Source: العودة إلى المستقبل | 02 July 2002 | Country: Beirut, Lebanon

كلمة الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس الإدارة إتحاد المصارف العربية في حفل إفتتاح المؤتمر المصرفي العربي "العودة إلى المستقبل"

كلمة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس الإدارة
إتحاد المصارف العربية

في حفل إفتتاح
المؤتمر المصرفي العربي
"العودة إلى المستقبل"


الذي ينظمه
إتحاد المصارف العربية


بيروت 2-3/7/2002
فندق فينيسيا أنتركونتيننتال

 

 

أصحاب المعالي والسعادة،
إخواني، زملائي،
سيداتي، سادتي،

 يطيب لي بإسم إتحاد المصارف العربية، أن أرحب بكم جميعاً، في هذا المؤتمر المصرفي العربي، الذي يعقد بمشاركة هذه النخبة المتميزة من قيادات العمل المصرفي والإقتصادي العربي في القطاعين العام والخاص.

كما يطيب لي أن أشكر دولة الرئيس رفيق الحريري لرعايته الكريمة لهذا المؤتمر، وكذلك دولة لبنان، رئيس وحكومة وشعباً، لإستضافتها مؤتمرنا في ربوعها.

ولا يفوتني أيضاً أن أشكر كل الجهات المتعاونة مع إتحاد المصارف العربية في تنظيم هذا المؤتمر وهي : منظمة الإسكوا، مصرف لبنان، إتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان، وجمعية مصارف لبنان.

أيها الحضور الكريم،

شهدت إقتصادات المنطقة، منذ بداية عقد التسعينات، تحولات إقتصادية عميقة الأبعاد، في ظل برامج الإصلاح الإقتصادي التي تبنتها غالبية، إن لم نقل كل الدول العربية.  وفي واقع الحال، فإن مسيرة الإصلاح هذه حققت العديد من النجاحات، لكن تباطؤاً حصل في بعض جوانبها، لا سيما على صعيد الخصخصة وتشجيع الإستثمار الأجنبي، مما حال دون تحقيق الفوائد والمكاسب الإقتصادية والمالية كاملة وفق ما هو منشود.
 

كما أن مسيرة التكامل الإقتصادي الإقليمي على مستوى المنطقة شهدت هي الاخرى تباطؤاً وبقيت درجات التعاون الإقتصادي دون المطلوب والمأمول، بحيث أن الإنتقال من عملية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى الى السوق العربية المشتركة لا تزال تشوبها الكثير من الظروف والأوضاع غير المؤاتية.

هذا في الوقت الذي تقف فيه دول المنطقة على عتبة إستحقاقات إقتصادية دولية كبرى، مثل الشراكة مع أوروبا والإنضمام الى منظمة التجارة العالمية وقرارات لجنة بازل الجديدة وتطورات الصناعة المصرفية الحديثة، وهي تتطلب تحضيرات وإستعدادات عربية سريعة ومتكاملة، تجنباً للتحديات والتهديدات الجديدة التي تطرحها، وللإستفادة أيضاً من الفرص التي تتيحها، وتعزيزاً لمكانة الإقتصاد العربي والقطاع المصرفي العربي على الخارطة الإقتصادية والمالية الدولية.

في غضون ذلك، تشهد الساحة الدولية والإقليمية تطورات متسارعة لعل أبرزها القيود الناشئة في وجه العولمة الإقتصادية والمالية، وإستمرار الصراع العربي الإسرائيلي الذي يضع مجدداً منطقتنا أمام تحديات مصيرية، إرتفعت وتيرتها بعد أحداث 11 ايلول/سبتمبر الماضي والتداعيات التي تركتها على أصعدة الأمن والسياسة والإقتصاد، وتأثيرات كل ذلك على الإقتصاد العربي وقضية إندماجه بالإقتصاد العالمي.

وهذه التطورات لها أبعادها الإستراتيجية بالنسبة لنا كعرب، خاصة ونحن قد تبنينا منذ عقد ونيف برامج للإصلاح الإقتصادي وتحرير النشاط المالي والإندماج في الإقتصاد العالمي، إيماناً منا بأهمية مجاراة التطور العالمي وضرورة تنمية إقتصاداتنا. كما تبنينا توجهاً ثابتاً للمضي قدماً في عملية السلام العادل والشامل في المنطقة والمشاركة في ترسيخ ركائز الإستقرار في العالم.
 

وهنا نطرح على أنفسنا التساؤلات التالية:

هل نواصل عملية إندماجنا في الإقتصاد العالمي أم نخفض من وتيرة هذا الإندماج؟.. وهل نتبنى موقفاً إيجابياً أم سلبياً بالنسبة لمتطلبات التعامل التجاري والمالي وشروط إنتقال الأشخاص الجديدة المستجدة عالمياً؟.. وهل ننغلق عربياً أو ننفتح على المبادرات الآتية من هنا أو هناك لإحلال السلام في المنطقة؟... وهل ننخرط في الإتفاقيات والشراكات الدولية مع هذه المجموعة أو تلك في أقاليم العالم؟

إننا إزاء هذه التطورات، لا نملك في الواقع سواء خيار مواصلة عملية إنفتاحنا على الإقتصاد العالمي لكي نتجنب التهميش الإقتصادي والمالي دولياً، مع ما يقتضيه ذلك من إلتزامنا الثابت بمتطلبات ومعايير العمل الإقتصادي والمالي الدولي.

 كذلك لا نملك سوى خيار مواصلة الإصلاحات المالية والإقتصادية والإستثمارية والتجارية على نحو واسع لتوسيع آفاق النمو والتنمية.

 كما علينا تطوير إندماجنا الإقليمي، أي الإندماج ضمن المنظومة الإقتصادية العربية، جاعلين الإقتصاد لا السياسة القوة المحركة لتوجُّهاتنا التعاونية والتكاملية في المجال الإقتصادي.

ايها السيدات والسادة،

إن مصارفنا العربية إزاء هذه التطورت الدولية والإقليمية ترى نفسها أمام إستحقاقين أساسيين: الأول، ضرورة تعميق إندماج الإقتصادات العربية ضمن المنظومة الإقتصادية الدولية من أجل تعظيم إستفادة هذه الإقتصادات من حركة التجارة والإستثمارات. إذ أن وزن الصادرات العربية في الصادرات العالمية لا يزيد على 4%، ووزن المستوردات العربية في المستوردات العالمية لا يزيد على 3%، كما أن حصة الدول العربية من إجمالي حركة الرساميل الخاصة المتنقلة عبر حدود العالم لا تزيد على 2% في أحسن الأحوال.

أما الإستحقاق الثاني، فيتمثل في ضرورة قيام المصارف العربية بجهود مكثفة نحو تسريع عملية التكامل بين الإقتصادات العربية وتنويع القاعدة الإنتاجية لدولنا، وعلى النحو الذي يكفل تفعيل التجارة البينية وبالتالي زيادة فرص النمو.  فوزن التجارة البينية في إجمالي التجارة العربية لا يزال دون 10% رغم المحاولات الجادة لإقامة منطقة عربية للتجارة الحرة. كما أن الإستثمارات البينية العربية، في ظل إقتصاد عربي يزيد ناتجه المحلي على 700 مليار دولار، لم تزد سنوياً خلال الأعوام الخمس الأخيرة على 2.5 مليار دولار، في وقت تزيد فيه الرساميل العربية الموجودة في الخارج على 1000 مليار دولار.

 إن هذه الحقائق والمعطيات تشير الى عدة توجهات لا بدّ أن تتبناها مصارفنا العربية خلال المرحلة القادمة لكي تكون أقدر على مقابلة هذين الإستحقاقين:

 التجميع، أو الدمج والتملك، ليس فقط ضمن الحدود الوطنية، بل عبر الحدود ضمن المنطقة العربية، لأن ذلك يساعد على قيام وحدات مصرفية أكبر حجماً وأقدر على تمويل مشاريع التنمية المحلية والمشروعات المشتركة العربية.

 تطوير الإمكانات الذاتية في مجالات عمل جديدة أهمها إدارة المحافظ الإستثمارية وإدارة الأصول وتوفير الخدمات المصرفية الخاصة لكبار الأثرياء، الأمر الذي يساعدنا على تطوير أسواقنا المالية وإستقطاب المدخرات والإستثمارات العربية المغتربة.
 

 تطوير الإمكانات الذاتية أيضاً في حقول الإدارة والتمويل والمساهمة وتوفير المشورة المالية للأنشطة الإقتصادية الرئيسية والمشروعات الإستثمارية الكبرى في الدول العربية، حتى لا يبقى ميدان تمويل المشروعات ساحة مفتوحة بشكل رئيسي أمام المصارف العالمية الكبرى، وحتى تتنوع القاعدة الإنتاجية للدول العربية.

 التبني المتواصل لمعايير وقواعد العمل المالي والمصرفي الدولي، الأمر الذي يعزز من الثقة الدولية بالمصارف العربية ومن إنخراطها في الجهود الدولية لتعزيز الإستقرار المصرفي العربي.

أيها الحضور الكريم،

 إننا على ثقة تامة بأن قطاعنا المصرفي العربي قادر على مواصلة مسيرة التطور والإنجاز، رغم ظروف الإقتصاد العالمي الجديدة، وضغوط عملية النمو والتنمية في المنطقة العربية.

 لقد إستطاعت مصارفنا العربية متابعة مسيرتها الناجحة والمميزة خلال العقد الماضي، سواء كان بالنسبة لتعزيز رساميلها الخاصة، ورفع فعالية أدائها وكفاءة مواردها البشرية، وتحسين آليات إدراتها للمخاطر، أو بالنسبة للتحديث في التكنولوجيا والمنتجات والخدمات المصرفية والمالية، أو بالإلتزام بآخر المستجدات على صعيد المعايير المصرفية الدولية ومتطلبات الرقابة ومكافحة تبييض الأموال، أو على صعيد تحقيق الربحية والتوسع في السوقين الداخلي والخارجي.

 وهذه التطورات هي التي جعلت حجم قطاعنا المصرفي العربي يتضاعف، بحيث باتت موجوداته الإجمالية تزيد اليوم على 577 مليار دولار في نهاية العام الماضي، وأمواله الخاصة 50 ملياراً، وقاعدة ودائعه 385 ملياراً، وهو يعمل بمعدل ملاءة مالية يناهز 15% وبمعدل عائد على حقوق الملكية يزيد على 14.2%. كما أن حجم أصوله يوازي ما نسبته 82.5% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية ككل، وهذه من النسب الكبيرة جداً بالمقاييس العالمية.

وختاماً، أيها السيدات والسادة،

 إن دولنا تسعى جاهدة اليوم لإحتلال مراكز متقدمة ضمن خريطة الإستثمار والمال العالمية... كما أن مصارفنا العربية تسعى بشكل حثيث الى تبوؤ مراكز متقدمة ضمن القطاع المصرفي العالمي.

 والأمل معقود علينا، كرجال مصارف ومال، في تأمين هذه التطلعات والطموحات.

 أشكركم على حسن إصغائكم، متمنياً للقائنا اليوم كل التوفيق والنجاح.
 

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close