18/05/2013
«السفير» تحاور «القطاعات الاقتصادية والنقابات»
المصارف: نبتكر فن مجابهة المخاطر في بلد غير مستقر
جانب من لقاء «السفير» مع وفد جمعية المصارف برئاسة جوزف طربيه ومشاركة سعد الأزهري، غسان عساف ومكرم صادر (علي لمع)
عدنان حمدان
اختــارت «السفــير» أن يكــون دخولهــا سنتــهــا الأربعــين مناسبة لاستعراض الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ومدى تأثرها بالأجواء السياســـية المعقــّدة، لا سيــما في ظل التداعيات الخطيرة للتحولات الجــارية في المــنطقة من حولنا، والتي تتّشح بالدماء في حالاتٍ كثيرة.
وهكذا نظّمت سلسلة من المحاورات المفتوحة مع الهيئات الاقتصادية والمؤسسات التجارية والقطاعات النقابية، لنعرف أين يقف لبنان الآن؟ وما يتهدّده من مخاطر؟
تلامس هذه الحوارات موقـــــع الدولة والقطاع العام من التحـــــولات الجارية أو المتوقعة، كذلك موقع القطاع الخاص بمؤسساته وهيئاته المختلفة.
وتنوّه «السفير» بأنّ هذه المؤسسات جميعاً قد لبّت الدعوة إلى الحوار، وطرحت مشكلاتها وهمومها وموقف الدولة منها، بصراحةٍ مطلقة، مقدّمةً مقترحاتها الممهدة للخروج من المناخ المأزوم، والتقدم بالاقتصاد مع معالجة مشكلات القطاعات المختلفة.
ولسوف تنشر «السفير» خلاصات هذه المناقشات تباعاً، لعلها تفيد في اكتشاف طريق الحل، خصوصاً أنها تتزامن في الفترة الفاصلة بين حكومتين وربما بين نهجين في ممارسة السلطة في زمن الاضطراب.
هنا، عرض لوقائع الندوة الحوارية مع جمعية المصارف ممثلة برئيسها الدكتور جوزف طربيه، نائب الرئيس سعد الازهري، عضو هيئة مكتب الجمعية غسان عساف والأمين العام مكرم صادر.
يرى طربيه أنّ القطاع المصرفي استطاع تمييز نفسه وإدارة أموره في بلد غير مستقرّ، يواجه مخاطر امنية وسياسية استمرتً منذ العام 1975 حتى 1990، وبعدها احداث 6 أيلول. وقد صمد القطاع المصــرفي في مواجهــة هذه المخاطر بما فيها الاقتــصــادية. على إدارة أي مصرف أن تفهم في السياسة الدولية والقانون والمخاطر الوطنية والإقليمية والدولية وليس فقط في علم الاقتصاد والمال. نحن نعمل في 111 مدينة في العالم، ومجبرون أن يكون لدينا من يدير المخاطر ويقيّمها. لا يمكنك أن تعمل في العراق، مثلاً، من دون أن ندرس الوضع السياسي والأمني فيه، مع العلم انّ بعض البلدان التي تشهد اضطرابات أمنية، لا يتأثر قطاعها المصرفي إذا عمل ضمن أطر سليمة، وعرف كيف يضع قيوداً وضوابط.. المصارف اللبنانية العاملة في سوريا حددت أحجامها وقلصت نشاطها، ولكنها بقيت في الاقتصاد ضمن ما يتوافق مع القانون والعقوبات الدولية.
يضيف طربيه: القطاع المصرفي اللبناني يبتكر فن مجابهة المخــاطر أكــثر من غــيره، لأنه مرّ بصعوبات كثيرة وتمرّس في الإدارة وراكم معارفه. نحن نعرف المخاطر والتحديات التي تواجه السلطة والتركيبة السياسية المقلقة نتيجة الأوضاع الامنية في المنطقة، نتمنى الا تؤثر هذه الهزات على القطاع المصرفي وأن تبقى الثقة ملازمة لهذا القطاع، لأن المصارف استطاعت أن تنجح في أن تكون لكل اللبنانيين بجميع فئاتهم ومن دون تمييز. لا نخشى من أن يتعرض أحد للمصارف داخلياً، لأنّ الجميع لديه مصالح في المصارف.
أما خارجياً، فنحن أخذنا قراراً بالتعامل مع مراكز القرار المالي الدولي في الولايات المتحدة التي تدير السوق المالي العالمي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي، والعلاقة جيدة مع الجميع. حين يأتي «صندوق النقد الدولي» لزيارة لبنان، لا يلتقي فقط السلطات الرسمية بل تشمل لقاءاته جمعية المصارف للاطلاع على آرائنا. استطاع القطاع المصرفي أن يكون مستقلاً وبعيدا عن التقلبات السياسية. عندما شكلت الحكومة المستقيلة، تعرضت لهجوم دولي اختلط فيه المالي بالسياسي، لأنّ النظام الدولي يتعاطى بالقواعد نفسها ولكن بدرجة تشدد مختلفة وبحسب أهدافه التي تتراوح بين استراتيجية أو مالية. نحن حاولنا، بتشجيع من الدولة، الإمساك بهذا الملف ومعالجته مباشرة مع مراكز القرار المالي والسياسي لارتباطهما ببعضهما، وكانت آخر النشاطات زيارة وزارة الخزانة الأميركية، وغيرها من مراكز القرار، وفي الحقيقة لم يحصل أي خروج عن التعاطي الصريح بالنسبة للمواضيع المطروحة كتبييض الأموال والمال السياسي والوضع في سوريا والعلاقات مع إيران وغيرها.
يؤكد طربيه ان «مصارفنا تحيد نفسها عن التوترات السياسية، ولا تقبل أن نكون أداة لدخول أو خروج أي مال سياسي مقصود، طبعاً قد تتعرض لمرور عابر لعمليات كهذه، إنما مصارفنا جهزت نفسها بأهم وأحدث البرامج العالمية لتسهيل تنقية نفسها تحت رقابة النظام المصرفي العالمي، وبصورة خاصة تحت رقابة المصارف المراسلة. هناك إذن شبكة مراقبة مهمة على صعيد العالم كله، ونحن من باب الحماية لمصالح المودعين نتعاطى مع المراكز الدولية. ونحن اوضحنا لوزارة الخزانة الأميركية أننا لا نخاف شيئاً سوى فقدان ثقة المودع، لأنّ هذا يدمّرنا. أما المشكلات مع الجهات الأخرى فيمكن حلّها، مع المحافظة دائما على سمعة القطاع المصرفي اللبناني، حتى تبقى وتتعزز ثقة المودع لكي يواصل تحويل أمواله إلى لبنان، لأنّ المصرف الخارجي الذي ينفذ عملية التحويل اذا اشتبه بشيء تصبح نظرته إلى لبنان كبؤرة مشبوهة أو مهددة، فيصعّب عملية التحويل، كما حصل في عدة دول عربية اليوم، فينتظر التحويل أسابيع من التحقيقات. أما لبنان، فالتحويلات التي تأتي إليه، تصل من دون صعوبات أو شكوك بالنسبة لمن يحولها وهذا فخر لنا. غايتنا هي إبراز الوجه العملي والتقني والحضاري للقطاع المصرفي اللبناني وإبعاده عن التوترات الأمنية والسياسية.
شركتا الصرافة متهمتان وليستا مرتكبتين
اما بالنسبة لاتهام بعض الصرافين والتهديدات التي تأتي من هنا وهناك، يلفت طربيه الانتباه الى ان «القطاع المصرفي لم يهدده أحد. وبالنسبة لاتهام الخزانة الأميركية لشركتي رميتي وحلاوي بتبييض الأموال، فهما متهمان وليسا مرتكبين بحسب بيانات الخزانة الأميركية، وهذه التهمة قابلة للرد، ونحن قلنا ذلك في بياناتنا ان لدى الشركتين مهلة شهرين ليردا. ولكن أنا أعلم أن الخزانة الأميركية لا تصدر الاتهامات كيفما كان، وقالت انهما استخدمتا القطاع المصرفي في الصين وسنغافورة والإمارات العربية المتحدة ولم يذكروا لبنان، وهذا مهم جداً لأنّ القطاع المصرفي اللبناني مراقب بشكل جيد. ونحن قلنا إنّ الاتهام ذكر دولة عربية ولم يذكر لبنان.
الأزهري: الوضع السوري سيئ
وصف الازهري الوضع في سوريا بالسيئ جداً أمنياً وسياسياً واقتصادياً. وقد ترك ذلك اثره عل المصارف اللبنانية الموجودة هناك، فتقلص حجمها إن على صعيد الودائع أو التسليفات، ونتيجة ذلك تراجع نمو المصارف. فبنك لبنان والمهجر في سوريا، تراجع حجمه 80 في المئة عما كان عليه منذ سنتين، جزء منها بسبب تراجع العملة مقابل الدولار. وحجم الودائع تراجع 30 في المئة عما كان عليه، والأمر ذاته ينسحب على المصارف الأخرى. هناك أرباح تشغيلية تؤخذ كمؤونات والتاجر السوري يحترم سمعته ويدفع ديونه، والتجار الذين تسببوا بمشاكل قليلون، كان معظمهم متجاوباً، وحبن تراجع حجم أعمالهم اول ما فعلوه هو دفع ديونهم في المصارف. وطبعاً المصارف اللبنانية أمنت مؤونات بحجم 400 مليون دولار، كمؤونات احترازية ما جعلنا محصنين. في موضوع سوريا، المصارف اللبنانيــة تجاوزت المشكلة لأنّ حجمها تقلّص وحجم المؤونات كــبير، ومن أصل 26 فرعاً للمصارف، وبسبب الأوضاع الأمنية، ما زالت 8 مصارف تعمل هناك.
يضيف: في مصر الوضع مختلف، لأن المشكلة ليست امنية بل تتعلق بمالية الدولة، وهناك هبطوط في قيمة العملة. اما الشركات في القطاع الخاص فما زال وضعها جيدا، المشكلة في الدولة لأنّ ديونها تزداد والواردات تنخفض، وهناك مفاوضات للاتفاق مع صندوق النقد الدولي لمنح القرض لمصر. بعد الأزمة لم تحصل زيادة مهمة في القطاع الخاص، حجم التسليفات انخفض بسبب هبوط العملة بسبب التضخم، وزادت قروض التجزئة، بسبب فقدان الناس عملهم أو بيوتهم.
عساف: زواج مدني بين الدولة والمصارف
يشير عساف الى ان «القطاع المصرفي اللبناني منذ أكثر من 5 سنوات، يحاول توجيه رسالة للدولة لترتيب الخزينة ولتخفيف العجز، نحن نواصل دعم الدولة التي عليها أن تقوم بواجبها أيضاً، واليوم اكثر من أي وقت مضى باتت الرسالة أوضح امام الدولة بأن المضارف تنفذ فعلاً ما قلناه حول عدم زيادة التسليفات. وأحد أسباب ذلك أن الفوائد على التسليفات تراجعت علماً أنه عامل صحي لأنها تعطي انطباعا جيدا في السوق. المصارف تحاول توظيف الأموال في القطاع الخاص إن كان في لبنان أو في الخارج من خلال زيادة محفظة القطاع الخاص على حساب القطاع العام.
يتدخل سعد الازهري، هنا ، ليقول: منذ خمس سنوات كانت نسبة ديوننا للقطاع العام أكثر من القطاع الخاص، اليوم انعكست الامور (47 مليار دولار للقطاع الخاص، وهي تتجاوز قيمة الناتج المحلي، مقابل 31 ملياراً للدولة). زادت التسليفات للقطاع الخاص بشكل كبير، أي بأكثر من مئة في المئة، نظرا لثقة المصارف بهذا القطاع.
يلفت طربيه الى ان «الإقراض والتسليف للقطاع الخاص يتجاوز قيمة الدخل القومي وهذا أمر نادر. الناتج القومي في لبنان حوالي 43 مليار دولار وحجم القروض الممنوحة للقطاع الخاص 47 مليار دولار، ما يعني أنّ هناك ضخاً كبيراً نسبته 110 في المئة من حجم الناتج القومي المحلي. هذا يدلّ على أن المصارف لديها ثقة بالاقتصاد اللبناني، ويترجم ذلك بضخ أموالها فيه، في حين ان رجال الأعمال لا يوظفون كميات كبيرة من اموالهم الخاصة في مؤسساتهم».
يضيف: «الاقتصاد اللبناني مبني على مؤسسات وشركات عائلية، لا نعرف مدى جهوزيتها لإدخال شركاء من خارج العائلة، مع كل ما يتطلبه الأمر من شفافية وإفصاح واتباع قواعد إدارية وقواعد التدقيق والادارة الرشيدة. هذه الأمور تحتاج إلى وقت حتى يعتاد عليها الاقتصاد اللبناني، وهنا المأخذ ليس على القطاع المصرفي بل على تركيبة الاقتصاد.
قروض وتسليفات
ويدحض الازهري ما يشاع عن أنّ المصارف تمنح القروض للقطاع العام ولا تهتم للقطاع الخاص، ويقول: «هذا الكلام غير دقيق، الدليل على ذلك هو نسب التسليفات للقطاع العام ومقارنتها مع مثيلتها في القطاع الخاص. قروض القطاع المصرفي في لبنان هي من أعلى المستويات مقارنة بدول العالم».
عساف: المصارف تلعب دور المستثمر.
طربيه: القطاع المصرفي شهــيد هذا المشــهد. أرباح القطاع المصرفي مليار و650 مليون دولار وكلفة السلسلة ملياري دولار. القطاع يضم 71 مصرفا و23 ألف موظف بالإضافة إلى رساميل موظفة تعطي أرباحا مقدارها مليار و650 مليون دولار. أما الدولة فزيادة الرواتب فقط تتجاوز أرباح القطاع المصرفي.
عساف: نسبة الأرباح على الأموال الخاصة لا تتجاوز 11 أو 12 في المئة.
الازهري: هناك شفافية كبيرة لدى المصارف وكل أرباحها مصرّح عنها ولكننا ندفع 4 أو 5 مرات ضرائب أكثر من حجمنا في الاقتصاد، ما معناه أن هناك شفافية كاملة وعدم تهرّب. ندفع 7 في المئة من حجم الاقتصاد و30 في المئة من حجم الضرائب.
صادر: ادارة السيولة
يبدأ مكرم صادر كلامه بالحديث عن السيولة، فيقول: «لقد انخفض الاكتتاب في سندات الخزينة وهذا جزء من إدارة السيولة. المصارف اليوم تضع سيولتها إما سندات خزينة بالليرة اللبنانية أو في شهادات الإيداع في مصرف لبنان إذا اقتضت حاجتها. الليرات اللبنانية لا توظف في الخارج، إدارة السيولة هي من يحدد نسبة الأموال الموظفة في السندات. أما السيولة بالعملات الأجنبية فنحتفظ بها، علماً أن كلفتها علينا عالية جداً، وذلك بهدف حماية دورة الودائع في ظل الأوضاع غير المستقرة في البلد، حتى نستطيع تلبية حاجات الناس في حال نشبت حرب مثلا، ولأجل الحفاظ على الاستقرار النقدي في البلد. التوظيفات السائلة، ربحيتها غير موجودة. ودائع المصارف بالعملات في لبنان 27 مليار دولار و6 مليارات سندات خزينة، ما يشكل 33 مليار دولار. السيولة بجزئها الداخلي دعم للاستقرار النقدي وسعر الصرف والمداخيل المحدودة، وجزء منها، اي حوالي 11 مليار دولار في المصارف الاجنبية لتمويل التجارة الخارجية. السيولة لها دور مصرفي وللحفاظ على الاستقرار النقدي وحماية المودعين رغم ان ربحيتها اقل».
يتابع صادر: قدمنا قروضا لـ87 ألف مواطن لشراء مساكن وهي مهمة، فلولاها لما استقر هؤلاء الشباب وتزوجوا وعزفوا عن الهجرة. متوسط هذه القروض 100 ألف دولار».
طربيه: «هذه القروض موجهة إلى الطبقة الوسطى وليست موجهة إلى طبقة أصحاب الرساميل لأنّ مساحات العقارات وسقف التسليف محدودة، وهي من الاحتياط الالزامي للمصارف. وافق عليها مصرف لبنان ضمن رزمة مشاريع مهمة غطت حزمة كبيرة من التسليف الإنتاجي والإسكاني».
صادر: يعود صادر للقول: «التسهيلات التي يقدمها البنك المركزي هي على غرار أهم المصارف في العالم، كالـ«فيدرال ريزرف» و«البنك المركزي الياباني» و«البنك المركزي الفرنسي» التي لديها سياسة منتظمة في السيولة لرفع النمو. وما يحاول مصرف لبنان ان يفعله هو تحقيق النمو اليوم في ظل تراجع الاستثمارات والمداخيل وميزان المدفوعات وبالتالي النمو. النمو عادة إما أن يرتفع عبر زيادة الطلب الخارجي او عبر التسليف الداخلي، مصرف لبنان شعر في لحظة من اللحظات انه إذا استمر الوضع الخارجي والأمني على هذا المنوال، فالنمو يتجه نحو الصفر أو ما دونه، فهو يحاول كالمصارف المركزية في العالم أن يحفز النمو».
طربيه: الاستقرار التشريعي
ويقول طربيه: «نحن نفكر بمخاطر الاستقرار التشريعي في البلد، فمثلا قد تأتي حكومة وتفرض ضرائب تبعاً لمصلحتها فتزيدها على الودائع وبعض انواع الاستثمار المشجعة. ونحن واجهنا هذا الأمر في عدة حكومات، وكنا نتحاور مع وزارة المالية لأنّ عدم استقرار الضريبة المالية في ظل بلد يعتمد على التحويلات الخارجية والاستثمار مضر جداً. من الضروري أن يحافظ النظام على استقراره التشريعي وأن تحافظ السلطة النقدية على الاستقرار النقدي وعدم تغيير قواعد التحويل وحرية القطع وتحويل الرساميل. قبرص قررت فرض ضريبة على كل الودائع قبل شهر، إلا أنها عادت وندمت على قرارها ولم يوافق مجلس النواب، ولكن قبرص فقدت ثقة المودعين. وبالتالي التقاليد التي يبنى عليها الاستقرار والثقة من المهم المحافظة عليها لأنها حساسة».
يشير ازهــري الى ان «أهــم مشــكلة الــيوم هــي العـجــز الأولي الذي نــراه الآن، سابقــا كــان هناك فائض وكان نسبياً حجــم الدين إلى انخفاض. ولكن في الـ2012 رأينا تحـولاً في هذا الإطار وعدنا الى مشكلة عدم السيطرة على حجم الدين وازدياد العجز. على الدولة ضبط مصاريفها، وعليها أن تحقق فائضاً أولياً وهذا الموضوع مهم جداً ويجب معالجته فوراً».
ويعتبر عساف ان «الثقة لا تأتي فقط من الاستقرار التشريعي. بل كذلك من ثقة المجتمع المالي الدولي بلبنان في ظل الإجراءات والعقوبات والقوانين الدولية وهذا أمر مهم جداً لأنّ غياب الثقة يؤثر في سمعة المصارف».
اما طربيه فيشيد بسياسة حاكم مصرف لبنان الذي «يتقن خلال 20 عاماً من العمل وهناك جزء كبير من الاجراءات التي اتخذها سابقاً يستخدمها النظام المصرفي العالمي في الأزمات. قال سابقاً إنه لا يسمح لأي مصرف في لبنان أن يفلس لشعوره بانه لا يمكن تشويه سمعة البلد إن كان هناك حلول أخرى، وكان الهاجس الأول عنده انّ المودع لا يجب أن يخسر في تعاطيه مع المصرف».
يضيف مكرم صادر: «خرج 31 مصرفاً من السوق المالية نتيجة الحرب الاهلية اللبنانية، ومع ذلك لم يخسر أي مودع امواله. ولم تتعرض الودائــع لأي اقتــطاع وهذا هــو أســاس الثقة التي ضُربت في قبرص من اليوم الأول».
الديون المشكوك بتحصيلها
حول الديون المشكوك بتحصيلها ، يلفت طربيه «موضوع الديون المشكوك بتحصيلها، في لبنان هي تحت السيطرة مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات الأمنية والسياسية. قسم من تسليفاتنا هو للشركات التي تملك قدرات فعلية، ولكن ما يمكن ان يتعرّض للخطر اكثر من غيره هو تسليف التجزئة الذي يعطى للأفراد. المصارف في السنتين الأخيرتين تتوجه نحو التسليف المرتبط بضمانات، كالتسليفات السكنية مثلا، بالطبع هناك تأثيرات للوضع الأمني على المصارف، إلا أنّ القطاع اعتاد على هذه التغييرات وقد مرّ بتجارب كبيرة أثبتت قدرة القطاع على إدارة الأزمات.
يؤكد صادرأنّ التدفقات الخارجــية إلى لبــنان قد انخفضت. ولكن في السنــوات العشر الماضية كان لدينا فوائد كبيرة تراكــمت لدى الناس ومصرف لبنان والمصــارف. وبالــتالي إذا مررنا بسنــوات عــجـز كالـ2011 و2012 الذي بلغ 1900 في 2011 و1500 في 2012، فنحن قادرون على التمويل. ونأمل أن يتحسن الوضع الأمني والسياسي وأن تعــود الاستثــمارات الخــليجية واستثمارات اللبنانيين المهاجرين الى دول خليجية التي تبلغ حوالي 3 مليارات ونصف المليار دولار سنوياً. لدينا علاقــات مهمة جداً مع المستثمرين الخليجيين. إذ لدينا تحويلات لبنانــية سنويــة من الخــارج إلى لبنان تقدر بحوالي 7 أو 8 مليارات دولار، 60 في المئة منها من الدول الخليجية. بالإضافة إلى دور الخليجيين في السياحة والاستثمارات».
ازهري: يأتينا كل سنة 7 أو 8 مليارات دولارمن اللبنانيين العاملين في الخارج، منها 4 مليارات من الخليج، وبالتالي الخليج مصدر رزق مهم في لبنان.
عساف: صحيح أنّ هناك عددا كبيرا من المصالح الاقتصادية تأثرت بالوضع السياسي لا سيما المجال السياحي، ولكنّ بعض القطاعات شهدت تحسنا لا سيما المواد الغذائية مع دخول مليون سوري إلى البلد.
التسليفات للقطاعات
يقول صادر: «نحن نقرض القطاعات بلبنان بما يتناسب مع حجم مساهمة هذه القطاعات في الاقتصاد اللبناني. لا يمكن تحميلها ديوناً أكثر من استطاعتها. مع نهاية الحرب اللبنانية منذ 1993 كان التسليف للشركات الصغيرة ومن ضمنها التسليف الزراعي خاضعاً لشروط التسليف التجاري، وكانت تسلّف عملياً بأقلّ مما يلزم، ولكن خلال الـ20 عاما الأخيرة، وبالتعاون مع مصرف لبنان والمصارف الأخرى ووزارة المالية وجمعية المصارف، تم خلق ما يقارب 10 آليات وصيغ تسليفات متخصصة، على رأسها «كفالات». تسليفات «كفالات» موزعة حسب المناطق والشركات، وحصة الزراعة ارتفعت. في كل بلاد العالم، هناك عنصر دعم مرتفع جداً في التسليف تتحمله الدولة وخزينتها، ويمكن للمصارف أن تشارك فيه كأقنية للتوزيع العادل وغير السياسي، ونحن نلعب هذا الدور.
التسليفات الاجتماعية
يضيف طربيه عن التسليفات والقروض الاجتماعية: «منذ 10 سنوات حتى اليوم، جاءت مؤسسات اجتماعية مشجعة، لتضمن التسليفات المجهرية. بدأنا بمبلغ مليوني دولار وبخلق شبكات في القرى لمساعدة الناس لإقامة مشاريع بمبالغ بسيطة 500 دولار أو ألف دولار، ويتم تسديد المبالغ من دون أي مشكلة. اليوم نجد ان هذه المشاريع انتشرت وبدأت السوق الأوروبية والجمعيات الأخرى بالعمل في هذا المجال، بينما الذين يقترضون مبالغ كبيرة يتسببون بمشاكل أحياناً لتسديد الأموال، مع العلم ان إدارة المديونين الصغار صعبة.
يعقب ازهري على كلام طربيه: نحن لدينا برنامج كبير لمساعدة الشباب في اختيار مجال التخصص العلمي والجامعات، ونقوم باختبارات لهم على الكومبيوتر لمعرفة قدراتهم ونقوم بمساعدة الألاف من الشباب بالإضافة إلى قروض الجامعات. وهناك مشروع آخر قمنا به هو نزع الألغام، إذ كان الجيش اللبناني يقوم بنزع الألغام بقدرات مادية محدودة، فاتفقنا على مشروع انتاجي نصف الأرباح لمشروع نزع الألغام. وقد نجح هذا العمل. وقد زارنا وفد من جنيف للاطلاع على كيفية تنفيذ مشروع «الكارت».
يتابع طربيه في السياق ذاته: قمنا في «جمعية المصارف» أيضاً بمشاريع اجتماعية فطلبنا من المصارف تمويل مساكن القضاة على 30 سنة ومساكن قوى الأمن والجيش بفائدة 1.6.