Source: Union of Arab Banks | 15 November 2018 | Country: Beirut,Lebanon

الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

(كلمــة)

الدكتور جوزف طربيه
رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب


فـي حفل إفتتاح أعمال
المؤتمر المصرفي العربـي السنوي لعام 2018    

"الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة"


15 نوفمبر/تشرين الثاني 2018
بيروت ـ فندق فينيسيا
 

أيها الحفل الكريم،

يُشرّفني بداية أن أتقدّم بجزيل الشكر والتقدير إلى دولة الرئيس سعد الحريري على رعايته لهذا المؤتمر وإفتتاح فعاليّاته.  والشكر موصول أيضاً لسعادة الأستاذ رياض سلامه حاكم مصرف لبنان على حضوره وتعاونه، ويسعدني أن أرحّب بمعالي الدكتور عبد الرحمن الحميدي مدير عام / رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، وأشكره على حضوره ومشاركته في مؤتمرنا السنوي.
كما يسعدني أن أرحّب برئيس وأعضاء مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية، وبكل ضيوفنا الأعزاء من كافة الدول العربية، وأتقدّم بشكر خاص إلى جميع مصارفنا العربية وأخصّ منها اللبنانية التي إحتضنت على مدى سنوات طويلة أعمال ونشاطات الإتحاد ودعمت إستمراريّته.

أيّها الحضور الكريم،،
نحتفل هذا العام بذكرى مرور 45 عاماً على تأسيس إتحاد المصارف العربية الذي إستضافته بيروت، وإنطلق منها في مسيرته في خدمة قطاعنا المصرفي العربي وتطوير الصناعة المصرفية العربية. ومنذ أكثر من عشرين عاماً تستضيف بيروت المؤتمر المصرفي العربي الذي شكّل منصّة سنوية، تجمع قيادات مصرفية ومالية ومؤسسات مالية عربية ودولية، للبحث في شؤون وشجون مصارفنا وإقتصاداتنا العربية، وتنسيق العلاقات على المستويين العربي البيني، والعربي الدولي.

في هذا السياق يأتي مؤتمرنا اليوم تحت عنوان "الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة" وهو موضوع تم إختياره بسبب التحديات التي تواجه عالمنا العربي بعد سنوات من الاضطرابات والحروب والاهتزازات البنوية والدمار في البنى التحتية والاجتماعية والحضارية.  

وفي مجال التنمية المستدامة، شكل اعتماد الأهداف الـ 17 التي وضعتها الامم المتحدة ضمن خطة العام 2030  واتفاق باريس لتغيير المناخ في العام 2015، لحظة حاسمة في مسار التعاون الدولي فكلاهما يدعو الدول الى رسم استراتيجيات وسياسات وطنية متكاملة تنطوي على تغييرات جذرية في النظرة الى التنمية المستدامة وتحديد جدول الاولويات، واعتماد شروط صديقة للاستثمار لتحقيق أجندة التنمية المستدامة للعام 2030. وهذه بالطبع تتطلب استثمارات ضخمة تحتاج الى آليات تمويل مبتكرة، والى تعاون قطاعات الدول كافة – الخاص منها والعام، بالاضافة الى التعاون الاقليمي والدولي.

وبالحديث عن التنمية المستدامة في عالمنا العربي، أشار التقرير الصادر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية AFED (Arab Forum For Environment and Development)  الذي عقد مؤتمره الاسبوع الماضي في بيروت أيضاً، الى ان الخسائر الناتجة عن الحروب والصراعات في المنطقة العربية منذ العام 2011، تجاوزت الـ 900 مليار دولار. كما أشار التقرير الى أن حاجة المنطقة العربية قدّرت بنحو 230 مليار دولار سنويًّا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهي تكلفة  من المتوقع أن تزداد في ظل ظروف عدم الاستقرار السائدة.  أما الفجوة التمويلية في الدول العربية التي تعاني العجز، فقدّرت بأكثر من 100 مليار دولار سنوياً.  

أيها الحضور الكريم،
لا نجاح في تحقيق التنمية المستدامة في عالمنا العربي إلا بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
إن موضوع هذه الشراكة هو موضوع بالغ الاهمية، يقوم على حشد الطاقات والموارد والخبرات لدى كل من القطاعين في إنشاء وتشغيل المشاريع بمختلف أنواعها . ويبدو مقبولاً مفهوم "الشراكة بين القطاعين العام والخاص" كحل لإعادة هيكلة وتفعيل القطاع العام لزيادة إنتاجيّته وتحديث القطاعات وتطويرها عن طريق الإستفادة من الخبرة الفنية والإدارية والتكنولوجية للقطاع الخاص، التي من شأنها أن تؤدي الى تحسين نوعيّة الخدمات المسداة للمواطن وإمكانية خلق فرص عمل جديدة من جهة، مع الإحتفاظ في الوقت نفسه بملكيّة القطاع العامّ لمؤسّساته.  وقد أثبتت تجارب بعض الدول بأنّ الشراكة أصبحت من أهم المساهمين في تطوير الإقتصاد، وخصوصاً فيما يتعلّق بالبنى التحتية ومشاريع التكنولوجيا والطاقة والمياه التي يعتبر تطويرها أكثر من ضرورة لأي إقتصاد حديث، لما يؤديه من دور في تحفيز الناتج المحلي وتطوير الإقتصاد وتأمين نموّه المستدام وإيجاد الأرضية المناسبة لإستقطاب الإستثمارات وخلق فرص عمل عديدة في القطاعات المختلفة. وقد لـُحظ دور كبير للشراكة مثلاً في خطط التحوّل الإقتصادي الإستراتيجي للدول العربية برؤية 2030 لكل من المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، وعدد من الدول العربية الاخرى.

في هذا السياق، ينظر القطاع المصرفي العربي بإيجابية كبرى إلى نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص ويرى إن إعتماده في تنفيذ وإدارة بعض النشاطات العامة ذات الطابع الاستثماري سيؤثر إيجابياً في اقتصادات الدول العربية عموماً، ويحدّ من العجز المتكرّر في الماليّة العامّة وتنامي الدين العام.  الا ان تشجيع القطاع المصرفي على تمويل مشاريع التنمية المستدامة التي قد تحمل مخاطر أعلى، يتطلب حوافز من الحكومات والمصارف المركزية والمؤسسات الدولية المعنية بالتمويل والتنمية.

ان الوصول الى أهداف التنمية المستدامة يحتاج الى استثمارات ضخمة بمليارات، لا بل تريليونات الدولارات، فمن أين يأتي التمويل، في ظل انحسار مصادر التمويل العامة والخاصة في المنطقة العربية وفي ضوء ما تخلـّفه الاضطرابات والحروب من حاجات اعادة اعمار ما تهدّم،  من المؤكد أن الحكومات وحدها لن تستطع تأمين المليارات المطلوبة لتمويل التنمية المستدامة.  لذا فمن الضروري تعبئة جميع مصادر التمويل من صناديق تمويل التنمية العربية والدولية والقطاع الخاص وهذا يحتاج إلى سياسات وتدابير تنظيمية ومالية تقوم على الشفافية والاستقرار التشريعي، ما يخلق الأرضية الملائمة لجذب الاستثمارات.

أيها الحضور الكريم،
لما كان يُعقد هذا المؤتمر على أرض لبنان، أردنا أن نواكب جهود الحكومة اللبنانية بقيادة دولة الرئيس الحريري لتفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بعد تشكيل الحكومة التي نتمنى ان يكون في القريب العاجل، حتى تباشر الدولة في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي الضاغط بالقيام بالاصلاحات الضرورية والملحّة على صعيد المالية العامة وتطوير البنى التحتيّة المترهلة، وتحسين بيئة الأعمال في ظل التغييب المتواصل للأنفاق الاستثماري، بهدف وضع البلاد على السكّة الصحيحة تمهيدأ لتطبيق مقررات مؤتمر سيدر CEDRE الذي قدّم للبنان دعماً بقيمة  نحو 11 مليار و800 مليون دولار.  

اننا نرى أهمية الدور الذي ستلعبه الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعلى رأسه القطاع المصرفي، في اعادة النهوض بالاقتصاد.  والكل يعلم أن القطاع المصرفي اللبناني هو العمود الفقري للاقتصاد والشريك الحاضر في كل مقام ومقال، الذي يلتف حوله اللبنانيون المختلفون حول شؤون كثيرة.  فهو درع الاقتصاد، والرافعة الاقتصادية التي اثبتت صلابتها على مر الأزمات الوطنية والاقليمية والعالمية.
وفي الختام،
اننا نتطلع من خلال هذا المؤتمر الى تلمّس فرص تسريع وتيرة النمو الاقتصادي المستدام والشامل في دولنا العربية، بهدف اعادة بناء الانسان العربي أولاً الذي لحقت ببنيته النفسية اشد الاضرار، ومن ثم تأمين العيش الكريم وفرص العمل لملايين الشبان في عالمنا العربي.
أجدّد شكري لدولة الرئيس سعد الحريري، ولسعادة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامه، وإلى ضيوفنا الأعزّاء، متمنياً لهذا المؤتمر تحقيق الأهداف المرجوة منه.    

شكراً لإصغائكم،،

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close