Source: تأثير التكنولوجيات الحديثة على العمل المصرفي والمالي مع الإشارة إلى التجربة المصرفية العربية | 01 March 2006 | Country: Dubai, UAE

مداخلة الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس الإدارة بعنـــوان تأثير التكنولوجيات الحديثة على العمل المصرفي والمالي مع الإشارة إلى التجربة المصرفية العربية

مداخلة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس الإدارة

بعنـــوان
تأثير التكنولوجيات الحديثة على العمل المصرفي والمالي مع الإشارة إلى التجربة المصرفية العربية

إلى مؤتمر " إطلالة"
دبي- الإمارات العربية المتحدة
 
أيها الأخوة والأخوات،

 يسعدني أن أشارك في أعمال هذا المؤتمر المهم وأن أكون مع هذه النخبة المتميزة من القيادات الإقتصادية والمالية والمصرفية، كما أشكر منظمو هذا المؤتمر على دعوتهم الكريمة لي للتحدث والمشاركة في فعاليات هذا اللقاء الذي تحول إلى حدث سنوي أساسي يتوقعه رجال الأعمال والإقتصاد والمال العرب والدوليين على حدّ سواء.

 إن مداخلتي إلى أعمال مؤتمركم ستركز على آخر الإتجاهات الحاصلة في الإقتصاد الجديد الذي نعيش، وأثر تكنولوجيات المعلومات والإتصالات الحديثة على الصناعة المصرفية العالمية، وأهمية العمل المصرفي الإلكتروني، ومواكبة الصناعة المصرفية العربية للثورة الإلكترونية المتسارعة، وأعرض أخيراً لملامح إستراتيجية التطبيق الناجح والفعال للعمل المصرفي الإلكتروني في أسواقنا العربية.

صيرفة جديدة في إقتصاد جديد

 لا يختلف إثنان على أننا نعيش اليوم في عصر "الإقتصاد الجديد" أي إقتصاد المعلومات وإقتصاد الشبكة  والترابط الفوري بين أجزاء العالم وقطاعاته وأفراده من دون حواجز ولا رقابة.

 من هنا يدخل في هذا الإقتصاد كل ما له علاقة بشبكة الإنترنت وفي أنظمة الإتصال الحديثة، والتي أصبحت تشكل سوقاً إعتبارية لها قواعدها وأساسياتها الخاصة والتي لا تطبق عليها القواعد الرئيسية لنموذج الإقتصاد التقليدي، وتشكل الإنترنت البنية الأساسية للإقتصاد الجديد، إذ أنها توفر سوقاً إلكترونية. وشكلاً جديداً للإتصالات والتوزيع، وتطبيقات متطورة على صعيدي أجهزة الحاسوب والبرمجيات، وأيضاً طريقة جديدة للقيام بالأعمال.

 وعلى الرغم من تصاعد أهمية الإقتصاد الجديد، إلا إنه لن يحل مكان الإقتصاد التقليدي، ويبقى الإقتصاد بقديمه وحديثه إقتصاداً لا يتجزأ، حيث إقتصاد الأرض والمصنع والإنتاج يكمل إقتصاد الفكر والإبداع، وفي الواقع، سيكون هناك المزيد من التقارب بين شراكات الإقتصاد القديم والحديث، فالشركة التقليدية يمكن أن تتحرك في الإقتصاد الجديد من خلال إستخدام الإنترنت وأن توفر خدماتها لعملائها بشكل مباشر تماماً كما تفعل البنوك التي توفر الخدمات المصرفية الإلكترونية. كما أن أي شركة إنترنت يمكنها أن تمتلك شركات تقليدية. ولا شك في أن أنجح نماذج الأعمال في المستقبل هي تلك التي تحقق مزيجاً بين شركات الإقتصاد الجديد والقديم.

 وقد برهنت شبكة الإنترنت عن قدرتها في زيادة درجة الشفافية للإقتصاد بحيث توفر سوقاً عالمياً موحداً وتسهّل على البائعين والمشترين المقارنة بين الأسعار وبدون أي حاجة إلى وسيط. والملاحظ أن أسعار السلع (مثل الكتب وبرامج الكمبيوتر) المباعة بواسطة الإنترنت هي أقل 10%-20% من أسعار السلع ذاتها والمباعة عن طريق القنوات التقليدية.

 وتشير تقديرات الإتحاد الدولي للإتصالات إلى أن قرابة 687 مليون شخص في شتى أنحاء العالم (أي ما يزيد قليلاً عن 11% من مجموع سكان العالم كانوا، في نهاية عام 2003، يتمتعون بإمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت، وهذا يمثل زيادة قدرها 61 مليون شخص أو ما نسبته 9.74% مقارنة بالأرقام المسجلة في نهاية عام 2002. علماً بأن معدلات الزيادة بلغت 26.4% في عام 2002 و 28% في عام 2001. ويقدر أن الطلب المحتمل الكبير في البلدان النامية سوف يفضي إلى إضافة أعداد كبيرة من المستخدمين الجدد لشبكة الإنترنت على نطاق العالم في الميدانين القصير والمتوسط. إذ يشكل عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في هذه البلدان جزءاً متزايداً من مجموع مستخدمي هذه الشبكة على نطاق العالم، إذ في نهاية عام 2003 كان ما يزيد عن ثلث مجموع مستخدمي الشبكة في العالم يعيشون في بلدان نامية سجلت حصتها من مجموع مستخدمي شبكة الإنترنت على نطاق العالم زيادة بنسبة بلغت نحو 50% بين عامين 2000 و 2003.

 كما أن عدد الحواسيب المضيفة الموصولة بشبكة الإنترنت يعطي صورة أخرى لوجود البلدان النامية في عالم الإنترنت. فقد سجل عدد هذه الحواسيب على نطاق العالم زيادة بنسبة 35.8% خلال الفترة بين يناير 2003 ويناير 2004 ليصل في مجموعه إلى أكثر من 233 مليون. ومعدل النمو هذا أسرع مرتين من ذلك المعدل المسجل في عام 2002 ومماثل للمعدل المسجل في عام 2001.

 وتمثل المواقع على شبكة الإنترنت المداخل الرئيسية إلى الشبكة في ما يتصل بالتعاملات بين مؤسسات الأعمال والمستهلكين، وفي ما بين مؤسسات الأعمال نفسها، على حد سواء. ولذلك فإن تطور عدد مقدمي خدمات الشبكة العالمية يعتبر مفيداً إلى حد ما كمؤشر يدل على مدى نمو نشاط الأعمال التجارية الإلكترونية. وحسب الدراسات العالمية المتاحة، تبيّن أنه كان هناك، حتى يونيو 2004، ما يزيد عن 52 مليون موقع على الشبكة على نطاق العالم، وبزيادة سنوية نسبتها 26.13%.

 وتشير المعطيات الإحصائية العالمية المتاحة إلى توسع متسارع في حجم التجارة الإلكترونية على نطاق العالم، حيث أن قيمتها بلغت أكثر من 9.2 تريليون دولار أميركي في العام 2005 مقابل 6.2 تريليوناً في العام 2004 و 355 ملياراً في العام 2000. كما أن قيمتها من المقدر أن ترتفع إلى أكثر من 12.8 تريليون دولار في نهاية العام الحالي.

أثر إستخدام التكنولوجيا في الصناعة المصرفية

 يمكننا تلمس الأثر الكبير لإستخدام التكنولجيا الحديثة بأدواتها المتنوعة والمتطورة في الصناعة المصرفية من خلال إدراك حقيقة أساسية وهي أن فرع المصرف الذي يستخدم في تقديم الخدمات المصرفية التقليدية قد أصبح، وبسرعة هائلة، أقل أهمية لزبائن المصرف وأكثر تكلفة له من حيث التشغيل والإدارة.

 وإذا قارنا الخدمات المصرفية التي كانت تقدمها المصارف لزبائنها قبل دخول الأدوات الجديدة لتكنولوجيا المعلومات، والتي تتمثل في الإيداعات والإقراض والتحويلات وإصدار خطابات الضمان وتبديل العملات والمدفوعات، وغيرها، نجد أن هذه الخدمات لم تتغير قط، وإنما طرأت تغييرات جذرية على الأدوات التي تستخدمها المصارف في تقديم هذه المنتجات لزبائنها.

 لقد أصبحت العمليات المصرفية حول العالم تتم بشكل أكثر تصاعداً من خلال ركائز إلكترونية متطورة مثل أجهزة الصرف الآلي (ATMs)  ونقاط البيع الإلكترونية (POS) وأجهزة الحاسوب الشخصي (PCs) والهواتف النقالة والهواتف الثابتة، كما ساهمت الشبكة العالمية أي الإنترنت، وشبكات الشركات العالمية المنتجة للبطاقات المدينة والدائنة مثل ماستركارد وفيزا وداينرز كلوب وأميركان إكسبرس، وكذلك شبكة السويفت العالمية المتخصصة في التسويات المحلية والدولية بين المصارف، بقدر كبير في توفير خدمات مصرفية للزبائن عبر الحدود. وبمعنى آخر، لقد تزايد إعتماد المصارف في العالم على تأدية الأعمال المصرفية بآليات وقنوات توزيع الخدمة الذاتية (Self Service Terminals) وذلك على حساب الفرع المصرفي، حيث تشير المعطيات الإحصائية العالمية المتاحة إلى أن ثلث العمليات المصرفية التي تؤدى في معظم الدول المتقدمة تتم خارج فروع المصارف، فيما ثلثي العمليات المصرفية تتم بإستخدام أقنية التوزيع الإلكتروني المذكورة.

 وفي الواقع، فإن التغيير الذي حدث في الصناعة المصرفية على الصعيد العالمي، في ظل التوسع الملحوظ في إستخدام التكنولوجيا الحديثة، قد حقق عدة أهداف هامة للمصارف تتمثل بصفة رئيسية في التالي:

• رفع كفاءة إدارة المصرف وزيادة ربحيته، نظراً للإنخفاض الكبير الحاصل في تكلفة التشغيل، وتحويل فرع المصرف التقليدي إلى قناة نشيطة تستخدم لتسويق وبيع جميع منتجات المصرف وخدماته المتنوعة. إذ تشير الدراسات العالمية المتاحة إلى أن تكلفة إجراء أي معاملة مصرفية في أحد فروع المصرف تبلغ 1.07 دولاراً أميركياً، وتنخفض هذه التكلفة إلى 55 سنتاً إذا تمت بواسطة الهاتف، و25 سنتاً إذا تمت بواسطة جهاز صراف آلي، وتنخفض أكثر إلى 2 سنتاً فقط إذا تمت عبر الإنترنت. وهذا الرقم الأول يعتبر معقولاً نظراً إلى الإستثمارات الكبيرة التي يتطلبها إنجاز فرع لمصرف ما، والتي تقارب مليون دولار، وتقدر تكلفة تسييره بين 300 و 500 ألف دولار.

• زيادة في حجم المعاملات الإلكترونية عبر الحدود بين زبائن المصارف والشركات التجارية، والتي تتم بواسطة أدوات التجارة الإلكترونية (e-commerce)، مما ساعد ويساعد على خلق قنوات جديدة للمصارف تحقق إيرادات إضافية من هذه الأنشطة المصرفية الإلكترونية الجديدة.

• تنامي نشاطات المصارف في أسواق رأس المال بإستخدام الركائز الإلكترونية الحديثة ولا سيّما الإنترنت، فأضحى الإستثمار المباشر والفوري (e-investment) يؤمن للمصارف (ولزبائنها أيضاً) إمكانية شراء وبيع الأسهم والتداول بالأوراق المالية عل تنوعها عبر الإنترنت، مما سهل هذا النشاط وقلّل من تكاليف إجرائه فساهم ذلك بدوره في تغذية دخل المصارف العام.

صيرفة ذات قيمة مضافة أساسية... ومخاطر أيضاً

 مع ثورة الصيرفة الإلكترونية اللاسلكية هذه التي اجتاحت العالم منذ أواخر التسعينات والتقارب الذي حدث بين تكنولوجيا الهواتف النقالة وشبكة الإنترنت بصفة خاصة، ساعد هذا التطور على خلق عمل مصرفي إلكتروني حديث سمح لزبائن المصارف بإجراء معاملاتهم المصرفية إلكترونياً دون إهدار للسرية. فالصيرفة اللاسلكية الإلكترونية هي خدمة حديثة للشراء والدفع ونقل المعلومات والتعامل مع الحسابات بصورة إلكترونية بحتة.

 وفي ظل هذا التطور الإلكتروني الحديث، ظهرت خدمات متنقلة عديدة ذات قيمة مضافة لزبائن المصارف، وأبرزها:

• سداد فواتير الخدمات بالخصم المباشر.
• التحويلات بين الحسابات المختلفة للزبائن داخل المصارف.
• التحويلات النقدية بين الأشخاص.
• نقل وتبادل المعلومات بين المؤسسات أو الشركات.
• الإستعلام عن حركات أرصدة حسابات زبائن المصارف.
• طلب إصدار كشوفات مالية لحسابات الزبائن أو دفاتر شيكات أو معاملات مصرفية أخرى.
• الشراء مباشرة من خلال المتاجر الإلكترونية أو نقاط البيع المتنقلة.

وعليه، فإن توسع المصارف في إنتاج وتوفير خدمات ومنتجات مصرفية إلكترونية يساهم في تحقيق عدة منافع إقتصادية ومالية، أهمها.

• زيادة فرص نمو السوق المصرفية.
• زيادة الإرتقاء بمستوى المعرفة الإلكترونية لدى الزبائن.
• زيادة فرص إنفتاح المصارف وزبائنها على العالم الخارجي.
• رفع درجة الإدراك والثقة لدى زبائن المصارف بسلامة وأمن تطبيق المعاملات المصرفية الإلكترونية.
• رفع درجة رضى زبائن المصارف.
• تحويل المجتمع المحلي من مجتمع "نقدي" (Cash) إلى مجتمع معاملات مصرفية إلكترونية.

وعليه، فإن للعمل المصرفي الإلكتروني مزايا ومآخذ متعددة، ومن أبرز مزاياه:

• إنخفاض تكلفة العمليات في المدى الطويل، نظراً للحاجة إلى فروع أقل وموظفين أقل.
• خدمات أسرع، لأن التعامل المصرفي بالركائز الإلكتروني يجعل الزبون يقوم بعملياته المصرفية خلال وقت أقصر من إنجازها عبر الفرع.
• سهولة المقارنة والتحليل، لأن كل المعلومات المصرفية والشخصية محفوظة إلكترونياً.
• حواجز أقل لدخول الصناعة المصرفية، نظراً لأن الحاجة لفروع فعلية تصبح أقل، كما تتضاءل الحاجة للمصروفات الرأسمالية الضخمة لإقامة هذه الفروع.
• سهولة إعادة هيكلة الأعمال المصرفية، نظراً لأن التكنولوجيا المصرفية تسرّع عملية التغيير في المصارف.
• إمكانية تسويق المنتجات المصرفية خارج حدود الدولة الأم، لأن العمل المصرفي الإلكتروني لا يعرف الحدود الجغرافية للدول.
• خيارات أكثر بالنسبة للزبائن، لأن العمل المصرفي الإلكتروني يتيح للزبائن إمكانية المقارنة للمصارف وخدماتها ومنتجاتها ومعدلات العائد على إستثمار أموالهم بشكل أفضل وأسرع.

أما مآخذ العمل المصرفي الإلكتروني فهذه أبرزها:

• الإحتيال الإلكتروني، حيث تكثر عمليات الإحتيال على ماكينات الدفع الإلكتروني وبطاقات الدفع والإئتمان وأيضاً إختراق شبكة الإنترنت رغم المحاولات الحثيثة لسدّ الثغرات الأمنية على الشبكة العالمية.
• إمكانية إنقطاع الخدمة المصرفية لأسباب فنية، الأمر الذي قد يضعف ثقة الزبائن بالمصرف الذي يتعامل معه إلكترونياً.
• عدم نضج الوعي الإلكتروني لدى الزبائن، إذ أن جزءاً لا يستهان به من الزبائن ليسوا بعد على دراية كافية بمجال العمل المصرفي الإلكتروني وثقتهم به ليست متطورة بعد بالشكل الكافي.
• مخاطر مصرفية متنوعة، إذ أن العمل المصرفي الإلكتروني يفرض على المصارف تحديات جديدة في مجال التحكم بمخاطره التي تضم:
- المخاطر الإستراتيجية.
- المخاطر التشغيلية.
- مخاطر السمعة.
- المخاطر القانونية.
- مخاطر السيولة.
- المخاطر الإئتمانية.
- مخاطر السوق.
- مخاطر النقد الأجنبي.

إتجاهات إستخدام المصارف العربية للركائز المصرفية الإلكترونية

 حسب متابعتنا المتواصلة في إتحاد المصارف العربية لواقع العمل المصرفي الإلكتروني في منطقتنا العربية، أود أن أسوق إليكم مجموعة من المعطيات والملاحظات الهامة ذات الصلة بمستوى تطور التكنولوجيات المصرفية المستخدمة لدى مصارفنا العربية:

أولاً: إن إستخدام أجهزة الصرف الآلي ونقاط البيع وبطاقات الدفع والإئتمان قد أصبح تطوراً شائعاً في عموم الدول العربية، بوصفها ركائز إلكترونية أساسية يعتمد عليها زبائن المصارف في إجراء معاملاتهم المصرفية في دولهم وفي العالم عموماً. كما أن عدداً من المصارف العربية قد قام بإنجاز إبداعات أساسية على صعيد البطاقات البلاستيكية وذلك  بإصدار "بطاقات إنترنت" تسمح لزبائنها بالتسوّق حول العالم عبر الإنترنت.

ثانياً: إن الصيرفة عبر الإنترنت (Internet Banking) رغم توسع نطاقها في عدة دول عربية ولا سيّما في دول الخليج ولبنان ومصر والأردن، ومن قبل العديد من المصارف في هذه الدول، إلاّ أن حجم تغلغل هذا النوع من الأعمال المصرفية الحديثة لم يكتمل نضوجه بعد في السوق المصرفية العربية عموماً. ويتمثل السبب الرئيسي وراء ذلك في ضعف وجود إستخدام الإنترنت في الدول العربية والذي لا يتعدى 5.6% من مجموع السكان في مقابل نسب تصل إلى أكثر من 50% في أوروبا و 70% في الولايات المتحدة الأميركية.

 هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن طبيعة العمل المصرفي عبر الإنترنت في العالم العربي يتركز في الوقت الراهن على تقديم خدمات مصرفية غير تفاعلية (non-Interactive)، بمعنى أن الخدمات المتاحة هي الإستعلام عن أرصدة الحسابات، وطلب إصدار كشوفات بأرصدة الحسابات أو دفاتر شيكات، أو إجراء التحويلات من حساب إلى آخر، وغيرها، وليس هناك بعد خدمات مصرفية تفاعلية بمعنى السحب والإيداع في حسابات الزبائن وغيرها من الخدمات التي تتطلب تحركاً حسياً ومادياً لحسابات الزبائن.

ثالثاً: إن الصيرفة عبر الهاتف النقال أو الجوال (Mobile Banking) تشهد نمواً سريعاً في العديد من الدول العربية ولا سيّما المغرب ومصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين ولبنان والأردن وسلطنة عمان وقطر، وذلك تماشياً مع التطور السريع في أسواق الهواتف النقالة في هذه الدول، مما يشير إلى بادرة صحية وأسواق حيوية للمصارف لإستخدام هذه البنية الإلكترونية في طرح خدماتها المصرفية من خلال إستخدام الهواتف النقالة. ويقدر عدد مستخدمي الهاتف النقال في العالم العربي بأكثر من 50 مليون مشترك في نهاية العام الماضي، كما تشير الإحصاءات المتاحة إلى أن معدلات الزيادة في إستخدام هذه الهواتف في الدول المذكورة أعلاه تتراوح بين 50-150% سنوياً منذ عدة سنوات، وإلى أن كثافة الهاتف المحمول في العالم العربي تزيد على 5.6%.

رابعاً: إن الصيرفة عبر الهاتف الثابت (Phone Banking) أيضاً هي في نمو متواصل أيضاً في الأسواق العربية، وخصوصاً مع وجود الهواتف الثابتة بكميات كبيرة لدى الجمهور العام وتنامي مراكز الإتصال أو مراكز الخدمة الهاتفية (Call Centers) لدى المصارف والتي تزود الزبائن الذين يتصلون عبر الهاتف أو الهاتف النقال بالمصرف لطلب خدمة مصرفية متنوعة تشمل الإستعلام عن أرصدة الحسابات، والتحويل بين الحسابات، وطلب كشوفات حسابات مالية وغيرها. وتشير الإحصاءات المتاحة إلى أن كثافة الهاتف الثابت في العالم العربي تزيد على 7.5%.

خامساً:إن القيـام بالأعمـال المصرفيـة بإستخـدام أجهزة الحاسوب الشخصي (PC Banking) ســواء من منزل الزبون (Home Banking) أو مكتبـه (Office Banking) هو في تنام لا بأس به في عدد من الدول العربية ولا سيّما دول مجلس التعاون الخليجي الست ولبنان ومصر والأردن، حيث يستخدم الزبائن خط الهاتف العادي أو الإنترنت لتلبية إحتياجاتهم المصرفية اليومية. ويعتمد توسع نطاق هذا النوع من الأعمال المصرفية الإلكترونية على تراجع نسب أمية الكمبيوتر في العالم العربي والتي لا تزال مرتفعة نسبياً في الظروف الراهنة، إذ أن كثافة إستخدام أجهزة الحاسوب في العالم العربي هي بحدود 2% حالياً.

متطلبات نجاح العمل المصرف الإلكتروني في العالم العربي

 هناك محوران أساسيان لنجاح العمل المصرفي الإلكتروني في المنطقة العربية، وهما:

أولاً- تعاون وتنسيق بين الأطراف المعنية وهم:

• المؤسسات المصرفية.
• مشغلو شبكات الهواتف النقالة.
• الشركات العالمية المصدرة لبطاقات الإئتمان.
• شركات خدمات الإنترنت.

فالعمل المشترك بين هذه الأطراف يحقق هدفين هامين هما:

• القضاء على الخلط في وضع المقاييس الأساسية للعمل المصرفي الإلكتروني.
• التكامل في توفير الخدمة المصرفية الإلكترونية.

وبالنظر للعائد المتوقع لكل طرف من جراء العمل المشترك فإنه نجد أن العوائد المتوقعة للمؤسسات المصرفية تتمثل في الآتي:

• خلق قنوات مالية جديدة مع المؤسسات التجارية والزبائن مما يتيح فرصة زيادة الموارد المالية.
• تعميق وتوثيق العلاقات مع الزبائن.
• إختراق مجالات الدفع والشراء الإلكترونية.
• إستخدام نقاط البيع الإلكتروني يخلق قناة جديدة لزيادة الموارد المالية ويقلل من تكلفة تشغيل الفروع ما يساعد على زيادة ربحية المؤسسات المصرفية.
• زيادة الثقة في الإستثمارات.
• تقليل مخاطر التسويات.
• زيادة معدلات الإدخار.
• تقليل إستخدام المعاملات النقدية.

إن العوائد المتوقعة لمشغلي شبكات الهواتف النقالة تتمثل في الآتي:

• الزيادة الكبيرة في مرور البيانات عبر شبكات الهواتف النقالة يؤدي إلى زيادة ربحية هذه الشبكات.
• زيادة الإعتماد على الهاتف النقال يؤدي إلى نمو أسواق هذه الأجهزة اللاسلكية.
• خلق علاقات تجارية مع المؤسسات التجارية لتبادل تسويق الخدمات.

وبالنسبة للعوائد المتوقعة للشركات العالمية المصدرة لبطاقات الإئتمان، فأهمها:

• زيادة في عدد حاملي البطاقات وزيادة إشتراكات المؤسسات التجارية.
• زيادة في حجم الحركات المالية مما ينتج عنه زيادة الربحية.
• الإستثمار في تكنولوجيات حديثة تساعد في تطوير الخدمات.
• إختراق إقتصادات الدول النامية.

وأهم العوائد المتوقعة لشركات خدمات الإنترنت هي التالية:

• زيادة عدد مستخدمي الشبكة.
• زيادة مواردها المالية.

ثانياً- إستراتيجية فعالة لتطبيق العمل المصرفي الإلكتروني:

 إن تطبيق العمل المصرفي الإلكتروني يعتمد بالدرجة الأولى على وجود شبكة الإنترنت لتستخدم كأساس للإتصالات وأيضاً كقناة للتجارة الإلكترونية. وبتعريف الصيرفة اللاسلكية فإنها جزء من التجارة الإلكترونية تتمتع بمواصفات خاصة تتطلب تحقيقها من قبل مصممي البرامج التطبيقية بهدف تلبية إحتياجات مستخدمي هذه الخدمة.

 وإن مستخدمي خدمات الصيرفة الإلكترونية يتطلعون لتحقيق ما يلي:

• الوجود المستمر للخدمات.
• سرعة الحصول على الخدمات في زمن قياسي.
• صحة المعلومات المستخرجة.
• توافر المعلومات في الأماكن الجغرافية المتباينة.

وعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الأميركية اوضحت عدة دراسات تسويقية أجريت على تطبيق العمل المصرفي الإلكتروني والتعامل بين العميل ومصرفه من خلال الهاتف النقال وبإستخدام البطاقات المختلفة، أن 50% من المصارف الأميركية أصبحت تعتمد الآن على الأجهزة اللاسلكية في تقديم خدماتها لعملائها مما أسفر عن النتائج الإيجابية التالية:

• رفع درجة رضا العميل والإحتفاظ به كعميل مصرف لمدد طويلة.
• تقديم خدمات المصرف لعميله على مدار الساعة.

والجدير بالذكر، فقد أشارت هذه الدراسات بأن متوسط حجم إستثمارات تطبيق هذه الخدمات لم يتجاوز 500.000 دولار أميركي والذي يعني أن دخول المصارف عصر الخدمات اللاسلكية لا يحتاج لإستثمارات كبيرة. وبالنظر للعائد على هذه الإستثمارات، نجد أنه هناك مبررات قوية تؤيد قرار تطبيق العمل المصرفي الإلكتروني منها:

• رفع مستوى كفاءة العمل المصرفي.
• خفض تكلفة التشغيل.
• زيادة الإنتاجية.
• توطيد العلاقات بين العميل ومصرفه.
• التطوير المستمر الذي توفره تكنولوجيا الصيرفة اللاسلكية.

ومما لا شك فيه أن تلك المبررات تؤكد جدوى الإستثمار في العمل المصرفي الإلكتروني.

 وتتطلب إستراتيجية ت

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close