Source: تحرير تجارة الخدمات في الوطن العربي | 31 October 2001 | Country: Beirut, Lebanon

كلمـة الدكتور جوزف طربيه رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية في حفل إفتتاح القمة المصرفية العربية لعام 2001 "تحرير تجارة الخدمات في الوطن العربي"

كلمـة
ــــ
الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس إدارة
إتحاد المصارف العربية

 

في حفل إفتتاح
ـــــــــ
القمة المصرفية العربية لعام 2001
"تحرير تجارة الخدمات في الوطن العربي"

31 أكتوبر – 1 نوفمبر
بيروت – لبنان

 

 

 

أيها الحفل الكريم،

يطيب لي بإسم إتحاد المصارف العربية، أن أرحب بكم جميعا"، في هذه القمة المصرفية العربية، التي تعقد بمشاركة هذه النخبة المتميزة من قيادات العمل المصرفي والاقتصادي العربي في القطاعين العام والخاص.

كما يطيب لي أن أشكر دولة الرئيس رفيق الحريري لرعايته الكريمة لهذا المؤتمر، وكذلك دولة لبنان، رئيس وحكومة وشعباً، لإستضافتها مؤتمرنا في ربوعها.

كما أشكر كافة الجهات المشاركة والمتعاونة التي ساهمت في تنظيم هذه القمة، رغم الظروف الصعبة التي تحول دون عقد العديد من المؤتمرات.

أيها الحضور الكريم،

 تشكّل قضية "تحرير تجارة الخدمات" قراراً إستراتيجياً يتعلق بإندماج الإقتصاد العربي في النظام الإقتصادي العالمي الجديد.

 وقد اخترنا لقمتنا المصرفية شعار "تحرير تجارة الخدمات في الوطن العربي" انطلاقاً من اهتمامنا الكبير بمسألة تفعيل نطاق التعاون الاقتصادي العربي، وكذلك لاهتمامنا بالدور الذي يمكن أن يقوم به القطاع المالي في عملية تحرير تجارة الخدمات على مستوى المنطقة العربية.

 وفي الواقع، إن موضوع تحرير تجارة الخدمات في الوطن العربي يحتاج الى أكثر من قمة مصرفية.  وإتحاد المصارف العربية من جهته، وإنطلاقاً من أهدافه الأساسية، يعمل على تهئية الدول العربية للمناخ الإقتصادي الجديد، عربياً ودولياً، وذلك من خلال دفع خطوات العمل الإقتصادي البيني العربي، وأيضاً من خلال دعوة الدول العربية الى الإنفتاح المنضبط والمدروس على الإقتصاد العالمي.  وفي هذا الإطار، أود الإشارة الى الدعوات التي اطلقها الإتحاد بإتجاه الدول العربية، منذ بداية عقد التسعينات، من أجل إجراء الإصلاحات الإقتصادية والمصرفية، والترويج للتجارة بين الدول العربية، تحت إشعار "لنبدأ بالغات العربية اليوم قبل الغات الدولية
 


غداً حتى شهدنا إنطلاقة عملية إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.  كما بدأ الإتحاد مؤخراً دعوته الجديدة، لإلحاق قطاع الخدمات بالتجارة، ضمن إتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية، بحيث تزول الحواجز العربية بين صناعات الصيرفة والتأمين والسياحة والنقل والتشييد والإتصالات وغيرها....

 وفي هذا المجال، سيعكف مؤتمرنا اليوم على تدارس أهمية قطاع الخدمات في الإقتصاد العربي، وأهمية تحريره، ومتطلبات هذا التحرير على الصعيدين العربي والدولي، وركائز التأقلم العربي المناسب مع إستحقاقات منظمة التجارة العالمية.

 وإتحاد المصارف العربية مهتم أيضاً بقضية تحرير تجارة الخدمات بالنظر لبعدها العالمي، حيث أن أحد أهم نتائج جولة أورغواي، شمول الإتفاقات الجديدة على قطاع التجارة في الخدمات والتي أصبحت جزءاً من النظام التجاري الدولي المتعدد الأطراف الذي ترعاه منظمة التجارة العالمية.

 والإتحاد أيضاً مهتم بقضية تحرير تجارة الخدمات نظراً لبعدها العربي، حيث تحرص غالبية الدول العربية على الإندماج في الإقتصاد العالمي، وبالتالي الدخول في النظام التجاري الدولي الجديد، حيث وقعتْ عدة دول عربية على إتفاقية الغاتس، هذا في الوقت الذي تواصل فيه الدول العربية بناء منطقة التجارة الحرة المشتركة.  وإن تحرير تجارة الخدمات يحمل في طياته منفعة أكيدة لدولنا نظراً لتمتع بعض الدول العربية بميزات نسبية حالية ومحتملة في خدمات معينة، خلافاً لما هو حاصل في تجارة السلع، حيث تتشابه المنتجات المتبادلة بين دولنا، مما يضعف حركة التبادل التجـاري فيما بينها.  هذا مع ملاحظة أن قطاع الخدمات يشكل ما نسبتـه20% من الناتج المحلي الإجمالي و25% من التجارة الخارجية للمنطقة العربية، فيما تجارة السلع البينية لا تشكل أكثر من 10% من التجارة الخارجية للدول العربية. فمستقبل التعاون الإقتصادي العربي مرتهن إذاً بزيادة التبادل في حقل الخدمات بمختلف أنواعها، كالمصارف والتأمين والبورصات والمقاولات والصيانة والعمالة والإستشارات الطبية والهندسية والسياحة والإتصالات والإعلان والتسويق والترويج، والخدمات الأخرى المساندة للتجارة، كالتعبئة والتغليف والتخزين والنقل، وحيث يمكن لدول عربية تقديم بعض هذه الخدمات لدول عربية أخرى بكفاءة وبتكلفة مناسبة.
 


 كما يهم إتحاد المصارف العربية، من جهة أخرى، أن يطور وظائف جديدة تتعلق بمساعدة المصارف، والمؤسسات المالية العربية، في التعرف على الفرص التجارية والإستثمارية المتاحة داخل الوطن العربي، وتشجيع دخول رأس المال المصرفي بإتجاه مشاريع عربية إقتصادية وتجارية وإستثمارية مشتركة.

 إننا نتطلع من خلال القمة المصرفية العربية لعام 2001 الى المساهمة في خلق وعي أكبر بين دولنا العربية حول أهمية الإسراع بتحرير تجارة الخدمات على تنوعها بما يحقق مكاسب إقتصادية أكبر لنا، كما في خلق وعي أكبر حول أهمية تنسيق الخطوات والتحركات بالنسبة لموقفها تجاه المفاوضات التجارية الدولية القادمة ضمن منظمة التجارة العالمية.

إن الوصول الى تحرير التجارة العربية للخدمات، الى جانب استكمال تحرير التجارة البينية للسلع في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، سيسهم في تعظيم المكاسب التجارية المرتقبة من إقامة هذه المنطقة.

ومن هنا، فإن الدول العربية مدعوة الى منح حق التواجد التجاري للشركات العربية وفتح القطاعات الخدمية المحتكرة سواء من قبل القطاع العام أو القطاع الخاص للمنافسة العربية.

كما لا بدّ من الإسراع بتحرير التعامل المصرفي والمالي، عبر حدود الدول العربية، بحيث يكون التحرك بإتجاه خلق سوق مالي عربي حقيقي، فضلاً عن منح حق التواجد على أسس المعاملة بالمثل، وتسهيل إجراءات الإستثمار المتعلقة بهذا التواجد، وإنشاء الربط بين أسواق الأوراق المالية، والسماح لمواطني الدول العربية بتملك الأوراق المالية المطروحة في الأسواق العربية، وهو العلاج الأمثل لضحالة وضعف سيولة بعض الأسواق.

ولا يجب أن يفوتنا هنا أهمية السياحة وهي أهم الخدمات المتبادلة عربياً، ويمكن مضاعفتها أضعافاً عدة لو أزيلت الحواجز والعقبات التنفيذية والتشريعية، لتكون السياحة مدخلاً حقيقياً للإقتراب الإقتصادي العربي.
 


كما أنه من الأهمية بمكان تسهيل عمليات النقل والترانزيت بين الدول العربية، والتي تشكل عنصراً أساسياً داعماً لحركة التبادل التجاري  والإقتصادي عموماً بين هذه الدول، علماً بأن ثمة إتفاقيات معقودة بين الدول العربية في هذا المجال لا بدّ من تطبيقها كاملة وتفعيل دورها في تأمين حركة نقل وترانزيت نشطة بين دولنا.


أيها الحفل الكريم،

 حتى تؤتي الجهود والمساعي العربية ثمارها بالنسبة للإندماج إقليمياً ضمن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى في مجالي السلع والخدمات، وأيضاً بالنسبة للإندماج في النظام التجاري الدولي المتعدد الأطراف برعاية منظمة التجارة العالمية، فإن العالم العربي الذي دخل مرحلة إصلاحات جذرية لبنيانه الإقتصادي والإستثماري والتجاري والمالي، مدعو اليوم الى مواصلة هذه الإصلاحات وبإتجاه :

 زيادة درجة الإنفتاح على الإقتصاد العالمي.
 تقليص دور الدولة الإقتصادي وتوسيع دور القطاع الخاص، من خلال برامج خصخصة هادفة.
 تحرير النشاط الإقتصادي بكل مكوناته وإدخال مفهوم إقتصاد السوق والمبادرة الخاصة.
 ثم هناك التعاون الإقليمي المتنامي بين الدول العربية، والذي يبرز حالياً في الجهود المنصبة على إقامة منطقة للتبادل التجاري الحرّ.

هذا التعاون، المطلوب زيادة نطاقه اليوم، تفرضه الظروف التي استجدت في العالم، والتغيرات المتوقعة التي ستصاحبها وعلى كافة الصعد، والتهديدات التي تحملها هذه التغيرات، ليس لبعض دولنا فقط، بل لعموم منطقتنا العربية.

ومن نافل القول أن العالم بعد 11 سبتمبر الماضي ليس هو ذاته الذي كان قبل هذا التاريخ.

وأن ما يجري على الساحة الدولية من تطورات أمنية وسياسية وإقتصادية قد ساهم في دفع العديد من العرب المغتربين الى  التوجه مجدداً بأنظارهم نحو أوطانهم الأم.
 


ومن الطبيعي أن تكون منطقتنا العربية مركزاً لجذب المزيد من الودائع العربية المغتربة، والمزيد من إهتمام المستثمرين الدوليين في إقتصادات بلداننا، خاصة بعد بروز مؤشرات تحسّن قوية في هذه الإقتصادات، تصاحب برامج الإصلاح الإقتصادي، والتحسّن في البيئة السياسية العامة، والمناخ الإقتصادي العام.

 لذا، من المهم أن تواصل حكومات بلداننا ترسيخ عناصر الجذب في مناخ الإستثمار، وتشجيع إنفتاح أسواقنا المحلية على بعضها البعض، وتشجيع العمل الإقتصادي بين الدول العربية.

 كذلك من المهم السعي،  كرجال مصارف عرب، الى زيادة نطاق الفرص الإقتصادية والإستثمارية المشتركة بيننا، وعلى كافة مساحة العالم العربي، لنساهم من موقعنا الإقتصادي المتنامي الأهمية، في عملية التنمية في إقتصادات دولنا وعملية التعاون بينها.

وختاماً، أيها الأخوة الكرام،

 علينا الإستفادة من فرص اليوم، والبناء عليها لتعزيز فرص الغد، ففي ذلك كل المكاسب لأوطاننا وشعوبنا، وما علينا إلاّ التواصل والتقارب، على كافة الصعد الإقتصادية والمصرفية، فالتعاون يشكل اليوم مفتاح الإنطلاق وبناء المستقبل الافضل.
 
وشكراً.
 


دولة الرئيس رفيق الحريري، رئيس مجلس الوزراء،
معالي الدكتور عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية،
معالي الدكتورة مرفت تلاوي، الأمين التنفيذي، الإسكوا،
معالي الدكتور ناصر السعيدي، النائب الأول لحاكم مصرف لبنان،
معالي الدكتور أحمد الجويلي، الأمين العام لمجلس الوحدة الإقتصادية العربية،
أصحاب المعالي والسعادة،
ضيوفنا الأعزاء،

 

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close