Source: العمل المصرفي في عالم المخاطر | 24 November 2005 | Country: Beirut, Lebanon

كلمة الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية في حفل افتتاح المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2005

كلمة
     الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية

 


في حفل افتتاح
المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2005

 

 


24-25 نوفمبر، بيروت ـ لبنان
فندق فينيسيا انتركونتننتال

 

 

 

 

دولة الرئيس الأستاذ فؤاد السنيورة، رئيس مجلس الوزراء،
سعادة الأستاذ رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان،
أصحاب المعالي والسعادة والسيادة،
اخواني، زملائي، قيادات المصارف العربية،

أيها الحفل الكريم،

 يسعدني أن أعلن انطلاقة أعمال المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2005 الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية بالاشتراك مع مصرف لبنان، وبحضور هذه النخبة المتميزة من المسؤولين الرسميين ورجال الاقتصاد والمال والمصارف، عرباً وأجانب.

كما يعز علي أن ينعقد مؤتمرنا هذا العام في غياب رجل منا ملأ الدنيا وشغل الناس، عنيت به الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي نفتقد حضوره اليوم على هذه المنصة، وهو الذي كان يرعى هذا المؤتمر السنوي ويفتتح أعماله، ويقف في ختامه محاورا" القيادات المصرفية والإقتصادية حول مختلف شؤون الحاضر والمستقبل. وعزاؤنا اليوم أننا مع رفيق دربه دولة الرئيس فؤاد السنيورة الذي يحمل على منكبيه إرث الشهيد ورسالته في بناء لبنان ديمقراطي منفتح على أشقائه العرب واصدقائه في العالم أجمع.

 
دولة الرئيس،
أيها الحضور الكريم،

 لا يختلف إثنان على أن المرحلة التي تمر بها منطقتنا العربية اليوم هي الأدق في تاريخها، حيث تتقاطع التطورات الدولية المتسارعة مع التحولات العربية المتنامية، وعلى كافة الأصعدة، السياسية منها والإقتصادية.  فمنطقتنا العربية اليوم تقع في مرمى أهداف السياسة الدولية، وإن ما نشهده يدفعنا الى الوقوف والتفكير مليا" بالإنعكاسات التي تنجم عن التطورات الراهنة في العراق حيث يعاني الشعب العراقي من الويلات والدمار، أو في فلسطين حيث يعاني شعبها من الإحتلال الإسرائيلي الذي يمعن في تدمير الإمكانات الإقتصادية للبلد وترهيب الشعب الفلسطيني، أو في المملكة الأردنية الهاشمية التي نقف معها الآن ونستنكر الهجمة الإرهابية التي طاولت العديد من الأردنيين الآمنين في بلدهم المستقر، وكذلك الأمر بالنسبة للبنان الذي ضربه الإرهاب أيضاً مستهدفاً مسيرته الإقتصادية والسياسية في محاولة منه لإعادة عقارب الساعة الى الوراء، ولن تعود. ولا أنسى هنا الإخوة الاشقاء في المملكة العربية السعودية التي نالت قسطها من الإرهاب، لكنها صمدت في وجهه، وهي في طريقها الى دحره.

 وفي الواقع، فإن العالم بأسره في حالة حرب كبرى على الإرهاب، وقد جندت دول منطقتنا والعالم نفسها لمكافحة هذه الآفة الخطيرة التي تهدد أمن وإستقرار الشعوب، وهي تولّد أيضا" مخاطر كبيرة في بنيان المنطقة والعالم، الإقتصادي والإجتماعي والمالي.

 ويتبع ذلك مكافحة تبييض الأموال المرتبط بالإرهاب وبتمويله، إذ تتكاتف حكومات دول العالم والمنطقة العربية من أجل محاربته والتحكم به وبأبعاده الشديدة الخطورة بالنسبة للأمن السياسي والإقتصادي والمالي لدول العالم أجمع.

وواقع الامر، أن تطورات منطقتنا غير معزولة عما يجري في العالم باكمله. وبالاخص في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر 2001، وهي تعكس مشهدين مختلفين يبلغان احياناً درجة التناقض، مشهد ايجابي واعد زاد بريقاً بفعل ارتفاع اسعار النفط ووفرة السيولة المالية وانخراط معظم الدول في مشاريع طموحة للتحرر الاقتصادي والانفتاح والتخصيص وبدء ضخ استثمارات عامة وخاصةً في مشاريع التنمية وتحديث البنى التحتية، ومشهد ضبابي يعكس قدراً اقل من التفاؤل بفضل ازدياد عوامل التوتر والتفجير وامتدادها الى ساحات جديدة، فيما يتأخر حل مشكلات الصراع العربي الاسرائيلي وتتأخر عودة الاستقرار والامن الى العراق.
 
إن القطاع المصرفي العربي ليس بعيدا" عن هذا الواقع إذ هو جزء أساسي من المنظومة الإقتصادية العربية، يتأثر بها ويؤثر فيها، كون هذا القطاع يعتبر أداة التمويل الأولى والرئيسية للإقتصادات العربية والمشاريع الإستثمارية والتنموية وقطاع الشركات وقطاع المستهلكين في عموم الدول العربية. كما أنه أكبر وأهم القطاعات المالية على الإطلاق وذلك على أصعدة الحجم والإمكانات المالية والتمويلية.
 
من هنا، فإن القطاع المصرفي العربي معني اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتحسين قدراته وإمكاناته في مجال إدارة الأزمات، وإدارة المخاطر، ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، والإلتزام بمعايير العمل المالي والمصرفي الدولي، وعصرنة وتطوير قاعدة خدماته ومنتجاته بما يتناسب ومتطلبات الصناعة المصرفية الحديثة، ودعم المشروعات الإستثمارية والتنموية والإجتماعية في المنطقة.  كما أن أصحاب القرار المالي في القطاعين العام والخاص مدعوون معا" لتجنيب الإقتصادات العربية مخاطر الهّزات الإقتصادية، وإن كان لا يمكن دائما" التكهن بوقوعها مسبقا"، ولكن يمكن السيطرة عليها بتمتين البنيان الإقتصادي والإجتماعي عن طريق توجيه العمل الإقتصادي والتمويل المصرفي بإتجاه التنمية المستدامة والمتوازنة.  فتقليص الهوة بين الأغنياء والفقراء في مجتماعتنا لم يعد من باب الإحسان والتقوى، بل هو سياسة إقتصادية نبيهة على المدى المتوسط والبعيد، كما أن أخطار الفساد على الإقتصاد لم تعد خافية على أحد، وأصبح من المسلمات أن الفساد ليس مرذولا" على الصعيد الأخلاقي فقط، إنما هو خطر كارثي على الصعيد الإقتصادي.  ولا بد لمؤتمرنا الذي يبدأ أعماله اليوم تحت عنوان "العمل المصرفي في عالم المخاطر" أن يمر بعمق على كافة الأخطار التي تعيق أو تهدد المصارف، ليس فقط الأخطار ذات الطابع التقني، إذ تتساوي بنظرنا أخطار التسليف والتشغيل بالأخطار الجيو سياسية والأخطار الناتجة عن الخضات الإقتصادية.

أيها الحضور الكريم،
لن تكتمل كلمتي بدون الحديث عن بلدي لبنان، وعن قطاعه المصرفي، فهذا القطاع الناشط يكتسب تباعاً المزيد من نقاط القوة والقيم المضافة التي تدفعه قدماً لتعزيز دوره كقاطرة للاقتصاد الوطني ولحيازة دور اقليمي اكبر حجماً واوسع مساحة، وقد اصبح بموجوداته النامية التي قاربت 70 مليار دولار اي ما يماثل 3,5 اضعاف الناتج المحلي، مركز الثقل النوعي في التمويل وادارة المدخرات الوطنية واستقطاب الرساميل الخارجية، وصمّام الامان الذي يسهم بفعالية بدرء المخاطر النقدية والمالية في الظروف الصعبة والاستثنائية .
صحيح أن الإقتصاد اللبناني مرّ بظروف صعبة، خصوصاً بعد جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إلاّ أنه من الصحيح أيضاً أن لبنان ينجز استحقاقات ذات أبعاد وطنية مهمة وأساسية. ونحن نؤمن بأن لبنان، سيحقق مناخاً سياسياً أفضل سيمهِّد لإنطلاقة إقتصادية جديدة واعدة على كافة الصعد، خصوصاً في ظل الدعم العربي الذي يلقاه من الاشقّاء العرب والاصدقاء في المجتمع الدولي.
ولا بدّ من التأكيد ان الحكم استمرار والدولة لا تنتقل من حال الى حال بالمعنى المطلق أثناء مواكبة وانجاز الاستحقاقات، لكن خصوصية الاوضاع القائمة في العالم وفي المنطقة ربما اضفى على بعض المحطات السياسية ابعاداً جديدة لم تشهدها من قبل. ونأمل ان تبقى محدودة في حجمها وفي تأثيرها، كما نتوسم كل الخير في القيادات السياسية وحكمتها في التعامل مع المستجدات بما يسهم في تعزيز مسيرة الاستقرار السياسي والامني وفي تدعيم النمو الاقتصادي ومعالجة المشكلات القائمة.
وأود في هذا المجال أن اؤكد على دعمنا وتأييدنا للتوجهات الإصلاحية للحكومة اللبنانية على كافة الأصعدة الاقتصادية، ونشدّد على أهمية سعيها لترسيخ الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد، لأنه يشكل صمّام الأمان لأي نهوض وتنمية إقتصادية ومالية وإجتماعية مرتقبة.
ولا شك أن لبنان اليوم أمام فرصة جديدة، أقصد الدعم الدولي الجديد للبنان في إصلاحاته التي تعهدت بها الحكومة الحالية، وعلى اللبنانيين في القطاعين العام والخاص، أن يستثمروا هذه الفرصة وعدم تفويتها، فالفرص لا تتكرر بسهولة.
أكرر ترحيبي بكم جميعا"،
وشــكراً لإصغائكم.

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close