Source: الديون المتعثرة والمعالجات المقترحة لها | 21 May 2003 | Country: Beirut, Lebanon

كـلـمـة رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه في المؤتمر الصحفي في 21 أيار 2003

 

 


كـلـمـة


رئيس جمعية مصارف لبنان
الدكتور جوزف طربيه


في المؤتمر الصحفي في 21 أيار 2003


 
أيهـــا الاعلاميـــون الكـــرام ،

إننا نرحّب بكم في مقرّ جمعية مصارف لبنان شاكرين لكم تلبية دعوتنا إلى هذا المؤتمر الصحافي، الذي سنطرح فيه موضوع الديون المتعثرة والمعالجات المقترحة لها وموقف جمعية المصارف منها.

شهدنا في الفترة الاخيرة حركة مطلبية تنادي بمعالجة وضع بعض الديون المصرفية التي يشكو أصحابها من عجزهم عن تسديدها.  وقد وجه رئيس إتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان بتاريخ 24 آذار 2003 كتابا" الى جمعية المصارف طالبا" إيجاد آلية توافقية لحل هذا الموضوع، وقد أعطت جمعيتنا طلب إتحاد الغرف أقصى الأهمية تعبيرا" منها عن رغبة المصارف في المحافظة على أفضل الصلات مع مختلف الهيئات الإقتصادية.  وقد عقدنا إجتماعات مع رئيس إتحاد الغرف ومع بعض رؤساء وممثلي الفعاليات الإقتصادية لبلورة مشروع حل يحترم من جهة حق المصرف في ولوج السبل القانونية لتحصيل ديونه، ويوفر من جهة أخرى آلية وساطة إختيارية تشرف عليها الجمعية للمساعدة في حل بعض الديون الصعبة التي يتوافق المصرف والعميل على ولوج باب الوساطة لحلها. وبالنظر لدقة الموضوع، كلفت الجمعية مستشارها القانوني وضع مشروع تفصيلي يحفظ حقوق الدائن والمدين، وأبلغته إتحاد غرف التجارة لدرسه بغية إعتماده.

ويبدو أن روح التسوية التي أظهرها مجلس إدارة جمعيتنا لم يرض بعض الفئات التي تضغط على الهيئات الإقتصادية، وقد فوجئت جمعيتنا بالحملة التي تقوم بها بعض التجمعات والمنادية بجدولة عامة للديون، ووقف دعاوى الإفلاس أمام المحاكم، وشطب جزء من الفوائد المتراكمة، الى ما هنالك من مطالب تصلح لهز البنية الائتمانية للبنان وتشويه سمعته الإقتصادية من خلال التشكيك بملاءة مؤسساته الإقتصادية، وقدرتها على تسديد تسليفات المصارف، مما يؤدي بالتبعية الى التشكيك بملاءة المصارف نفسها من جراء وصف ديونها للقطاعات الإقتصادية بالهالكة والمتعثرة، وينعكس بالتالي على ثقة المودعين والمتعاملين.

إن جمعية المصارف تدعو الرأي العام اللبناني والمسؤولين الى الحذر من هذا الطرح لجدولة الديون الذي يتوسل أصحابه التهرب من دفع الديون المتوجبة عليهم للمصارف، وتعطيل الآليات القضائية التي نص عليها القانون اللبناني بحق المتخلفين عن الدفع.  وخلافاً لما تحاول ترويجه بعض الأوساط بشأن عدد الدعاوى والأحكام الافلاسية فان نسبتها متدنية جداً قياساً إلى عدد ملفات التسليف. وقد نشرت أول أمس إحدى وسائل الاعلام الكريمة إحصائية بهذا الصدد معبّرة .

وبالرغم من تدني نسبة الملفات التي تصل إلى المحاكم فان إدارات المصارف تحرص كل الحرص على إستنفاذ كافة سبل تسوية النزاع مع العميل قبل الوصول به إلى المحاكم. وحتى أثناء فترة مراجعة المحاكم نستمر في بذل كل المساعي لحل المسائل حبّياً، والوصول إلى تسويات معقولة ومقبولة للطرفين . إن التقاضي مع العملاء أكره الحلال لدى المصارف .

ومن هذا المنطلق، كان تجاوب جمعية المصارف مع مسعى إتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان الهادف بدوره إلى إيجاد آلية لتسوية حبية لمشكلة الديون التي تعاني منها بعض المؤسسات. فكان أن اقترحت جمعيتنا إنشاء هيئة وساطة لديها من أجل تسوية المشكلات العالقة والنزاعات التي قد تستجدّ مع عدد من المؤسسات من مختلف القطاعات، أو من أجل تدارك المراجعات القضائية بشأن بعض ملفات التسليف ، ضمن النظم والتشريعات المرعية الاجراء، وفي إطار العقود القائمة بين المؤسسات المعنيّة ومصارفها.

ومن الواضح أن آلية الوساطة هذه تتعاطى مع الحالات الافرادية وليست تحكيماً، إذ تسعى إلى تقريب وجهات النظر بين المصرف المعني والزبون، وإلى إيجاد توافق حبّي بينهما، تفادياً لنزاع محتمل أو سعياً لإعادة تشغيل الحساب مقابل ضمانات إضافية.

وإن آلية الوساطة والمراجعة هذه، وكذلك موقفنا الرافض جملة وتفصيلاً لفكرة إعادة الجدولة، هما موضوع تشاور وتوافق مع السلطات النقدية، كون ان الطرح الرامي الى جدولة عامة للديون يوحي وكأن لبنان أو بعض قطاعاته الاقتصادية هما في حالة إفلاس، لا سمح الله، علما" أن الجدولة الشاملة لا تبرر إلا في حالات الإنهيار الاقتصادي الشامل الناتج عن حروب مدمرة، وتخلف الدولة عن السداد، وإنهيار النقد الوطني، وهي حالات لا يواجهها لبنان إطلاقا".  وإننا نرى بالتالي أن هذا الطرح الخطير للجدولة الشاملة من شأنه:

- أولا":  أن يُلحق ضرراً فادحاً بسمعة لبنان وقطاعاته الاقتصادية.
- ثانياً: أن يؤثر سلباً على تصنيف لبنان ومركزه الائتماني لدى الأسواق العالمية والمؤسسات الدولية.
- ثالثاً: أن يشكل عائقاً أمام التسهيلات التجارية الممنوحة من قبل الموّردين الخارجيّين للتجار والصناعيين في لبنان.
- رابعاً: أن يجعل مصارفنا تتردّد في إعطاء أي تسليف جديد للإقتصاد، طالما يزعم الزاعمون أن البلاد في أزمة وأن مصير كل دين جديد هو كالديون السابقة، عرضة لعدم الدفع، وللجدولة، وللإخلال بالعلاقة التعاقدية بين المصارف والعميل.

وفي الختام لا بد لجمعية المصارف أن تذكر الرأي العام بالدور الرائد الذي لعبه القطاع المصرفي وما زال يلعبه في تاريخ لبنان المعاصر وفي الحياة الاقتصادية للبلاد.  فهو محفز النمو، وهو ملتزم بالاقتصاد اللبناني حيث تتجاوز محفظة تمويله للقطاع الخاص 15 مليار دولار  اميركي، إضافة الى تأمين الحاجات التمويلية للقطاع العام، وحمله الجزء الأكبر من الدين العام.  وقد لعب القطاع المصرفي دورا" مفصليا" في تفعيل منجزات مؤتمر باريس2  بحيث شكل العنصر الحاسم في تثبيت نتائج المؤتمر المذكور من خلال الدعم المالي غير المسبوق الذي قدمه لتخفيف عبء الدين العام، وفي سبيل توفير الشروط المؤاتية لخروج لبنان من أزمة ماليته العامة وتحفيز مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي في البلاد.

ولئن كانت المصارف حريصة كل الحرص ، من جهة ، على أموال المودعين التي هي أهم مواردها، ومن جهة أخرى، على سلامة العمل المصرفي في ظلّ المتطلبات المتزايدة التي تفرضها معايير الصناعة المصرفية الدولية، إلاّ أنها أبدت ولا تزال تبدي الاستعداد الصادق لمساعدة المؤسسات الاقتصادية، وبخاصة تلك التي تتمتّع بادارة مالية سليمة وبشفافيّة محاسبيّة أكيدة ، على معالجة الضائقة الظرفية التي تجتازها لتمكينها من تخطّي الأوضاع الاستثنائية التي تعانيها ومن الايفاء بالتزاماتها أو إيجاد الحلول المعقولة للحالات الفردية الصعبة أو للملفات المتعثرة؛ وهي بالتالي على استعداد لجدولة ديون من يستحق مثل هذه التسوية، ولكنها ترفض رفضا" باتا" أي تدبير يجري فيه الخلط بين المتعثر المستحق للتسوية، وغيره من غير المستحقين الذي يدعون للافادة من طرح يشوه سمعة لبنان الاقتصادية ويؤدي الى تخفيض تصنيفه الائتماني وهز الثقة بمصارفه.  ونحن سنتصدى لهذه الموجة وندعو زملاءنا رؤساء الهيئات الاقتصادية للتصدي لها معنا لانهم بالنتيجة هم المتضررون الاول منها؛ لأنها ستؤدي عمليا" الى وقف إعطاء كل تسليف جديد للقطاعات الإقتصادية.

أيهــا الســـادة ،

لقد شئنا أن نعرض لوسائل الاعلام حقيقة موقف جمعيتنا إنطلاقاً من حرصنا المعهود على الصراحة والوضوح، ومن تحسُّسنا الدائم بالمسؤولية القطاعية والوطنية. ونحن إذ نتمنى على مختلف ممثلّي الاعلام اللبناني نقل موقفنا هذا إلى الرأي العام منعاً لأي إلتباس ودحضاً لكل ما يروّج من مزاعم وطروحات ليست في موضعها الصحيح، نؤكد مجدّداً رغبتنا في التعاون المخلص مع السلطات الرسمية والهيئات الاقتصادية المعنيّة للقيام بكل ما من شأنه تسريع وتيرة النمو في البلاد، وإخراج البلاد من حالة الركود المسؤولة عن جزء من حالات التعسّر بينما تعود مسؤولية القسم الاكبر من حالات التعسّر حسب ما يتوفرلدينا من معلومات لاسباب ترتبط بالادارة وأحياناً بسؤ الادارة حتى لا نقول أكثر.

وطبعاً نحن أبناء أسرة وطنية كبيرة واحدة وسنبقى كلما اقتضت الضرورة على تواصل مع مختلف الافرقاء، كما مع وسائل الاعلام، لتوضيح الأمور والمواقف.

وشكـــــــراً لكـــم.
 

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close