Source: خلال تكريم دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري | 04 May 2005 | Country: Beirut, Lebanon

كلمة الرئيس الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية رئيس جمعية مصارف لبنان في المهرجان التكريمي: لدولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري

كلمة

الرئيس الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية
رئيس جمعية مصارف لبنان


في المهرجان التكريمي:

لدولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري

تنظيم إتحاد نقابات المصارف في لبنان

بيروت – لبنان

4 أيار 2005

 


أصحاب المعالي والسعادة والسيادة،
إخواني، زملائي،
أيها الحضور الكريم،

إذا كان للبنان أن يعتز بسجل رجالاته الكبار، فالرئيس الشهيد رفيق الحريري هو في قلب هذا السجل، تزهو به المواقع التي رفع بها عاليا" إسمه وإسم وطنه لبنان.

لقد ولد رفيق الحريري ونشأ وشب على هذه الأرض، فأحبها وأحبته؛ ولما توجه الى بلاد الإغتراب للعمل، ذهب حاملا" من لبنانه روح الشجاعة والإقدام، وطموحا" يلامس الغمام، وإستقامة وإنفتاحا" على مختلف الناس، الأمر الذي مكنّه من كسب ثقة معظم من تعاطى معه.

أيها السيدات والسادة،

لا أدري من أين أبدأ في الحديث عن الشهيد رفيق الحريري، أأبدأ برفيق الحريري الذي أحب لبنان وعمل لأجله فبادله اللبنانيون هذا الحب، أم أبدأ بالرجل الذي أحبّه العالم كلّه وأحبّوا لبنان لحبهم له، أم أبدأ بالرجل المُحسن الكبير الذي ملأت عطاءاته وأعماله الخيرية لبنان بأكمله.  أم ذلك الرجل الذي حقّق أسطورة طائر الفينيق فنهض لبنان بفضله بسنوات قليلة من تحت الركام ليصبح منارة تجذب القاصي والداني اليها.

عندما نتذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نتذكر رجل الإعمار والإنماء، حيث وضع في أولى أولوياته ومنذ تسلّمه مسؤوليات رئاسة مجلس الوزراء في العام 1992، وخلال الحكومات التي تولّى رئاستها خلال السنوات الماضية، مسألة إعادة إعمار لبنان بعد الحرب، فحصلت في عهده نهضة عمرانية كبرى هي الأكبر في تاريخ لبنان، إذ أعاد بناء وتأهيل وإعمار البنية التحتية التي دمّرتها الحرب، كما أعاد بناء وإعمار وسط بيروت التجاري الذي عاد مرة أخرى قلب بيروت النابض بالحياة ومكاناً لإستقطاب الأعمال والمصارف والسياحة، وأعاد للبنان جزءاً من بريقه الاقتصادي والمالي والتجاري والاستثماري الذي طالما عُرِف به قبل الحرب، فاتحا" الطريق لعودة النمو الى الإقتصاد اللبناني حيث بلغ هذا النمو معدل 5% في نهاية العام 2004.
عندما نتذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نتذكر رجل العلاقات الدولية بإمتياز، الذي أعاد ربط لبنان بالخريطة السياسية والإقتصادية العالمية والإقليمية، بحيث أنه أعاد الثقة بلبنان بعد عزلة طويلة فرضتها بشاعة الحرب التي عصفت به، فقد أغنى وأضاف الكثير إلى علاقات لبنان على كافة الصعد مع أشقائه العرب وأصدقائه الدوليين، وذلك من خلال جعل بيروت عاصمة للمؤتمرات والاجتماعات واللقاءات العربية والدولية الكبرى، وتأمين الدعم المعنوي والمالي العربي والدولي الكبير للبنان في إطار عملية إعماره وإنمائه وإصلاح إقتصاده، فكانت المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر أصدقاء لبنان، ومؤتمر باريس – 1، ومؤتمر باريس – 2، التي شكّلت بنتائجها إشادة دولية عالية على عمق الثقة الدولية والعربية بلبنان ومستقبل لبنان على كافة الصعد.
عندما نتذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نتذكر رجل الاستقرار النقدي والاقتصادي الذي، ومن خلال الحكومات التي ترأسها، عمل على ترسيخ سياسة إستقرار النقد الوطني وإستقرار الاقتصاد اللبناني.  وقد أمّن هذا الاستقرار النقدي والاقتصادي للبنان مناخاً إيجابياً حفّز المستثمرين على العودة للإستثمار في الإقتصاد اللبناني.
ولعلّني أشير هنا إلى أن لبنان احتلّ المرتبة الأولى بين دول المنطقة العربية بالنسبة لإستقطابه أكبر حصة من الإستثمارات البينية العربية الخاصة في العام الماضي والتي زادت على 850 مليون دولار أي ما نسبته 23% من المجموع.
عندما نتذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نتذكر الإنجازات التي حققها القطاع المصرفي اللبناني بشكل ملفت خلال عهده، حيث أضحى حجم القطاع المصرفي أكبر من حجم الإقتصاد الوطني، وأصبح لبنان يتبوأ المركز الأول بين دول المنطقة العربية بنسبة الموجودات المصرفية إلى الناتج المحلي الإجمالي والتي تفوق الثلاثة أضعاف ونصف الضعف، وهذه نسبة عالية جداً بالمقاييس العالمية والإقليمية على حدّ سواء. وأشير هنا إلى شهادات التقدير العالمية التي حصل عليها القطاع المصرفي اللبناني من المنظمات الإقتصادية والمالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين أثنيا في تقاريرهما الدورية عن لبنان خلال السنوات الأخيرة على حسن الإدارة المصرفية، ومتانة الوضع المالي للمصارف، وأمانه المالي العالي، وسلامة سياساته في مجال الربحية وإدارة المخاطر، وحسن مواكبته وتطبيقه لمعايير العمل المالي الدولي. كما نتذكر أيضاً، الدور الكبير والقيادي الذي قام به الرئيس الشهيد في سبيل رفع إسم لبنان عن قائمة مجموعة العمل المالي الدولي (FATF) أو (GAFI) للدول غير المتعاونة في مجال مكافحة تبييض الأموال، وإعادة الإعتبار الى الدور الريادي للبنان كمركز مالي متقدم في المنطقة.
وعندما نتذكر الرئيس الشهيد، نتذكر رجل العلم والعطاء والخير الذي نذر حياته في سبيل نهضة لبنان أيضاً، فقام بتأمين التعليم العالي لأكثر من 35 ألف طالب لبناني من كل الطوائف. فأرسلهم إلى الجامعات الأوروبية والأميركية، وأمّن لهم متطلبات الحياة الدراسية المعيشية منها والأكاديمية. وكان في ذلك يهدف بشكل رئيسي إلى ضخ المزيد من المتعلمين في بنية المجتمع اللبناني، وفي النشاط الإقتصادي، وإبعاد هؤلاء الشباب عن دوامة الحروب الداخلية التي كانت تعصف بلبنان.
كان همه الأساسي أن يشكّل لبنان علامة مميزة في المنطقة، وأن يخرجه من آتون الحرب، وأن يعيد له سمعته الدولية التي فقدها خلال الحرب، وأن يصبح لكل لبناني في العالم مكانة مرموقة، وأن يمحو صورة العنف التي رسمتها الحرب في لبنان على جبين كل اللبنانيين.
كما أعاد الرئيس الشهيد بناء الجامعات اللبنانية وطوّر أداءها، وبنى صروح المعاهد المهنية والتقنية لمواكبة متطلبات العصر.

إن قدر رفيق الحريري أن يذهب باكرا" الى جنة الخلد لينال ثوابا" لما فعلت يداه من خير للبنان وأبنائه.  ولكن أثار مروره على هذه الفانية باقية أبد الدهر، فالموت لن يغّيب افعاله وأثاره الحميدة. 
وقد صح في موته قول الشاعر:
والموت في الارض لإبن الأرض خاتمة
       وللأثيري فهو البدء والظفر

وقد كرمّه الله بأن ختم حياته بالشهادة، فكان إستشهاده زلزالا" هزّ الضمير الوطني والعالمي، وبداية لإنطلاقة أسطورة الرجل الذي ملأ الدنيا وشغل الناس في حياته، وها هو يتابع الرسالة من ضريحه الذي شهد أعلى تجليات الوحدة الوطنية.
رحم الله الشهيد رفيق الحريري وجعل من روحه شعلة مضيئة للأجيال اللبنانية الصاعدة لبناء لبنان أفضل
وشـــكـــرا"

 

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close