Source: World Union of Arab Bankers | 01 April 2014 | Country: Beirut, Lebanon

Speech of Dr. Joseph Torbey at the Annual Risk Management Forum

كلمــــة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية

فــــي
المنتدى السنوي لإدارة المخاطر

بيروت – لبنان
1 و2 أبريل/نيسان 2014


 

حضرة السيد جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي المصري،
حضرة السيد أسامة مكداشي، رئيس لجنة الرقابة على المصارف في لبنان،
السادة الزملاء قيادات المصارف العربية،

أيها الحضور الكريم،

بداية أرحب بكم جميعاً في هذا المنتدى الهام الذي يجمعنا كل عام لتداول كل جديد في تطورات العمل المصرفي بشكل عام، وتطورات إدارة المخاطر بشكل خاص.

كما أود التعبير عن سعادتي بهذا الحشد الكبير والمميز من قيادات المصارف العربية والخبراء الماليين والمصرفيين العرب. وآمل أن يتخلل هذه المنتدى نقاشات مفيدة للمشاركين فيه وخاصة لناحية تبادل الخبرات والمعارف المكتسبة في إدارة المخاطر.
 

السيدات والسادة،

كما نعلم، دفعت الأزمة المالية العالمية إلى مراجعة شاملة ودقيقة للأنظمة والتشريعات والقواعد المصرفية الدولية. وقد قامت الهيئات الرسمية والخاصة، المحلية والعالمية ودون إستثناء، بإجراء دراسات وتحليلات شاملة لإكتشاف مكامن الضعف وإقتراح الإصلاحات المطلوبة لتعزيز صمود الأنظمة المالية والمصرفية وجعلها أقل تآثراً بالأزمات.

وكانت تلك الدراسات قد أظهرت مجموعة واسعة من نقاط الضعف التي كانت سبباً لنشوء الأزمة، ومن ثم إنتشارها عبر جميع النظم المالية والمصرفية حول العالم. وأظهرت من ضمن ما أظهرته، قيام المصارف باستثمارات عالية المخاطر لا تتناسب مع مستوى رأسمالها. وتبيّن أن العديد من المصارف لم يكن لديها رأسمال كافٍ لمواجهة وضعية المخاطر التي إتخذتها. كما أظهرت ضعفاً كبيراً في إدار السيولة في العديد من المصارف. وأخيراً وليس آخراً، بيّنت ضعفاً واضحاً في إدارة المخاطر المصرفية.



وبنتيجة ما سبق، عمدت لجنة بازل إلى القيام بتعديلات واسعة وشاملة على قواعد العمل المصرفي التي كانت سائدة آنذاك، وهو ما كان يُعرف ببازل 2. ومن ثم أضافت قواعد وأسس جديدة ومبادئ ومفاهيم جديدة، شكّلت بمجملها ما أصبح يُعرف اليوم ببازل 3.

السيدات والسادة،

من ضمن الدروس المهمة التي أعطتها الأزمة المالية العالمية، كان أهمية قيام المصارف بتقوية عمليات تخطيط رؤوس أموالها(Capital planning processes). كما أظهرت الأزمة أن عمليات تخطيط المصارف لرؤوس أموالها لم تكن شاملة بما فيه الكفاية، أو غير تطلعية بشكل ملائم (Appropriately forward-looking)، أو مصممة على نحو كاف (Adequately formalized). ونتيجة لذلك، قلل بعض إدارات المصارف من تقدير المخاطر الكامنة في استراتيجيات أعمال مصارفهم، ما أدى بدوره إلى تقدير سيء لاحتياجات رأس المال.



وواصلت بعض المصارف حول العالم في دفع توزيعات أرباح و/أو قامت بإعادة شراء لأسهمها العادية، بينما كان بإمكانها الاحتفاظ برأس المال لحمايتها من أية خسائر مستقبلية محتملة. كما عمدت مصارف أخرى إلى أصدار مبالغ كبيرة من أدوات رأس المال – مثل ادوات الديون الهجينة (Hybrid debt) – والتي أثبتت فيما بعد أنها غير مهيأة لاستيعاب الخسائر المحققة. وهكذا، لم يراع عدد كبير من المصارف العالمية في قراراتهم حول مستوى وتكوين رأس المال، التأثير المحتمل لتغيرات الظروف الاقتصادية.
كذلك فإن إختبارات الضغط الأولى التي أجرتها بعض السلطات الاشرافية أثناء ومباشرة بعد الأزمة المالية العالمية، بهدف تقييم كفاية رأس المال للمصارف، لم تتضمن في كثير من الأحيان تقييماً للعمليات التي تطبقها المصارف لتوقع احتياجات رأس المال المحتملة، وكذلك لإدارة مصادر وإستخدامات رأس المال.

ولكن في الآونة الأخيرة، بدأت السلطات الرقابية حول العالم بوضع القواعد والشروط لما يمكن أن يمثل تخطيطاً سليماً لرأس المال، وكيف يمكَن لعمليات التخطيط تلك أن تساعد إدارات المصارف بالقيام بأحكام مستنيرة حول مبلغ وتكوين رأس المال اللازم لدعم استراتيجيات أعمال المصرف.

السيدات والسادة

كان التراكم المفرط للمديونية داخل وخارج ميزانية المصارف، أيضاً أحد الأسباب الرئيسية وراء الأزمة المالية العالمية.

ففي كثير من الحالات، حازت المصارف على رافعة مالية (Leverage) مفرطة. وفي الوقت نفسه، أظهرت أنها تحتفظ بنسب رأسمال على أساس المخاطر (Risk-based capital ratios) قوية. وخلال الأزمة، كانت المصارف مجبرة على تخفيض مديونيتها، بطريقة أدت إلى خلق ضغوط على أسعار الأصول. وقد فاقمت عملية تقليص المديونية (Deleveraging process) هذه، الحلقة المفرغة بين الخسائر، وإنخفاض رأسمال المصارف، وإنكماش الائتمان.

ونتيجة لذلك، أدخلت بازل 3 نسبة رافعة مالية (Leverage ratio) بسيطة، وشفافة وغير مستندة إلى المخاطر، لتكون بمثابة قياس تكميلي لمتطلبات رأس المال المستندة إلى المخاطر. وقد هدفت نسبة الرافعة المالية هذه إلى:



1.    تقييد المديونية في القطاع المصرفي، لتجنب عمليات تقليص المديونية لاحقاً، والتي يمكن أن تضرّ النظام المالي والاقتصاد بشكل عام.

2.    تعزيز متطلبات رأس المال المستندة إلى المخاطر، بمقياس مساند  بسيط، وغير مستند إلى المخاطر.

وقد بُدأ بتطبيق متطلبات نسبة الرافعة المالية إبتداءً من أول يناير/كانون الثاني من عام 2013. وسيتم وضع المعيار النهائي بحلول عام 2017.

السيدات والسادة

أظهرت الأزمة المالية العالمية كذلك أهمية السيولة لحسن سير الأسواق المالية والقطاع المصرفي. فخلال مرحلة مبكرة من تلك الأزمة (بدءاً من عام 2007)، واجه العديد من المصارف العالمية – وعلى الرغم من تلبيتها لمتطلبات رأس المال آنذاك – صعوبات جدية بسبب عدم إدارتهم لسيولتهم بشكل حكيم.


فقبل الأزمة، كانت أسواق الأصول مزدهرة وكان التمويل متوفر بسهولة وبأسعار زهيدة. إلا أن الانخفاض السريع في ظروف السوق، أظهر كيف يمكن للسيولة أن "تجف"، والوقت الطويل الذي يمكن أن تحتاجه لتعود إلى سابق عهدها. ووجدت المصارف نفسها تحت ضغوط شديدة، ما إضطر المصارف المركزية إلى اتخاذ إجراءات لدعم المؤسسات المصرفية. وهكذا فقد نشأت الصعوبات التي واجهتها بعض المصارف بسبب الإخفاق في إدارة مخاطر السيولة بشكل سليم.

وقد إصدرت لجنة بازل عام 2008 وثيقة بعنوان "مبادئ لإدارة سليمة لمخاطر السيولة والرقابة عليها" كأساس لإدارة مخاطر السيولة. وقد وفرت تلك المبادئ دليلاً مفصلاً لإدارة مخاطر تمويل السيولة والاشراف عليها. وهذا من شأنه أن يساعد على تعزيز إدارة المخاطر على نحو أفضل في هذا المجال الحيوي.

 

وقد عززت وثيقة لجنة بازل إدارة مخاطر السيولة من خلال تطوير معياريّ "حد أدنى" للتمويل والسيولة، وتم تصميم هذين المعيارين لتحقيق هدفين منفصلين ولكن متكاملين:


•    الهدف الأول هو تعزيز صمود وضعية مخاطر سيولة المصرف على المدى القصير، من خلال ضمان أن لديه ما يكفي من الأصول السائلة عالية الجودة، في ظل سيناريو ضغط كبير يمتد لفترة 30 يوماً.
ولتحقيق هذه الغاية، وضعت اللجنة "نسبة تغطية السيولة" (Liquidity coverage ratio).

•    والهدف الثاني هو تخفيض مخاطر التمويل على مدى زمني أطول، عبر الطلب من المصارف تمويل أنشطتها بمصادر تمويل مستقرة بشكل كافٍ، بهدف تخفيف خطر ضغوط التمويل المستقبلية. ولتحقيق هذا الهدف، وضعت اللجنة "نسبة التمويل المستقر الصافي" (Net stable funding ratio).


السيدات والسادة

لا نستطيع أن نتكلم عن إدارة المخاطر دون أن نذكر المخاطر المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.  

وكانت لجنة بازل قد أصدرت مبادئ توجيهية لوصف كيف ينبغي على المصارف أن تُدرج مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب ضمن إدارة المخاطر الشاملة. وفي سبتمبر/أيلول 2012 أصدرت اللجنة نسخة منقحة من وثيقتها "المبادئ الأساسية لرقابة مصرفية فعالة"، وأضافت مبدئً مخصصاً بالتعامل مع إساءة استخدام قطاع الخدمات المالية.

ومن البديهي إن عدم كفاية، أو عدم وجود إدارة سليمة لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، يعرض المصارف لمخاطر جسيمة، كمخاطر السمعة، والمخاطر التشغيلية، ومخاطر الامتثال، وغيرها. وقد أبرزت التطورات الأخيرة، ومن ضمنها الإجراءات التي اتخذتها الجهات التنظيمية، والتكاليف المباشرة وغير المباشرة التي تكبدتها بعض المصارف بسبب عدم قيامها بالعناية الواجبة (Due diligence) في تطبيق سياسات وإجراءات وضوابط مناسبة لإدارة المخاطر. وربما كان بالامكان تجنب هذه التكاليف والأضرار، لو طبقت المصارف سياسات وإجراءات مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب فعالة وعلى أساس المخاطر (Risk-based policies and procedures).


ومن الجدير ذكره أنه بالإضافة إلى تكبد غرامات وعقوبات بنتيجة تلك المخاطر، فإن أي واحد منها يمكن أن يؤدي إلى تكاليف مالية ضخمة (على سبيل المثال من خلال وقف التمويل، والمطالبات ضد المصرف، وتكاليف التحقيق، وتجميد الأصول، وخسائر القروض وغيرها)، بالاضافة إلى هدر الوقت والموارد التشغيلية لحل المشاكل الناجمة عنها.

ووفقاً للمبادئ الصادرة عن لجنة بازل عام 2012، ينبغي على جميع المصارف أن يكون لديها سياسات وعمليات كافية  (Adequate)، بما في ذلك قواعد due diligence صارمة عن العملاء لتعزيز المعايير الأخلاقية والمهنية العالية في القطاع المصرفي ومنع أي مصرف من أن يُستخدم، عن قصد أو عن غير قصد، في أنشطة إجرامية.


ويُنظر إلى هذا المُتطلب على أنه جزء من التزام المصارف العام، بأن يكون لديها برامج إدارة مخاطر سليمة للتصدي لجميع أنواع المخاطر، بما في ذلك مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب.


وتتطلب "السياسات والعمليات الكافية" في هذا السياق تكون هذه التدابير متناسبة وعلى أساس المخاطر، ويُبلغ عنها بواسطة تقييم المصرف نفسه لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

السيدات والسادة

كالعادة، نحن نعقد آمالاً كبيرة في أن تساهم المعايير والقواعد الجديدة لإدارة المخاطر التي تضعها لجنة بازل في تعزز قدرة المصارف على الصمود في وجه أية صدمات.

وندعو المصارف العربية والمصرفيين العرب الى متابعة تلك المعايير والعمل على تطبيقها بشكل سريع ودقيق في مؤسساتنا المصرفية العربية لتحصينها بشكل أكبر من أية أزمات محتملة.

وفي النهاية، أرجو من الله أن يوفقنا جميعاً لتحقيق ما فيه الخير لبلداننا وشعوبنا ومؤسساتنا، وآمل لمنتدانا هذه النجاح والتوفيق.

وشكراً لإصغائكم
 

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close