Source: تبييض الأموال | 09 January 2002 | Country: Bierut, Lebanon

الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية في حفل إفتتاح نـدوة: "تبييض الأموال"

كلمــة
ـــــ
الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية

 

في حفل إفتتاح

نـدوة:
ــــ
"تبييض الأموال"

بيروت – لبنان
9-11/1/2002

 


 

أصحاب المعالي والسعادة،
إخواني، زملائي،
أيها الحضور الكريم،

 يسعدني أن أرحب بكم أجمل ترحيب في هذه الندوة المصرفية المتخصصة التي ينظمها إتحاد المصارف العربية في لبنان. وأهلاً وسهلاً بضيوفنا الأعزاء في بلدهم الثاني لبنان، متمنياً لهم طيب الإقامة في ربوع بلدنا.

 وأسارع هنا إلى توجيه عميق الشكر والتقدير إلى سعادة الأستاذ فهيم معضاد، نائب حاكم مصرف لبنان الذي تكرم برعاية وإفتتاح أعمال ندوتنا، والحريص دائماً على إحتضان مثل هذه اللقاءات المصرفية العربية إيماناً منه بأهمية الدور الذي يقوم به إتحاد المصارف العربية في معالجة قضايا الساعة التي تشغل بال رجال المصارف العربية.

أصحاب المعالي والسعادة،
إخواني، زملائي،
أيها الحضور الكريم،

 يكتسب لقاؤنا اليوم أهمية بالغة، بالنظر الى عمق التحولات والتطورات الحاصلة دولياً، وعلى أصعدة السياسة والأمن والإقتصاد والعمل المصرفي، حتى بات الجميع يعيش اليوم دقائق "إقتصاد عدم التأكد والقلق" بالنسبة للمستقبل، مع ما يتضمنه ذلك من تحديات جديدة لنا كحكومات وكمصارف وكأسواق مالية.
 

 إن العمل المصرفي في العالم تسوده اليوم حالة تنبه قصوى، لأن المصارف تعتبر إحدى "ساحات" الحرب على تبييض الأموال والإرهاب، وهذا الواقع يفرض إهتماماً خاصاً يستدعي إيجاد الأجهزة والإجراءات المساعدة في الحرب الدولية على الإرهاب والأموال التي تغذيه، وإن المصارف مطالبة بالحذر والتعاون في مسألة اللوائح التي تردها من المرجعيات الدولية، في شأن حسابات يشتبه في علاقتها بالموضوع الإرهابي.

 وقد زاد هذا التطور العالمي المستجد من أهمية موضوع تبييض الأموال الذي حظي بإهتمام بالغ من قبل الحكومات والمنظمات والمؤسسات في أنحاء العالم خلال العقد الماضي، خاصة بعدما تفاقمت هذه الظاهرة وإزدادت درجة تعقيدها وكبر حجم عمليات تبييض الأموال الملوثة الناتجة عن أعمال وأنشطة غير مشروعة قطرياً ودولياً، هذا إلى جانب إنعكاساتها السلبية على العمل الإقتصادي والمصرفي حول العالم.

 وقد إستدعى تطور عمليات تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب بلورة جهود عالمية منسقة ومنظمة لمكافحتها، شارك فيها أعداد متزايدة من الدول والتنظيمات والمؤسسات العامة كما الخاصة في مختلف أنحاء العالم. وعاماً بعد عام، تزداد كفاءة هذه الجهات في الأداء، وفي تطوير أساليب العمل ومناهجه، حتى نشأت اليوم ما يسمى بـ "مجموعة العمل المالي الدولية" أو FATF باللغة الإنجليزيـة وGAFI باللغة الفرنسية، والتي فرضت قواعد ومعايير محددة لمكافحة عمليات تبييض الأموال وأوجبت على الدول تبنيها وإلاّ وضعت الدول غير الملتزمة بهذه المعايير على لائحة الدول غير المتعاونة مع ما يعنيه ذلك من سوء سمعة هذه الدولة أو تلك، وأيضاً سوء سمعة جهازها المالي والمصرفي، وما يمكن أن يتخذ بحقه من تدابير اكراهية.
 

 إلاّ أن المستجد، بعد أحداث 11 أيلول الماضي، هو الإجماع الدولي على مكافحة الإرهاب من خلال منعه من إستخدام تقنيات وأدوات النظام المالي في تنفيذ أهدافه. فالمطلوب الآن هو التشدد، ليس فقط في معرفة الزبون المودع أو المستثمر ومصادر أمواله، بل أيضاً الشخص المستفيد من المال موضوع التحويل، والإبلاغ عنه، في حال الشبهة بكونه سيستعمل لتمويل نشاط إرهابي. وباتت السلطات النقدية والمصارف اليوم مطالبة بإعتماد معايير تحقيق في عمليات الدفع وفي التحويلات الإلكترونية، خاصة بعد قرارات مجلس الأمن وتوصيات مجموعة العمل المالي الدولية.

أصحاب المعالي والسعادة،
إخواني، زملائي،
أيها الحضور الكريم،

إزاء هذه التحولات والتطورات الدولية المتسارعة، نرى الضغوط الدولية على دولنا ومصارفنا تتنامى يوماً بعد يوم، من أجل تجميد أرصدة مالية وللمشاركة في الجهود الدولية لمكافحة تبييض الأموال. كما توضع هذه الدولة أو تلك على قائمة الدول غير المتعاونة في عملية مكافحة تبييض الأموال التي تصدرها لجنة بازل التابعة لبنك التسويات الدولية ، فيما توضع دولة أو أخرى على اللائحة رقم 3 لمراكز الأوفشور التي يصدرها منتدى الإستقرار المالي الدولي التابع لصندوق النقد الدولي، مع ما لذلك من إنعكاسات جد سلبية على العمل الإقتصادي والعمل المصرفي والمالي في الدول المستهدفة.

 إن الضغوط والتهديدات الجديدة هذه بالنسبة لدولنا ومصارفنا إنما أتت ضمن سياق أحداث 11 سبتمبر الماضي وما حملته من تداعيات وآثار خطيرة للغاية على الإقتصاد العالمي، بعضها قد أصبح ظاهرة للعيان، والبعض الآخر لا يمكن التكهن به بعد، بالنظر إلى تسارع الأحداث على الصعد الأمنية والسياسية وتفاعلاتها المعقدة.

 إن نتائج هذه الأحداث لم تظهر بعد بالكامل على الدول العربية، غير أن النتائج السلبية ستصبح أكثر وضوحاً خلال الأشهر القادمة، خاصة في ظل تأثر كافة دول العالم بالتطورات التي نتجت عن الأزمة سيّما فيما يتعلق بالعولمة والإنفتاح وحرية إنسياب البشر ورؤوس الأموال والبضائع عبر الحدود. كذلك إرتفعت درجة المخاطر المرتبطة بعوامل عدم الإستقرار السياسي في عدة دول من أنحاء العالم، بما في ذلك الدول العربية.


أصحاب المعالي والسعادة،
إخواني، زملائي،
أيها الحضور الكريم،


 إنه مما لا شك فيه أن المصلحة العربية العليا تقضي بحماية القطاع المصرفي العربي من العمليات غير المشروعة. فإقتصاد الجريمة لا يمكن الإعتماد عليه كبديل أو حتى كرديف للإقتصاد الشرعي في التأسيس لأي نمو داخلي أو إقليمي بالنسبة للمنطقة العربية، إقتصاداً أو قطاعاً مصرفياً.

 كما أن الجميع متفقون على أن السعي لجذب الأموال المحلية والأجنبية للإستثمار داخل الدول العربية يجب أن يتم من خلال التحوط من تسرّبات الأموال الملوثة إلى الإقتصادات العربية والمصارف العربية، نظراً لما يلحقه هذا الأمر من أضرار كبيرة بسمعة المنطقة العربية وتنميتها المالية وخططها التنموية.

 وحسناً فعلت الدول العربية، خلال السنتين الماضيتين، في تجهيز إطارها المالي بقوانين وتشريعات تنقّي وتحصن مؤسساتها المصرفية من شبهة إمكانية إستخدامها في عمليات تبييض الأموال الجارية على الساحة الدولية.

 وأعتقد بأن دولنا مدعوة أيضاً إلى إتخاذ مجموعة أخرى من التدابير القادرة على زيادة درجة تحصين الأجهزة المصرفية من عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، أبرزها التالي:

- إنشاء آلية عربية بهدف تنسيق المكافحة الجماعية لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بحيث تلعب هذه الآلية دور مركزية مخاطر عربية في مجال مكافحة تبييض الاموال وتمويل الإرهاب.

- إنشاء مركز عربي لتسوية شتى المدفوعات البينية العربية، للتقليل من حاجة إستعمال مراكز أجنبية وسيطة قد تكون مسرحاً لتسرّب أموال ملوثة.

- التشدد في توفير متطلبات الإدارة والإفصاح والشفافية وفق أسس سليمة على مستوى دول المنطقة العربية، تداركاً لبعض المحاولات الدولية في إثارة الشبهة حول نشاط بعض المؤسسات المالية والإنسانية العربية بعد أحداث 11 أيلول.

وأعتقد بأنه من الأهمية بمكان، الإشارة هنا إلى أن إتحاد المصارف العربية هو على إتصال بالتجمعات المصرفية سواء في العالم أو في المنطقة العربية، إضافة إلى جهود الخلية الخاصة الموجودة في الإتحاد التي يواكبها رجال قانون ومصارف، والتي تنشط لمتابعة قضية مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، والتأكد من بقاء الأنظمة المصرفية العربية هيكلاً للمال النظيف، ومتوافقة مع المعايير والقواعد الدولية التي تصدرها الجهات المالية الدولية بهذا الخصوص. ونحن نعتبر هذا الموضوع مهماً لمستقبل الصناعة المصرفية العربية وعلاقات أجهزتنا المالية مع الخارج وسمعتنا تجاه المصارف الدولية.

كما أن إتحاد المصارف العربية، إزاء حالة الإنغلاق النسبية السائدة في العالم والضغوط المشتدة علينا، حريص، ضمن إستراتيجيته الجديدة، على تنفيذ عدة مشروعات هامة تتيح إنفراجاً أوسع في داخل المنطقة العربية ومجالات أوسع للتعاون. ومن أبرز المشروعات التي بدأنا بتنفيذها بشكل متواز أو هي قيد الإعداد والتحضير: مشروع الشبكة المصرفية العربية، ومشروع ربط شبكات الصراف الآلي العربية، ومشروع تسوية المدفوعات الجارية بين المصارف العربية، ومشروع إعادة إحياء مركز الوساطة والتحكيم لفض المنازعات بين المصارف العربية.

وختاماً، أيها السيدات والسادة،

 أتمنى لكم ندوة مفيدة مع الخبراء الأكفاء الذين سيتداولون معكم في قضية مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، متمنياً للقائكم كل التوفيق والنجاح في وضع تصورات وتوجهات أساسية تعيننا كمصارف عربية على إتباع خطوات وتدابير تجعلنا بمنأى عن تسرّب الأموال الملوثة وتتيح لنا تواصل التعامل السليم مع الخارج. وشكراً.

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close