Source: ما بعد الأزمة المالية العالمية: الخبرات المكتسبة | 08 September 2016 | Country: Beirut,Lebanon

Post Financial Crisis: Lessons Learned. Mobilizing Corporate Governance, Financial Inclusion and Consumer Protection - September 8, 2016 - Beirut Lebanon

Post Financial Crisis: Lessons Learned. Mobilizing Corporate Governance, Financial Inclusion and Consumer Protection - September 8, 2016 - Beirut Lebanon

                                                    
كلمــــة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية

فــــي
حفل إفتتاح منتدى
" ما بعد الأزمة المالية العالمية الخبرات المكتسبة:
الحوكمة السليمة مخصصات الديون والمعيار رقم 9 الصادر عن مجلس معايير
المحاسبة الدولي، وحماية عملاء المصارف والمؤسسات المالية"

بيروت – فندق فينيسيا
8-9 سبتمبر/أيلول 2016

 


أيّها الحضور الكريم،
لقد دفعت الأزمة المالية العالمية الأخيرة إلى مراجعة عميقة وشاملة للأنظمة والتشريعات المالية والمصرفية على المستوى المحليّ في كل دولة، وكذلك على المستوى الدولي بالنسبة للمعايير والقواعد المصرفية الدولية، وقد قامت العديد من الهيئات الرسمية والخاصة المحلية والعالمية بإجراء دراسات وتحليلات شاملة لمعرفة أسباب الأزمة ومكامن الخلل وإقتراح الإصلاحات المطلوبة لتعزيز صمود الأنظمة المالية والمصرفية وجعلها أقل عرضه للأزمات.
وقد أظهرت تلك الدراسات مجموعة واسعة من نقاط الضعف التي كانت سبباً لنشوء الأزمة في الولايات المتحدة الأميركية أولاً، ثم تسربها وإنتشارها بشكل غير مسبوق عبر جميع النظم المالية والمصرفية الناشئة منها والمتطوّرة.
وبشكل عام، فقد أظهرت هذه الدراسات والتحليلات أن نقاط الضعف شملت مروحة واسعة من بنية النشاطات والممارسات المصرفية، منها ما يتعلّق بالإستثمارات عالية المخاطر، وبممارسات التسنيد وإعادة التسنيد المعقدّة، وبممارسات إدارة المخاطر بما في ذلك حوكمة المخاطر، إضافة إلى تحديد التركّزات في الإستثمارات وإختبارات الضغط، وفي ممارسات تقييم الأصول، وفي الإفصاح والشفافية، وإدارة السيولة وأخيراً وليس آخراً في دورية متطلبات رأس المال.
وأمام هذا الواقع، تداعت الهيئات الرقابية الوطنية والدولية لتطوير قواعد ومعايير العمل المصرفي المالية، ووضع معايير دولية حديثة تساهم في جعل المصارف أكثر قدرة على تحمّل الصدمات، عبر تحديد وضعية مخاطر المصارف بطريقة أكثر شمولية.
وقد كان للجنة بازل دوراً قيادياً في هذا المجال، حيث قامت بإجراء تعديلات واسعة وجوهرية على الدعامات الثلاث لبازل2 تمثّلت بإصدار قواعد ومعايير جديدة شكّلت معاً "بازل3".
وقد تناولت تلك الإصدرات أموراً أساسية مثل قواعد رأس المال، وإحتياطي السيولة، وإختبارات الضغط، والحوكمة في المصارف إضافة إلى ممارسات التعويضات في المصارف وغيرها.

أيّها الحضور الكريم،،
من المواضيع المهمّة التي جرى التركيز عليها من قبل لجنة بازل هو الحوكمة لما لها من أهميّة خاصة نتيجة للمشاكل الكثيرة في ممارسات الحوكمة التي برزت خلال الأزمة، ومن بينها مراقبة غير كافية من قبل مجلس الإدارة والإدارة العليا، وإدارة مخاطر غير كافية، وهيكليات ونشاطات تنظيمية معقدّة أو مبهمة.
ونذكر هنا بعض المجالات الرئيسية التي ركّزت عليها لجنة بازل"
•    التشديد على إضطلاع مجلس الإدارة بمسؤوليته الكليّة عن المصرف، بما في ذلك إستراتيجية أعماله ومخاطره، وتنظيمه، والسلامة المالية والحوكمة.

•    قيام الإدارة العليا بالتأكيد أن أنشطة المصرف تتفق مع إستراتيجية الأعمال، وتحمّل المخاطر، والسياسات التي وافق عليها المجلس وكل ذلك تحت توجيه مجلس الإدارة.

•    وجوب أن يكون لدى المصرف وظيفة مستقلّة لإدارة المخاطر مع سلطة ومكانة، وإستراتيجية، وموارد كافية، وإمكانية إبلاغ معلوماتها إلى المجلس.

•    نظام وممارسات التعويضات.

•    الإفصاح والشفافية.

وفي المحصلة، فإن مبادئ تطوير الحوكمة السليمة، تتطلّب إمتلاك وظيفة تدقيق داخلي تحوز على صلاحيات، ووضعية إستقلالية، ومصادر كافية، وإمكانية الوصول إلى مجلس الإدارة، كما أن مدققين داخليين يتمتعون بالكفاءة، هو أمر غاية في الأهميّة لحوكمة سليمة، لذلك فإن وجود إطار ضغط داخلي متين يتضمّن وظيفة تدقيق داخلي مستقلّة وفعّالة – هو جزء لا يتجزأ من الحوكمة السليمة.

أيّها الحضور الكريم،،
من المواضيع المهمة أيضا" التي سيتطرّق إليها هذا المنتدى، موضوع «الشمول المالي»، وما لقاؤنا اليوم كمصرفيين وخبراء إلا دليل واضح على الأهمية التي نوليها لهذا الموضوع، وهمّنا الأساسي تسهيل إمكانية ولوج كافة الأشخاص إلى النظام المصرفي، بمن فيهم المبادرين الصغار والمهمشين إقتصادياً.
وكما تعلمون، فإن عصرنا هو عصر الإنفتاح وسرعة الوصول إلى المعلومات، وعصر الإقتصادات الشامل للمعرفة، وعولمة الأنظمة المالية والمصرفية، وتالياً عولمة المخاطر والنجاحات، حيث أن المستهلكين والمستثمرين على حدّ سواء مدعوون لإتخاذ قرارات مالية غالباً ما تكون معقّدة في إدارة شؤونهم الحاضرة والمستقبلية، ومن شأن تعميم الخدمات المالية، أن يساعد في تكوين مستهلكين أكثر مسؤولية ووعياً وإلتزاماً مالياً، يمكّنهم من قيادة عجلة التغيير في الإقتصاد، وتنشيط الإبتكار، ومن الممكن أن يبدأ التشقيق المالي في المدارس كي يؤمن للنشء الجديد التعليم المالي على حدّ سواء كالرياضيات وغيرها من علوم الحياة، فالمستهلك الواعي أكثر فهماً للمخاطر والمكاسب المرتبطة بالمنتجات المالية، وأكثر وعياً لحقوقه وواجباته. أمّا بالنسبة للمؤسات الصغيرة فيمكن أن يوفّر لها الشمول المالي الأموال التي تحتاجها لتأسيس مؤسسة ما وتوسيعها. وعلى المستوى العام، يمكن أن يساهم الشمول المالي في النموّ الإقتصادي عن طريق تحفيز الودائع، ومكافحة البطالة خصوصاً بين الشباب، حيث أصبحت هذه الشريحة في دولنا العربي خزّاناً للإرهاب بكل أشكاله.
إنّ منبرنا في الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، الذي لي شرف ترؤسه، هو منبر للبحث في هذه المسائل البالغة الأهميّة وغيرها من المسائل التي تهم مصارفنا ومصرفيينا العرب، وعلينا أن نساهم بجعل قطاعاتنا المصرفية والمالية، بكل مواردها البشرية قادرة على تعميم الخدمات ونشرها على كافة الفئات والشرائح في المجتمع لتمكين الأفراد المهمشين إقتصادياً من النمو، ومن إكتساب صلابة في مواجهة الصدمات، وبهذا نشارك في مكافحة البطالة والفقر المدقع اللذان هما مصدر الجريمة المنتشرة في مجتمعاتنا.
أيّها الحضور الكريم،،
موضوع آخر يعدّ من الأسباب الرئيسية لتفاقم الأزمة المالية، ويتمثّل بقيام عدد كبير من المصارف ذات الإنتشار العالمي ببناء مديونية مفرطة داخل وخارج الميزانية، وقد ترافق ذلك مع تآكل تدريجي لمستوى ونوعيّة قاعدة رأس المال، وفي الموقف عينه، كان العديد من تلك المصارف يمتلك مخزوناً غير كاف من السيولة، ترافق ذلك مع خسارات إئتمانية ضخمة نتيجة التركزات في الإستثمارات الناتجة عن ضعف إدارة التركزات، ومخاطر الأطراف المقابلة، خاصة تلك الناتجة عن الإستثمارات في المشتقات ومشتقات الإئتمان، وقد تفاقمت الأزمة بشكل أكبر جرّاء عملية تخفيض الإستدانة نتيجة لترابط المؤسسات النظامية فيما بينها عبر مجموعة معقّدة من المعاملات. وفي المحصلة، فقد إنتقل العجز في القطاع المصرفي إلى بقية النظام المالي والإقتصاد الحقيقي، مما أدّى إلى إنكماش هائل في السيولة وتوافر الإئتمان ودفع ديناميكية الأسواق.

وهذا يقودنا إلى إلقاء الضوء على المعيار رقم 9 الصادر عن مجلس معايير المحاسبة الدولي والمتعلق بالأدوات المالية والمخصصات المالية، والذي حلّ محل معيار المحاسبة الدولي رقم 39 المتعلق بالأدوات المالية: الإثبات، والقياس، ويقدّم المعيار متطلبات جديدة للتصنيف والقياس والإضمحلال ومحاسبة التحوّط. والذي سيصبح إلزامياً عام 2018 مع السماح بالتطبيق المبكر. كما يجب تطبيقه بأثر رجعي.

ويمكن القول أن هذا المعيار جاء إستجابة لدروس الأزمة المالية العالمية، حيث إتضح أن أحد أسباب إمتداد أمد الأزمة هو التأخّر في الإعتراف بخسائر الديون، إذ كان يتم الإعتراف بالخسائر حين التحقق منها، أمّا المعيار الجديد فإنه يتطلّب إحتساب مخصصات الديون بناء على توقعات بحدوث تعثّر أو عدم الدفع من الجانب المقترض.
ومن المعروف سابقاً، أنّ المصارف العالمية كانت تحتسب نوعين من المخصصات:
الأوّل:    محدد وموجّه لمتابعة حسابات متعثّرة بعينها، وبتفاوت حجم المخصصات بناء على حجم تعثّر الحساب.
الثاني: هو المخصصات العامة التي تغطي كل الإحتمالات لمجموعة محفظة التمويل.
وصحيح أنّ المصارف المركزية باتت تتشدّد أكثر في بناء المخصصات العامة كإحتياط للعوامل غير المرئية، ما يعني أنّها باتت تقترب من تطبيق المعيار رقم 9 بشكل غير مباشر، لكن المعيار الجديد هو أكثر تحديداً ووضوحاً في هذا المجال.
ومن ناحية ثانية، إنّ ما أدّى فعلياً إلى تفاقم الأزمة المالية عند وقوعها، هو أنّ المصارف لم تكن تمتلك في ذلك الوقت مخصصات في مقابل التمويلات التي تعثّرت لاحقاً، حيث كانت تعتبر أن هذه التمويلات كلّها جيّدة، من هنا نشأ التفكير في ضرورة تحديد مخصصات حتى على الديون الجيّدة، نظراً إلى أن أي تمويل من الممكن أن يتعثّر.
وأمام تحديات أخرى في تصنيف المعيار رقم 9، ومن بينها عدم وضوح الأطر التنظيمية والقانونية والضرائبية، فإننا على ثقة بأن مصارفنا العربية في أوضاع مالية جيّدة وتحتفظ بمحافظ تمويلية وإستثمارية صحيّة بشكل عام، خصوصاً وأنّها حرصت على بناء مخصصات قوية خلال المرحلة السابقة، كما أنّها قادرة على التعامل مع متطلبات المعيار الدولي الجديد رقم 9. إلاّ أنّ هذا كلّه لا يعفي من المطالبة بأهميّة قيام المصارف العربية منذ الآن بالإستعداد لتوفير هذه المتطلبات والوفاء بها، لأن المعيار الجديد سيحقق مصلحة أكبر لها وللعملاء من جهة، ولكون ذلك سيبقيها مواكبة لأحدث التشريعات والمتطلبات العالمية من جهة أخرى. ما يعزّز مكانتها وسمعتها العربية والدولية.
أيّها الحضور الكريم،،
أمامكم اليوم الكثير من القضايا التي ستناقشونها ضمن فعاليات هذا المنتدى، ونحن نعلّق آمالاً كبيرة على بذلك كل الجهود للخروج بنتائج مهمّة، تحقّق أهدافنا من هذا اللقاء.
وفّقنا الله جميعاً لتحقيق ما فيه الخير لبلداننا وشعوبنا ومؤسساتنا.

وشكراً لإصغائكم،

RELATED PHOTO ALBUM:

Opening of UAB forum: Post Financial Crisis: Lessons Learned

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close