضامينه وتالياً في كلفته. ونخشى أن تجعـل هذه المقاربة وجود عقد أمراً صعباً. وطبعاً سنعود إليكم، الـى الجمعية العمومية لإقرار أو عدم إقرار عقد. وأياً تكن نتيجة المفاوضات، فليطمئن موظفونا الى أننا سنحافظ على المجموعة الواسعة من التقديمات والعطاءات التي نعتبرها حقوقاً مكتسبة لهم بعقدٍ أو بدون عقد.
في النهاية، لا يسعني غير أن أوجّه تحية تقدير الى جميع زملائي أعضاء مجلس الإدارة الذين شكّلوا فريق عمل واحداً ومتجانساًُ طوال ولاية المجلس وكرّسوا الكثير من جهدهم ووقتهم في خدمة الأسرة المصرفية، كما أنوّه باسم المجلس وباسمكم جميعاً، إذا سمحتم، بالأمين العام وسائر كوادر وموظفي الأمانة العامة الذين مكّننا تفانيهم المهني من تأدية مهامنا على المستوى المطلوب.

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close