12 May 2016 | Country: Beirut,Lebanon

Arab Economic Forum - Beirut, Lebanon - May 12, 2016

كلمــة
رئيـس جمعية مصارف لبنان
رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيّين العرب
الدكتور جوزف طربيه


في افتتاح مؤتمـر منتدى الاقتصاد العربي


فندق فينيسيا – بيروت
12 أيار 2016


دولة الرئيس
أصحاب المعالي والسعادة
الحضور الكرام


بين الشروع في الانتخابات البلدية دون تأخير أو تمديد، وبين توالي مبادرات القطاع الخاص دون كلل أو إحباط ، تحفظ بيروت بريقها وتحافظ على موقعها المنفتح والجامع. علّ قبس النور يشعّ مجدّداً في لبنان والمنطقة، ونخرج جميعنا، شعوباً ودولاً، من دوّامات القتل والتهجير والتدمير وانهيارات الاقتصادات الوطنية والمجتمعات.

ولأن رصيد الآمال لم ينضب بعد في بلدنا وفي قواه السياسية والمجتمعية الناشطة ، فإن رهاننا كبير على انتقال عدوى إنجاز الاستحقاق البلدي الى استحقاقات إعادة تكوين السلطات الوطنية كافة، واستعادة  انتظام المؤسّسات الحيوية للدولة، بعدما بلغنا الخطوط الخطرة للتشرذم والتخبّط والفساد والإهمال وتنامي الدين العام. هذا في وقت أحوج ما يكون فيه الاقتصاد والمجتمع الى الدولة وحضورها، كمرجعيّة ومسؤولية ومهام .

في الحقيقة أنه على الرغم من شواذات الأوضاع الداخلية، والمتمثلة خصوصاً بما نشهده من تحلّل لكيان الدولة ومؤسّساتها وانكفاءٍ للاقتصاد وتكاثرٍ مقلق للعوامل المحبطة، فإننا، كقطاع خاص، بذلنا وما زلنا نبذل  كل جهد ممكن لحفظ الاقتصاد الوطني وركائز أنشطته. هفنا الاستراتيجي: إستيعاب الانكماش وتمكين القطاعات الحيوية من التعامل بمرونة مع  التحوّل الدراماتيكي في نمو الناتج المحلي من متوسط  يراوح بين 7 و 8 في المئة الى متوسط يراوح بين 1 و 2 في المئة .

ويشهد لنا العالم والمؤسّسات الدولية، وفي المقدمة صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسّسات التصنيف، بأننا نجحنا في اعتماد سياسات وقائية ملائمة، وفي ادارة مؤسّساتنا الانتاجية بمهنيّة وكفاءة  في كل هذه السنوات العجاف المتتالية، وفي ظلّ صعوبات إقليمية ودولية صاعدة في وتيرتها وفي حدّتها.  وما زلنا نبتكر الآليات والوسائل الأنسب في جبه أو الحدّ من تأثير الارباكات الداخلية والعواصف الاقليمية والعوامل الخارجية .
لكن، لا يمكن الطيران بجناح واحد، ولا يمكن التصفيق بيدٍ واحدة. المخاطر التي تهدّد اقتصادنا ومجتمعنا تزيد قرباً وتأثيراً، والحاجة صارت أكثر إلحاحاً لجهود جامعة تنجز الاستحقاقات المؤجّلة وتنتج سلسلة تطورات ملائمة، من خلال إعادة تصويب المسارات الدستورية والسياسية والمالية العامة. نحن نتطلّع الى معالجة الشغور في سدّة الرئاسة ألأولى، وإستتباعاً إعادة تشكيل السلطات كافة، وتخفيف جزءٍ من الأعباء الثقيلة الملقاة على الجيش والقوى الأمنية بحيث تركّز جهودها المشكورة على حماية البلد وحماية الاستقرار الداخلي .

أيهّا السيدات والسادة

إذ لا يتّسع المجال لمزيد كلام في الشؤون العامة، أودّ التطرّق بإيجاز الى  المعطيات والتحدّيات التي يتعامل معها القطاع المالي والمصرفي في ظلّ الظروف القائمة محلياً وخارجياً . ومن أبرزها :
•    كثُر اللغط أخيراً في شأن القانون الأميركي الهادف الى منع ولوج "حزب الله " الى المؤسّسات المالية ، وكيفية التعامل المصرفي مع هذا الاستحقاق. وضعاً للأمور في نصابها الصحيح، لا بدّ من التنويه بالمبادىء الأساسية التي تحدّد أصول وآليات هذا التعامل :

 أ . القانون موجّه وملزم لكلّ المؤسّسات المصرفية حول العالم تحت طائلة عقوباتٍ متدرجة، لا قدرة لأيّ مؤسّسة على تحمّلها كونها تصل الى حدّ الخروج التلقائي من السوق .

 ب . بادر البنك المركزي الى تعميم آلية تطبيقية واضحة ومرنة، بحيث يتمّ التزام مقتضيات القانون لجهة لوائح العقوبات ، والحؤول، في المقابل ، دون أيّ استنسابيّة محلية قد تضرّ بمصالح أو حقوق للغير، حيث  سبق للمصارف خوض تجربة التزام قانون " فاتكا " الأميركي أيضاً، دون ضجيج ولا انعكاسات على الزبائن وأصحاب الحقوق.

ج . يستلزم تحصين الجهاز المصرفي ووحداته الناشطة داخلياً وخارجياً ، الالتزام التام بالمتطلّبات الدولية. هذا ما تمّ تعزيزه، قبل أشهر، بالإنجاز التشريعي المتمثل بإقرار حزمة قوانين مالية مهمة للغاية . وهذا ما دفع مجموعة غافي للإعلان رسمياً بأن لبنان يستوفي كل الشروط المطلوبة من حيث القانون ومن حيث الممارسة  لمكافحة  تبييض الأموال  وتمويل  الإرهاب وسلاح الدمار الشامل، ولن يكون هناك أي مطالبة أو متابعة تخصّ لبنان.

•    يملك القطاع المصرفي ميزات تنافسية تفتقر اليها معظم الأسواق في العالم . لدينا معدلات ملاءة تفوق متوسط  14 في المئة وفقاً لمعايير بازل 3 ووصلت القاعدة الترسملية لمصارفنا الى نحو 17 مليار دولار . ولدينا نسب سيولة مرتفعة ومريحة بالعملات الأجنبية . ولدينا فوائض مالية تناهز نصف الناتج المحلي، علماً أن حجم تمويلنا للقطاع الخاص المحلي قارب 49 مليار دولار، وأصبح قريبا من 100 في المئة من اجمالي الناتج .
•    تنتشر مصارفنا في 33 بلداً خارج لبنان.  واجمالي أصولنا في هذه الاسواق يوازي نحو 20 في المئة من اجمالي الموجودات البالغ نحو 187 مليار دولار، والذي يمثل 3.7 مرات الناتج المحلي . ولدينا كفاءات وخبرات ومصارف أعمال وشركات مالية واستثمارية وسيطة مؤهّلة للعب أدوار حيوية في مرحلة إعادة البناء والإعمار في بلدان المنطقة .
•    يمثل الاستقرار المالي والنقدي عنواناً رئيسياً لسياسة متكاملة انتهجها لبنان والبنك المركزي، وتحظى بأوسع قبول سياسي واجتماعي واقتصادي.  وأثبتت التجربة المتواصلة على مدى عقدين متتاليين صوابية هذا الخيار الاستراتيجي ونجاعته .

      ولسنا نعتقد بأيّ حال بأن أي تطورات جديدة سياسية كانت أو غير سياسية يمكن أن تغيّر في الاجماع الوطني والاقتصادي على مواصلة اعتماد هذه السياسة كخيار استراتيجي للاقتصاد الوطني والاستقرار الاجتماعي .

أيّها الحضور الكرام

نفتقد فعلاً الى المشاركة الخليجية الكثيفة التي طالما كانت إحدى مزايا هذا المنتدى. وبصدقٍ أخوي، ندعو حكومتنا والحكومات المعنيّة في البلدان الشقيقة، وخصوصاً في المملكة العربية السعودية، الى احتواء مسبّبات التوتّر الأخير، والذي لا يمكن أن يتحوّل الى أزمة، ولا يمكنه إفساد ما صنعه الدهر، ويتواصل صنعه عبر منظومة العلاقات التاريخية بين لبنان ودول الخليج ، شعوباً وحكومات وقطاعات اقتصادية واجتماعية.

ختاماً، لا يفوتني توجيه التحية الى مجموعة "الاقتصاد والأعمال " ، ممثلة برئيسها التنفيذي السيد رؤوف أبو زكي . فالإصرار على عقد هذا المنتدى في مكانه المعتاد وفي موعده الدوري، هو قرار صائب ويسهم بفعالية في بقاء بيروت عاصمة للعرب وأعمالهم ومؤتمراتهم وجامعاتهم وسياحتهم واستشفائهم، مع كل محبّة اللبنانيّين وتقديرهم .

  شكراً لاصغائكم

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close