Source: Credit Libanais Group | 06 March 2010 | Country: Beirut, Lebanon

كلمة رئيس الرابطة المارونية الدكتور جوزف طربيه بمناسبة حفل العشاء السنوي الذي تقيمه الرابطة مساء السبت الموافق في 6 آذار 2010، الساعة الثامنة والنصف

كلمة رئيس الرابطة المارونية

الدكتور جوزف طربيه

بمناسبة حفل العشاء السنوي الذي تقيمه الرابطة
مساء السبت الموافق في 6 آذار 2010، الساعة الثامنة والنصف

فندق فينسيا- صالة Grand Ballroom

       

 


فخامة الرئيس ميشال سليمان ممثلاً بمعالي الوزيرة منى عفيش
دولة الرئيس نبيه بري ممثلاً بمعالي الوزير محمد جواد خليفة
دولة الرئيس سعد الحريري ممثلاً بمعالي الوزير محمد رحال
سيادة المطران بولس مطر السامي الإحترام ممثلاً صاحب الغبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الكلي الطوبى
أصحاب الدولة والمعالي والسعادة
الزميلات والزملاء في الرابطة المارونية
أيها الحفل الكريم

يسعدني أن أرحب بكم جميعاً في هذا الحفل السنوي الذي تقيمه الرابطة المارونية، والذي يتوج عاما كاملا من النشاط بذلته الرابطة في الحقول الوطنية والاجتماعية في لبنان والخارج؛ وأتوجه بالتحية بصورة خاصة الى كل من فخامة الرئيس ميشال سليمان ودولة الرئيس سعد الحريري الذين شاءت ظروف مسؤولياتهما الرسمية تواجدهما خارج لبنان هذا المساء، وكذلك الى دولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، مع شكرهم على مشاركتنا هذا العشاء من خلال ممثليهم، وفقهم الله وزملاءهم جميعاً في خدمة لبنان وابنائه.

أيها الحفل الكريم

إن الموارنة كانوا وما زالوا الطرف الأساسي في معادلة الحريّة. وقد أظهرت أحداث التاريخ ووقوعاتها أن هذه المعادلة لم تستقم يوماً من دونهم. فهم حبّروا وثيقة الحرية بدمائهم حتى إذا عفّها الزمن، جددوا صباغها بالأحمر القاني شهادة على إيمانهم في هذا الشرق، وتحديداً في هذه البقعة من الأرض التي تجاوز مفهوم الوطن لتغدو رسالة يتداخل فيها المسكوني بالوطني، وتذوب فيها الفروقات، ويرتفع بنيان الشراكة عالياً يرسل أنواره في كلّ الاتجاهات، فيقدّم لبنان نفسه نموذجاً يحتذى ومثالاً يقتدى، وفيه تتواصل الحضارات والثقافات والأديان وتتحاور وتثبت بالواقع المعيوش إمكانات تفاعلها الإيجابي المتمثل في ثقافة الحياة الواحدة، والاعتراف بالآخر، والقبول به، والحق في الاختلاف.


نعم إن لبنان إعتمد فضيلة الحوار ومارسها قبل قرون من الكرازة بها في المجامع المقدسة، وكتابات الفلاسفة والأدباء، وندوات مراكز الأبحاث. وعلينا أن نحصّن هذا الوجه المسكوني لوطننا بالعمل معاً مسيحيين ومسلمين على تجذير القيّم التي يمثّلها في نهج سلوكنا، وأسلوب تعاطينا مع أنفسنا والآخرين. وذلك لا يتمّ إلا بالحفاظ على مساحة الحريّة والديموقراطية. فهذه المساحة – النعمة يتقاسمها المسيحيون والمسلمون سواسيّة، وأن الدفاع عنها واجب مقدّس على كل مؤمن بحق لبنان في الحياة.

لقد سعى المسيحيون، ولا سيما الموارنة، في السابق وفي الحاضر أن يكونوا قاطرة الحداثة، ورافعة التقدم في دنيا العرب. وهم الذين دفعوا خطر التتريك عن "لغة الضاد" التي حفظوها في أديرتهم والكنائس، ثم شرعوا بتدريسها في معاهدهم. ومعهم إضطلع لبنان بدور رائد في العالم العربي، الذي كان وما فتيء، مرحباً بأدمغة وعقول وسواعد أبنائه الذين أبدعوا في جميع الميادين، فخدموا البلدان الشقيقة التي ما أنكرت عليهم يوماً هذا الفضل. وعلينا دائماً تعزيز هذا الدور المشرق للبنان، والمنسوج على مقاس جغرافيته الإنسانية المتداخلة بتضاريسها ومنبسطاتها، في سبيل عروبة نريدها متنوّرة، متجددة، حيّة، لعبنا دوراً في إنبعاثها في نهايات القرن التاسع عشر ومدّت ظلالها الوارفة لتعمّ مشرق محطينا وتلامس مغربه.  وقد أوصى الإرشاد الرسولي بضرورة تمسك المسيحيين ببيئتهم العربية وبتفاعلهم معها، وأن يستمروا بلعب الأدوار الريادية كمدافعين عن الحق وكشهود للحقيقة.


وتناغماً مع رسالتها التاريخية، وحضورها الدائم والفاعل، ودورها في بلورة شخصية لبنان وصوغ هويته الوطنية، وربط المسيحيين، ولا سيما الموارنة، بجذورهم المشرقية العربية، تبقى بكركي التي أعطيت مجد هذا الوطن المقام الذي يرنو إليه هؤلاء. وبقدر ما تكون عزيزة الجانب، جامعة، يقوى بها أبناؤها وتقوى بهم، ويصان دورها والحضور كمصدر رجاء، ومنارة إشعاع، ومنبع إلهام ينير لهم طريق الخلاص في أزمنة المحن.
فإلى سيدها المعتلي سدّتها إحترامنا وتقديرنا ودعاء بطول العمر ينفق في قيادة السفينة الى الشاطىء الأمين.

 

أيها الحفل الكريم،

إننا ننتمي الى وطن هو مساحة التلاقي الأرحب بين المسيحية والإسلام والحوار بين الأديان، هذا الحوار الذي يشكل اليوم المدخل الأساسي للسلم بين الأمم.

 إننا دعاة وحدة وطنية وشراكة حقيقية نمارس طقوسها بالإنتماء الى وطن حقيقي: أحبّ الناس إليه أكثرهم تفانياً في خدمة قضاياه.

 


إن الإنعزال إنتحار، ومنطق العدد موت، والتوطين تفتت، والأحادية أو الثنائية فتنة، وحده التوازن والتوافق الذي يعكس صورة التنوّع المنسجم، والمنسكب في منظومة القيّم الجامعة، هو ما يحيي لبنان – الوطن. فالدماء التي أريقت على مذبح الوطن لم تذهب هدراً ولن تذهب، فهي معمودية جديدة، ومتجددة للبنان الطالع من حدقة التاريخ بلداً يحتوي على غنى الإنسانية النوعي. كيف لا؟ وأبناؤه هم الذين ملأوا كأس الحرية حتى الجُمام  وشربوها حتى الثمالة، ليبقوا في وطنهم وله، وليبقى وطنهم لهم: محجة، متنفساً وملاذاً.

وشـــكراً

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close