أعلن رئيس مجلس إدارة جمعية المصارف جوزف طربيه أن لبنان «يعمل جاهداً في الآونة الأخيرة، بالتعاون مع المؤسسات المالية العالمية والحكومات، لوضع برنامج استثماري واسع النطاق للبنى التحتية تبلغ قيمته 20 مليار دولار، بهدف تحقيق قفزة نوعية وتحوّل مهم في النمو الاقتصادي»، موضحاً أن هذا البرنامج «الذي نأمل أن يُعلن عنه في العام 2018، من المتوقع تنفيذه على مرحلتين».
كلام طربيه جاء في كلمة ألقاها خلال مؤتمر المصرفي اللبناني الذي انعقد في لندن من تنظيم جمعية مصارف لبنان، و«الفايننشال تايمز».
وقال طربيه «كنت أتمنى أن أبدأ كلمتي في ظل ظروف سياسية أفضل في لبنان، بعد استقالة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري التي أحدثت صدمة لنا وللكثير من اللبنانيين الذين يتمسكون بوحدة وطنهم واستقراره. إلا أن الفراغ في الرئاسة الثالثة يتم التعامل معه وفق الأصول الدستورية والقانونية المعمول بها والتي يتمسك بها اللبنانيون، كما في كل الأنظمة الديموقراطية المتجذرة في العالم».
وأوضح أن لبنان يعمل جاهداً في الآونة الأخيرة، بالتعاون مع المؤسسات المالية العالمية والحكومات، لوضع برنامج استثماري واسع النطاق للبنى التحتية تبلغ قيمته 20 مليار دولار، بهدف تحقيق قفزة نوعية وتحوّل مهم في النمو الاقتصادي، بعدما وصلت الأوضاع السائدة الحائط المسدود. وشرح أن هذا البرنامج الذي «نأمل أن يُعلن عنه في العام 2018» من المتوقع تنفيذه على مرحلتين:
- المرحلة الأولى تقتضي بإنفاق 4 مليارات دولار على ما يقارب 40 مشروعاً حالياً يشمل البنى التحية، علماً أن تمويل هذه المرحلة مؤمّن من جهات خارجية ويتطلب استثماراً من الجانب اللبناني بقيمة 700 مليون دولار منها 400 مليون دولار سيؤمّنها المصرف المركزي اللبناني ووزارة المالية.
- المرحلة الثانية تقتضي بتأمين 16 مليار دولار لتمويل 240 مشروع بنى تحية. وسيتولى البنك الدولي الإدارة والموافقة على كل مشروع، على أن يضع صندوق النقد الدولي الأطر المالية والماكرو - اقتصادية لها. ومن المتوقّع أن يكون التمويل على شكل قروض ميسّرة لمدة 30 سنة مع فترة سماح تمتد الى 10 سنوات، تمنحها مؤسسات وصناديق تمويل إقليمية وعالمية، مثل البنك الأوروبي للاستثمار، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية، والبنك الإسلامي للتنمية، وغيرها. ونحن كمصارف ومصرفيين، نرحّب وندعم هذه المشاريع المهمّة ونتطّلع الى المشاركة في إنجاحها.
واكد طربيه أن الصناعة المصرفية اللبنانية قويّة، وتقف بثبات في وجه نوعين من التحدّيات: الأول داخلي وخاص بالاقتصاد اللبناني، والثاني دولي. ولفت إلى أن القطاع المصرفي اللبناني «يواجه للعام السابع على التوالي، الآثار السلبية للأزمة السورية وما أنتجته من حجم هائل للنازحين على أراضيه، ما أعاق نموّ اقتصاده الذي تراجع الى معدلات ضئيلة تراوحت بين 1 في المئة و2.5 في المئة، وأثّر سلباً على قطاعات السياحة والتجارة والاستثمار الأجنبي المباشر. كما أن النشاط الاقتصادي المحلّي لم يتعافَ بعد الى المستوى المطلوب، بسبب الوضع الإقليمي المعقّد. أما على الساحة الدولية، فالكل ملمّ بالقوى المؤثّرة والضاغطة على الصناعة المصرفية في العالم، وكذلك التحدّيات والتكاليف الكبيرة الناجمة عن التغيّر السريع للقوانين والتحوّط للمخاطر. ويبقى قدرنا التأقلم الدائم والمضي قدماً نحو الأمام».
وقال «في ظل الأوضاع هذه، يبقى نشاط القطاع المصرفي اللبناني وأداؤه سليمين»، لافتاً إلى أن «صلابة القطاع المصرفي اللبناني في وجه الخضات والأزمات الإقليمية والدولية، إضافة إلى ثقة المستثمرين والمودعين وإدارة المخاطر الحكيمة التي يتمتع بها، هي لا شك عوامل أساسية في دعم النشاط المصرفي اللبناني والأداء الجيّد للقطاع. إضافة الى تطبيق القوانين والرقابة الفعلية واعتماد الأنظمة الدولية والممارسات الفضلى في الصناعة المصرفية».
وعرض لنمو ميزانيات المصارف، وللنسب المرتفعة لمعدلات السيولة وكفاية رأس المال، وللنظم الدولية التي تطبقها المصارف، موضحاً أن المصارف اللبنانية شرعت في التزام تطبيق المعايير المحاسبية IFRS9 منذ مطلع العام 2016، رغم أن هذه المعايير لن تدخل حيّز التنفيذ قبل العام 2018، وكذلك الأمر بالنسبة إلى معايير «بازل 3» حيث بدأ التطبيق باكراً وبشكل أشد صرامة، بهدف التحوّط لمخاطر عالية في ظل الظروف المحيطة ببيئة العمل. وقال إن إجمالي معدل كفاية رأس المال سيصل الى ما نسبته 14.5 في المئة و15 في المئة في نهاية السنتين 2017 و2018 تباعاً، وحصة الأسهم العادية إلى نسبة أقلّها 9 في المئة، ورأس مال أساسي 12 في المئة. وأوضح أن هذه النسب تتضمن عازل الحفاظ على الرأسمال الذي يجب أن يبلغ 4.5 في المئة من مجموع الموجودات المرجّحة بأوزان المخاطر، في نهاية العام 2018.
أضاف «إن الحرب ضد تبييض الأموال وتمويل الإرهاب عن طريق اعتماد القوانين والأنظمة الدولية وتطبيقها، إضافة إلى احترام سيادة القرارات الدولية ولوائح العقوبات، كانت وستبقى التزاماً قوياً تنتهجه مصارفنا، وهو عملية مستمرة وأولوية لقطاعنا. وتتصدّر حماية سمعة مصارفنا وعملائنا كل انشغالاتنا واهتمامنا. وما اجتماعنا اليوم إلا خير دليل على ذلك».
وختم كلمته بالقول «في ظل الأوضاع الراهنة، كان لإعلان استقالة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من منصبه، التأثير المهمّ على الحياة السياسية في لبنان، خصوصاً أن الاستقالة أتت في ظل تصعيد للصراع السياسي بين المملكة العربية السعودية وإيران. إلا أننا لا نتوقع تصعيداً كبيراً للوضع في لبنان. على العكس، فإن التعاطي الحكيم مع الأزمة السياسية قد يحوّل المشكلة إلى فرصة لبناء توافق سياسي جديد محوره الإرادة الدائمة للبنانيين بعدم الشروع في أي مغامرة سياسية كانت أو أمنية. بالإضافة الى ذلك، فإن اللبنانيين يبرهنون عن حسّ قوي بالوحدة الوطنية. وقد برهن النظام السياسي في لبنان عن صلابته مقارنة بالبلدان المجاورة التي عُرفت سابقاً باستقرارها السياسي على نحو أفضل من لبنان».