Source: خلال تكريم الوزيرين عدنان القصار وموريس صحناوي | 08 February 2005 | Country: Beirut, Lebanon

كلمة رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه في حفل الغداء التكريمي للوزيرين عدنان القصار وموريس صحناوي

كلمة رئيس جمعية مصارف لبنان

الدكتور جوزف طربيه

 

في حفل الغداء التكريمي للوزيرين

عدنان القصار وموريس صحناوي

 


بيروت في 8/2/2005

فندق البريستول

 

 

 

دولة الرئيــس،
أصحاب المعالي  والسعادة ،
أيها المصرفيون والإعلاميون الكرام ،
 
 بإسمي وبإسم زملائي في مجلس إدارة الجمعية يطيب لي ويشرفني بداية أن أرحب بدولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ عمر كرامي وبزملائه الوزراء وبهذا الحشد المميز من رؤساء الهيئات الاقتصادية والصحافة والمصرفيين حيث نلتقي اليوم جميعاً لتكريم شخصيتين مصرفيتين وزميلين عزيزين، هما الرئيس عدنان القصار والاستاذ موريس صحناوي، وأن نحتفي معاً بانضمامهما الى عضوية مجلس الوزراء في التشكيلة الحكومية الأخيرة. فاختيار الصديقين القصار وصحناوي هو في حدّ ذاته تكريم للقطاع المصرفي بأسره واعتراف بتميّز رجالاته وبأهمية وفعالية دوره في إدارة الشأن العام، كما في إدارة المؤسسات الخاصة.

كما أن لهاتين الشخصيتين المرموقتين من المؤهلات ومن الخبرة المهنية ما يعزّز آمالنا بأن تتمكّن السلطة التنفيذية، رغم ضيق الفسحة الدستورية المتاحة لها، من استكمال السياسات التي توفّر  للقطاع الخاص بعض الشروط الأساسية للعمل والإنتاجية والنمو، من خلال تفعيل اتفاقيات التعاون الاقتصادي بين لبنان وعدد كبير من الدول. كما من خلال تخفيض كلفة الخدمات الإدارية والتعرفات والرسوم، بالإضافة إلى أعمال البنية التحتية. إن تفعيل الآليات العامة للنشاط الاقتصادي بات ضرورة ملحة تخفيفاً للأعباء على الاقتصاد الوطني، بوجه عام، وعلى القطاعات المنتجة ، بوجه خاص.


أيها السيدات والسادة،

لقد شهد النشاط الاقتصادي في العام المنصرم تحسناً ملحوظاً حيث سجل النمو معدلاً قارب الـ 5% حسب صندوق النقد الدولي نتيجة ارتفاع الطلب الداخلي والخارجي على السلع والخدمات اللبنانية وزيادة الاستثمار في بعض القطاعات والأنشطة. وتشير التوقعات الدولية ذاتها إلى إستمرار منحى النمو هذا ولو بمعدلات أدنى عام 2005. ولكن عودة الاقتصاد اللبناني إلى مسار النمو وبغض النظر عن معدلاته يشكل تطوراً إيجابياً طال انتظاره. ونأمل تدعيمه بسياسات إقتصادية ومالية مؤاتية نعي جميعاً صعوبتها ومعوقاتها.  ولكن اطلاقها عاجلاً وإرساء اسسها الآن أفضل من كلفة الانتظار والتأجيل أياً تكن فسحة الوقت المتاح.
ونقول قولنا هذا ليس من موقع المتفرج أو المراقب أو المحلل بل من موقع الشريك مع الحكومة في العمل.

 سيداتي سادتي،

 لقد جرى في العامين الماضيين إعادة هيكلة جذرية لمديونية الدولة أفضت إلى خفض كلفة الدين العام وإطالة آجاله وتحسين بنيته فاستقرت نسبة الدين إلى الناتج عند نسبة 180% وانخفضت بنتيجتها خدمة هذا الدين العام من 46% إلى 37% كنسبة من النفقات ومن 80 إلى 50 بالمئة كنسبة من الإيرادات العامة.  وهذا تطور تخطى في وتيرة إنجازه كل التوقعات بما فيها توقعات صندوق النقد الدولي.  وكان هذا النجاح ممكناً بفضل تضافر ثلاثة عوامل : المساعدة الخارجية ومساهمة القطاع المصرفي وأخيراً الجهد الضريبي للبنانيين خاصة من خلال ضريبة القيمة المضافة.

ولا نغالي إذا قلنا أن مساهمة القطاع المصرفي، لعبت نظراً لحجمها واستمراريتها، الدور الحاسم في إعادة هيكلة الدين العام. ونستمر في دورنا هذا مع الحكومة الجديدة من خلال تجديد الديون عند استحقاقاتها ومن خلال عمليات السوابات بالليرة والعملات وأخيراً من خلال الاكتتابات الجديدة بالأوراق الحكومية المصدرة محلياً أو في الأسواق العالمية.  فحجم التمويل وإعادة التمويل للخزينة لفترة الأشهر الثلاثة الماضية وللأشهر الثلاثة القادمة جاورت الثماني مليارات من الدولارات دون احتساب ما رفدنا ونرفد به البنك المركزي من ودائع بالعملات تدخل ضمن احتياطاته من العملات الصعبة ما يجعل الاستقرار النقدي ممكناً.

 طبعاً يندرج تعاوننا مع الخزينة والمركزي في سياق المصلحة المشتركة إذ باتت توظيفاتنا هذه تزيد عن 50% من إجمالي موجوداتنا كما يندرج في سياق إكساب الدولة وقتاً ثميناً لإرساء المعالجات التي تسمح بعودة النمو الى الاقتصاد. وهو الهدف الذي نتطلع إلى تحقيقه من خلال سياستنا . ذلك أن النمو الاقتصادي الفعلي بما هو خلق فرص عمل ومداخيل جديدة قادر وحده على استيعاب أزمة المديونية العامة ومنع المخاطر الماكرواقتصادية من التحقق.  ولقد شكلت إعادة هيكلة المالية العامة خلال السنتين الماضيتين والتي ذكرتها أعلاه مدخلاً للتصحيح المالي والاقتصادي.  ولكن لنعترف بصراحة إن مقاربة الاختلالات البنيوية بهـذه الطريقة قد وصلت إلى حدودها القصوى.  فلم يعد متوفراً تخفيض كلفة الدين أكثر مما جرى بل من المتوقع مع التغييرات العالمية أن ترتفع. ويصعب كذلك توقع تدفق المساعدات الدولية في ظل القرار 1559.  كما ستكون زيادة العبء الضريبي على الناس بدورها صعبة وقد ارتفعت من 19% إلى 25% خلال العامين الماضيين كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي. وهكذا فإن مقاربة التصحيح من خلال وصفة المؤسسات الدولية، البنك والصندوق، والقاضية بزيادة الفائض الأولي وصلت إلى نهايتها . والمطلوب اليوم إصلاح اقتصادي ومالي حقيقي يتخطى مقولة زيادة الإيرادات وضغط النفقات العامة.  وبديهي أننا لا نطلب من هذه الحكومة، وخلال الفترة القصيرة لحكمها أن تأتي بحل شامل لمشاكل المالية العامة.  إنما نطلب منها أن تأتينا بجرعات متوالية من التدابير والقرارات ومشاريع القوانين التي تظهر وجود نية حازمة لإعتماد إصلاحات مالية وإقتصادية تقضي الى وقف الهدر وخفض عجز الموازنة وتحريك عجلة الإقتصاد.  لقد كانت باكورة أعمال حكومتكم في هذا الإتجاه تشكيل فريق عمل برئاسة وزير المالية لإيجاد المعالجات المطلوبة، كما أن إلتزام وزارة المالية بعدم تعدي سقف إنفاق عام 2004 يشكل خطوة أخرى إيجابية، وكذلك الجهد الذي يبذله معالي وزير الاقتصاد الوطني لتفعيل وإعادة تصويب الاتفاقات الدولية مع سوريا والاتحاد الأوروبي والانضمام الى منظمة التجارة العالمية وإتفاقيات تحرير تجارة الخدمات العربية. وأخيراً وليس آخراً ما يقوم به معالي وزير الطاقة والمياه لمعالجة الاختلالات المزمنة في كهرباء لبنان وما تشكله من نزف خطير للمالية العامة والعملات الصعبة هو ايضاً خطوة في الاتجاه المطلوب.

وإننا إذ نسجل لدولتكم وزملائنا في حكومتكم هذه الجهود المشكورة، ننظر بقلق الى الشرخ السياسي الكبير السائد في البلاد والذي يهدد في حال توسيعه بأوخم العواقب على الصعيد الوطني، وكذلك على تدفقات الإستثمار والتحويلات الى لبنان، وندعو بإلحاح الى إحتواء كافة التوترات بالحكمة والحنكة والروية حتى لا يتداعى الهيكل على رؤوس الجميع.


 دولة الرئيس ،
 ايها الحفل الكريم ،

لقد بلغ مجموع ميزانية المصارف التجارية ما يعادل 68 مليار دولار مع نهاية العام 2004. نوظف منها باستثناء أصولنا الثابتة 76 في المئة أي ما يقارب 52 مليار دولار في الاقتصاد اللبناني عشرون منها لدى المركزي وستة عشر ملياراً لدى الدولة وما يوازيها لدى القطاع الخاص . أما الأصول المتبقية بشكل موجودات خارجية فنستخدمها ايضاً لتسهيل التبادل التجاري السلعي والخدماتي مع الخارج أي لمواكبة عمل اللبنانيين أفراداً ومؤسسات ومقيمين وغير مقيمين في الأسواق العالمية العربية والعالمية. إن هذا الحجم من الموجودات الذي يقارب ثلاثة مرات ونصف حجم الناتج المحلي للبلد يؤشر من جهة الى مكانة القطاع المصرفي ولكنه يلقي على عاتقنا كمصرفيين حملاً ثقيلاً إن لناحية توفير عوائد مجزية له بدأ الاقتصاد الوطني يضيق بها وإن لناحية حمايته من المخاطر السيادية والماكرواقتصادية الآخذة في التزايد. ولذا نقول مجدداً أن الحل يكمن بعودة النمو الى الاقتصاد أي بتكبير قالب الحلوى المطلوب توزيعه ومرةً أخرى المدخل اليه يتمثل في مقاربة جديدة للتصحيح المالي والاقتصادي. وسنكون في القطاع المصرفي على استعداد للتعاون في إرسائه خاصةً إذا اتّصف بالجدية والعمق على الصعيد الداخلي وبالمصداقية والمساعدة من قبل المجتمع الدولي المتمثل خاصةً بالسوق الأوروبية والمؤسسات المالية الدولية.
 
 وفي الختام، إننا إذ نهنّىء أنفسنا كما نهنّىء الرئيس عدنان القصار والاستاذ موريس صحناوي بتولّيهما حقيبتين وزاريتين، لا يسعنا غير أن نتطلّع معهما، ومع سائر أصحاب النوايا الطيّبة والروح الوطنية الصادقة، الى أن  تُستكمل عملية الاصلاح بمختلف أبعادها السياسية والإدارية والقضائية والاقتصادية.  ونجدد ترحيبنا وشكرنا لكم يا دولة الرئيس لحضوركم معنا اليوم كما نشكر ضيوفنا الاكارم وزملاءنا المصرفيين لمشاركتنا هذا التكريم.

 وشــكــراً لــكــم.

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close