خليل افتتح مؤتمر "تعزيز القدرات المالية": قوانين قبول القروض تستوجب إقرارا سريعا لم يعد يحتمل التأجيل
الأربعاء 21 تشرين الأول 2015
وطنية - شدد وزير المال علي حسن خليل على أن "الإسراع في إطلاق عمل المؤسسات لا سيما مجلس النواب، مسألة لم تعد ترفا سياسيا، بل حاجة ضرورية وماسة للمحافظة على ما تبقى من الدولة وهيبتها ومسؤولياتها"، داعيا إلى "التقاط فرصة العودة إلى مجلس النواب لأنها أصبحت أكثر تيسرا في هذه اللحظة، بعد فشل التسوية لإطلاق عمل الحكومة".
كما دعا الى "الإسراع في إقرار كل القوانين المتصلة بالشأن المالي والاقتصادي وبحياة الناس"، منبها إلى أن "القوانين المتعلقة بقبول قروض من البنك الدولي وتلك المتصلة بالثقة بالقطاع المصرفي والمالي اللبناني، تستوجب إقرارا سريعا لم يعد يحتمل التأجيل".
كلام خليل جاء في خلال افتتاحه "المؤتمر الوطني حول تعزيز القدرات المالية" في فندق "فينيسيا" في بيروت، نظمته جمعية المصارف بالتعاون مع معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي ووزارة التربية، بدعم من منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية OECD، وشارك فيه ممثل وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب المدير العام للوزارة فادي يرق، رئيس جمعية المصارف رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزيف طربيه، في حضور فاعليات مالية ومصرفية وتربوية.
خليل
وألقى خليل كلمة، قال فيها: "يبدو غريبا أن نلتقي في مؤتمر متخصص حول تعزيز القدرات المالية في وقت يعيش وطننا لبنان واحدة من أعقد أزماته السياسية. والأخطر في ما نعيش هو أننا تجاوزنا كل الخطوط الحمر في التعاطي مع القضايا الأساسية التي تشكل أعمال بقاء الدولة واستمرارها وهو انتظام عمل المؤسسات الدستورية الذي وحده يعطي الثقة بالوطن والدولة وبالقدرة على الاستمرار والتطور. وهو أمر أخذ أبعادا خطيرة في الآونة الأخيرة مع استمرار الشغور الرئاسي وانعكاسه على واقع عمل كل المؤسسات".
أضاف: "شاع منذ ما بعد اتفاق الطائف أن موقع رئاسة الجمهورية قد ضعُف. وبتجربة الشغور الصعبة والمريرة ثبت أن لا إضعاف لأي من المؤسسات بل توزيع للسلطة يستوجب وجودها جميعا وتكاملها بعضها مع بعض لتنتج صورة الدولة القادرة على تلبية طموحات الناس وتعالج قضاياهم. وعشنا في خلال السنة ونصف السنة المنصرمة واحدة من أعقد التجارب وأصعبها في إدارة الحكم وهي أبدعت وكرست الكثير من الأعراف وخلقت نوعا من التوازنات وأعادت توزيع أدوار بشكل مصطنع وخطير، والأخطر إذا ما استمر على طبيعة وجود هذه المؤسسات الدستورية واستمرارها وعملها".
وقال: تجرأنا جميعا على الدستور والقوانين وكسرنا هذا الدستور وهذه القوانين تحت عناوين مختلفة إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه وهو شلل في عمل الإدارة والسلطات والمؤسسات الدستورية ومزايدات تكاد تنهي ما تبقى من هيبة ورمزية عبر اختراع نصوص تتلاءم مع مواقعنا السياسية الخاصة. والأخطر أيضا ربما مع مواقعنا الطائفية والحزبية والسياسية، ما يعكس أن المؤسسات أصبحت ترتبط بالشخص وبطائفته ومذهبه لا بالدستور وقواعد ونصوص هذا الدستور. وأقول هذا الكلام لا لأطرح صورة سوداوية (...) لكن لأرفع الصوت باسم اللبنانيين العاديين الذين يتطلعون إلى أن تتحمل الدولة مسؤولياتها على الصعد كافة، بدءا من حل قضية النفايات التي تحولت من قضية تفصيلية كان من واجب إدارة أو وزارة أو حكومة أن تقوم بها، إلى قضية وطنية اختلط فيها السياسي بالطائفي والمناطقي، وأصبحت للنفايات مذاهب وطوائف وأحزابا ومناطق وساهمت وكرست وطرحت فرزا خطيرا يمس البنية الاجتماعية لوطننا لبنان وهذا من أخطر ما يمكن أن نواجهه".
وتابع: "نرفع الصوت اليوم لنقول إن الإسراع في إطلاق عمل المؤسسات لا سيما مجلس النواب، مسألة لم تعد ترفا سياسيا نقبل به أو لا نقبل به، وهو أمر خارج إطار التوظيف السياسي لمصلحة هذا الفريق أو هذا المكون على حساب مكونات أخرى، بل إنه حاجة ضرورية وماسة للمحافظة على ما تبقى من الدولة وهيبتها ومسؤولياتها تجاه الناس والمجتمع الدولي وكي تحافظ على ما تبقى من ثقة للبنان يحتاجها للعبور إلى مرحلة أفضل".
ودعا "كل القوى الساسية والكتل النيابية إلى تحمل مسؤولياتها"، وقال: "ربما في خلال الأسابيع الماضية كان إيجاد تسوية لانطلاق الحكومة وتفعيل عملها هو الأسهل. لكن بكل صراحة، بعد فشل هذه التسوية وبعد الإشكال السياسي الذي رافقها، ربما العودة إلى مجلس النواب في هذه اللحظة قد يكون أكثر تيسرا وبالتالي علينا أن نلتقط هذه الفرصة وأن نسرع في إقرار كل القوانين المتصلة بالشأن المالي والاقتصادي وكل القوانين المتصلة أيضا بحياة الناس لأنه ليس فقط من مسؤولياتنا أن نقوم بالحد الذي نعتبره خطرا على الدولة في ما يتعلق بعلاقاتنا الخارجية. وقال: هذا أمر مهم وفي غاية الخطورة وقاربت هذه المسألة في الأمس مع رئيس مجلس النواب (نبيه بري) ورئيس الحكومة (تمام سلام) وبينا المخاطر الناتجة من عدم إقرار القوانين المتعلقة بقبول قروض من البنك الدولي وقوانين أخرى تتصل بالثقة بقطاعنا المصرفي وبالثقة بقطاعنا المالي والتي تستوجب إقرارا سريعا لم يعد يحتمل التأجيل بعدما أجلنا في خلال السنتين المنصرمتين".
ولاحظ خليل أن "ثمة قضايا أخرى أيضا متعلقة بحياة الناس، وبقوانين تتصل بمعيشتهم وواقعهم الوظيفي والإداري وتمس شرائح وقطاعات واسعة ومختلفة، وبالتالي الأمر الذي كان يصنف في خانة الضرورة قد توسع مع طول مدة تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية"، وقال: "نطرح هذه القضايا كي نضع الجميع أمام مسؤولياتهم، ومسؤولية الجميع هي في أن يمارسوا الأدوار المنوطة بهم التزاما بما تمليه عليهم المصلحة الوطنية والمصلحة الأخلاقية والتزام ما يريده الناس كل الناس. وعندما نستطيع أن نحرك عمل المؤسسات السياسية والدستورية نصبح في واقع دينامي يسهل إقرار وإنجاز الكثير من الخطط المتصلة لتفعيل عمل الإدارة والدولة، وهذا المؤتمر المتميز يعبر عن دينامية القطاع الخاص بالدرجة الأولى ودور الدولة الواجب أن يواكب هذا الأمر ويطرح القضايا من منظور رؤيوي واضح يتصل يتحديات المستقبل".
وتابع: "اليوم أصبح من الواجب علينا أن نعمل بجدية لمحو الأمية على مستوى الشأن المالي، كما سبق أن تم محو الأمية على أكثر من صعيد. وهذا الأمر تفرضه وقائع التطور الذي يشهده العالم، في ضوء اختلاف الأدوات والمعايير والمسؤوليات والحاجة إلى إشراك أوسع قاعدة شعبية في تحمل المسؤولية تجاه التحديات التي تواجه العالم بأسره، وهو أمر فرضه التطور لاتصاله بالقطاعات المالية والإنتاجية والمصرفية وإدارة الشأن المالي، لأن أي جهل في هذا المجال قد يدمر واقع مجتمعاتنا أو حياتنا الخاصة والعامة".
وأشار إلى أن "الأزمة المالية العالمية الأخيرة بينت أن ثمة نوعا من الجهل لدى قطاعات واسعة في كيفية إدارة الشأن المالي، إن على المستوى الفردي أو على مستوى المؤسسات الأكبر. لهذا كانت ثمة تجارب على مستوى العالم، ومبادرات على مستوى لبنان، تواكب ما يحصل في الدول المتقدمة التي أنشأت شبكات متخصصة لمتابعة هدا ا?مر تشارك فيها مجموعة وزارات وإدارات كوزارت المال والتربية والشؤون الإجتماعية والمصارف والبنوك المركزية وغيرها".
واردف: "هذا المؤتمر يدفع في اتجاه التخطيط المبكر لدى كل القطاعات لمواجهة تحديات أي مشكلة اقتصادية أو مالية. ولدينا في لبنان الكثير من الأزمات ولدينا تحديات كبرى، لذلك كان لزاما علينا أن نبادر إلى العمل من أجل تعزيز الوعي حول الثقافة المالية بالمواكبة مع كل ما يحصل على المستوى السياسي. وهذا الأمر يطرح أيضا بالتوازي قضية إدارة شؤون الدولة على المستوى التنفيذي. وعلى مستوى التحديات الكبرى، المطلوب مواكبة سياسية مركزية لإعادة الحياة للمؤسسات وعلى مستوى كل وزارة وكل إدارة ثمة مسؤوليات، وهذا ما نعمل عليه على مستوى وزارة المال، من التخطيط الذي نعيش اليوم إحدى تجلياته أو عناصره، وصولا إلى ممارسة رشيدة للسلطة داخل الوزارة وإدارة المال العام بأعلى درجات الشفافية والوضوح والالتزام بالقوانين المرعية وبأصول الرقابة والمحاسبة، وهذا الأمر في غاية الأهمية ويحتاج إلى مبادرات من قبل الوزارات وعدم انتظار كي تفرض علينا الوقائع نفسها ونعيد العمل في إطار ردة الفعل".
وشدد على أن "وزارة المال بمختلف إداراتها تحرص على المبادرة إلى إجراء إصلاحات في العمل الإداري والتنفيذي وإلى معالجة كل الثغر ودائما على أساس الحفاظ والالتزام بالقوانين المرعية الاجراء، قوانين الإدارة والرقابة والمحاسبة وتسليط الضوء على الثغر كي نخرج منها، لا الدوران حولها لتستهلكنا مع الوقت وتضعف قدرتنا على إحداث أي تغيير في واقعنا". وأبرز أن "وزارة المال تقوم اليوم من خلال معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، بعمل رائد مع وزارات مختلفة وإدارات عدة، ومع القطاع الخاص، واليوم ونشهد واحدة من هذه الأعمال مع جمعية المصارف لتعزيز هذه الثقافة التي يتكامل فيها دورنا مع دور وزارة التربية وربما نحتاج إلى أدوار مؤسسات أخرى وبالتأكيد إلى القطاع الخاص وإلى هيئات المجتمع المدني التي يشكل بعضها مع بعض الركيزة الأساسية لتغيير حقيقي نطمح إليه".
ورأى أن "هذا التعاون ممتاز، والمؤتمر يجب أن يصل إلى جملة من التوصيات لنضعها موضع التنفيذ في وزارة التربية وعلى مستوى التعليم الثانوي وربما قبله وعلى مستوى التعليم الجامعي والانطلاق نحو إدارة ندوات داخل المناطق والمجتمعات المهمشة لها علاقة بالادخار وبمواكبة ومواجهة التحديات الطارئة التي يمكن أن تصل إلى هذه المجتمعات الصغيرة". وقال: الأمر ليس مقتصرا فقط على المدارس والثانويات والجامعات، إنما يجب أن يطال كل الشرائح الاجتماعية في أماكن انتشارها كي يساهم في خلق هذه الثقافة العامة المطلوبة لدينا في لبنان".
وشدد على أن "الثقافة المالية المنشودة لا تحمي فقط الفرد ولا تحمي مجموعة بل تكمل هذه السلسلة من الحماية بدءا من الفرد إلى المؤسسات المالية إلى كل أركان الدولة وحمايتها وحماية المؤسسات. هذا ما نطمح إليه ونعمل للوصول إليه والذي يوصلنا فعلا إلى حكم رشيد قادر على أن يحجز لوطننا مكانا في عالم يتقلب بسرعة ولا مكان فيه للجانبين".
وختم: "لبنان تعود أن يكون المبادر وربما في هذه اللحظة السياسية نشعر بالاختناق نتيجة الإشتباك السياسي الكبير، ولكني أجدد ثقتي بلبنان وطنا قادرا على الخروج من أزمته. هو وطن استطاع في تحديات أصعب أن يخرج وقطاعاته المصرفية والمالية والاقتصادية والتربوية أثبتت مناعتها ولا نزال نعتقد بوجود هذه المناعة، لكن الأهم أن تكون لدينا مناعة سياسية قادرة على حماية البلد ومؤسساته وإطلاقها لنصل إلى استقرار سياسي حقيقي نستطيع معه أن نحجز لنا مكانا في هذه الكعكة الكبيرة التي رُسمت على مستوى المنطقة والعالم والتي تتطلب جهوزية عالية، لبنان يجب ألا يغيب عنها. هذا اللبنان سيعيش سيبقى وسيقوى بإرادة مثل هؤلاء الذين يمارسون اليوم فعلا متقدما من الوعي ومن الرؤية تجاه المستقبل من خلال هذه الندوة المرتبطة بتعزيز القدرات المالية".
يرق
وألقى يرق كلمة الوزير بو صعب، فلاحظ أن "العصر الحالي يشهد تسارعا غير مسبوق في استخدام المنتجات المالية التي تنتجها المصارف والشركات المالية والاسواق الإلكترونية وشاشات البورصة والتعاملات بالأسهم والاوراق المالية، وغالبا ما تكون هذه المنتجات سببا لخسائر كبيرة لمستخدميها بسبب الجهل أو قلة الثقافة حول آليات استخدامها وشرح مخاطرها". وأضاف: هذه الحالة التي فرضت نفسها على العالم استدعت تدخلا مباشرا في اكثر من مجال وعلى أكثر من مستوى من اجل استدراك المخاطر وتشجيع الشباب على الانخراط في عملية تأهيل وتثقيف مالية ومصرفية واقتصادية تهدف الى الافادة من هذه المنتجات الى اقصى الحدود الممكنة، من دون الوقوع في الخطأ او البقاء بعيدا من هذا العالم الذي يكتسح البشرية عبر الكمبيوتر ووسائل التواصل من الهواتف الذكية وغيرها".
وأشار إلى أن "معهد باسل فليحان تحرك تجاه هذا الواقع ونظم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي دورات تدريبية للأساتذة ولتلامذة الاقتصاد في الثانويات في اطار برنامج يهدف الى تعويض النقص الحاصل لديهم نتيجة لعدم تطوير مناهج مادة الاقتصاد كي تستجيب للتطور العالمي في مجال المال والاسواق المالية والاقتصادية". وأكد أن "هذه الدورات حققت فوائد جمة للأساتذة والتلامذه والطلاب الذين تابعوها لكن الخطوة الاهم تكمن في تحديث المناهج التربوية وتأهيل الاساتذة الذين يقومون بتدريسها من اجل تغطية الفجوة المعرفية في هذا المجال الاكثر التصاقا بحاجات المواطن في اي مكان في العالم".
وأكد ان "ورشة تطوير المناهج التربوية التي انطلقت في المؤتمر التربوي "كلنا للعلم" تمت متابعتها بورشات عمل تحضيرية للتنسيق بين القطاعين العام والخاص، وتمت برمجة ورش تعديل المناهج لتبدأ قريبا جدا في المركز التربوي والوزارات واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة والجامعات والمتخصصين في كل مادة". ورأى أن "أبحاث هذا المؤتمر وتوصياته ستشكل عنصرا اساسيا للإنطلاق في تحديث المناهج والكتب التي تتعلق بالاقتصاد والمال"، معتبرا أنه "يشكل نافذة من النور والامل تكسر عتمة الظلمة التي تسيطر على المنطقة وهو يشكل تحديا للقوى الظلامية التي تريد اعادة المنطقة العربية الى عصور الجهال والتخلف وتجميد قوة العقل لصالح قوة الغريزة".
وشدد على أنها "مناسبة للتنسيق وتضافر الجهود ورسم خريطة الطريق نحو المزيد من المعرفة والثقافة"، متمنيا "لو كانت الشراكة الوطنية تتم على هذا المستوى من الوعي واحترام حقوق الآخرين من الشركاء في ادارة شؤون البلاد".
كذلك اعتبر أن "هذا المؤتمر مناسبة للاعتراف بحقوق المعلمين والموظفين في الحصول على سلسلة الرتب والرواتب تليق بقدراتهم وتحفزهم على التطوير والتحديث". وختم: كيف نُقنع أساتذة الاقتصاد بالتطوير المطلوب، فيما تبقى شهاداتهم بحسب القانون السائد شهادات جامعية غير تعليمية ما يبقي رواتبهم أدنى من زملائهم بأضعاف.
طربيه
أما طربيه فخرج عن نص كلمته، ونوه في بدايتها "بقوة القطاع المالي والمصرفي في لبنان الذي يعمل في ظل مؤشرات اقتصادية متراجعة"، معتبرا أن ذلك يشكل "جزءا مما يدفعه الاقتصاد ثمنا للسياسة"، لكنه رأى أن "هذه المرحلة عابرة"، داعيا إلى "تعاون الجميع على تجاوزها وبصورة خاصة على القيام بخطوات مطلوبة ومنها التصويت على مشاريع القوانين المالية الموجودة في مجلس النواب والتي تتعلق بوضع لبنان وصورته الدولية".
وذكر بأن "لبنان خرج منذ مدة طويلة من لائحة الدول غير المتعاونة في موضوع تبييض الاموال في لبنان"، لكنه أشار إلى أن "لبنان حتى اليوم لم يصادق تشريعيا على المعاهدات الدولية التي تجاوز الموقعون عليها مئة دولة". وأضاف: نلح ونصر على هذا المطلب، وعلى السلطات التنفيذية والتشريعية أن تأخذ الموضوع في الاعتبار، وإذا خرج لبنان عن الشرعية الدولية فمن الصعوبة أن يعود ويدخل إليها، لأن هذا الأمر يتطلب إجراءات عانيناها في الماضي عندما وضعنا لفترة على لائحة الدول غير المتعاونة ما اضطر لبنان إلى أن يدخل تعديلات على التشريعات المالية ويكون موضع وفود دولية أتت لتعاين الوضع المالي والمصرفي فيه، وخرج لبنان من هذه الغيمة السوداء نتيجة تعاون كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقطاع الخاص وخصوصا القطاع المصرفي".
وفي كلمته المكتوبة، رأى طربيه أن المؤتمر "يجسد التعاون القائم بين القطاع العام في لبنان ممثلا بوزارتي المال والتربية، والقطاع الخاص ممثلا بجمعية المصارف، مسندا بدعم دولي يتمثل في الشبكة الدولية للتربية المالية (INFE) التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)". واعتبر أن "موضوع التثقيف المالي استحوذ على اهتمام الكثير من الهيئات والبلدان بعد نشوء الأزمة المالية في العام 2008، والتي أظهرت تبعاتها أن غياب الثقافة المالية لدى الكثير من المستهلكين، اضافة الى غياب معايير الشفافية والملاءمة في التعامل مع العملاء، كانت المسبب الأبرز للأزمة ولتغذيتها".
وأشار إلى أن "الدول أدركت متانة العلاقة التي تربط التعليم بالنمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، بحيث ان زيادة الاستثمار في الرأسمال البشري وتعزيز قدراته المالية تنتج زيادة في نمو الاقتصادات وتطور المجتمعات".
وأوضح أن "الأزمة المالية بينت وجوب العودة إلى النظرية الاقتصادية الكلاسيكية في ترشيد الاستهلاك وتشجيع الإدخار. فلا نمو من دون استثمار، ولا استثمار من دون ادخار". وأضاف: من شب على شيء شاب عليه. من هنا، دور الأسرة الإرشادي في الموضوع. وكلنا يعلم أن عصرنا هو عصر الانفتاح وسرعة الوصول الى المعلومات، وعصر الاقتصاد الشامل للمعرفة، وعولمة الانظمة المالية والمصرفية وتاليا عولمة المخاطر والنجاحات، حيث ان المستهلكين والمستثمرين على السواء مدعوون إلى اتخاذ قرارات مالية غالبا ما تكون معقدة، في ادارة شؤونهم الحاضرة والمستقبلية. ومن شأن تعزيز القدرات المالية أن يساعد في تكوين مستهلكين أكثر مسؤولية ووعيا والتزاما ماليا، ما يمكـنهم من تنشيط الابتكار ودفع ديناميكية الاسواق، والتعاطي بصورة أفضل مع حالات المداخيل غير المنتظمة والمستحقات الكبيرة الموسمية".
ورأى أن "من الممكن أن يبدأ تعزيز القدرات المالية في المدارس، كي يؤمن للنشء الجديد التعليم المالي على السواء كالرياضيات وغيرها من علوم الحياة، إضافة الى ضرورة تأمين الوصول الى الخدمات المالية للمبادرين الصغار في الوضع الاقتصادي الصعب الراهن". وإذ ذكر بأن "وضع النساء التعليمي في المجتمع اللبناني تطور بشكل لافت، خلال السنوات العشرين الماضية، فلم تعد قضية المساواة بين الجنسين وإتاحة الحصول على التعليم مشكلة، وأصبح عدد الفتيات في الجامعات أكبر من عدد الشبان"، أبرز أن دراسة أجرتها جمعية المصارف بالتعاون مع تجمع الباحثات اللبنانيات حول تعامل النساء مع المصارف في لبنان، أظهرت أن "نسبة لا بأس بها من النساء، متعلمات كن أم غير متعلمات، تفتقر الى القدرة على التحكم بمقدراتهن المالية". ورجح أن ذلك يعود ربما "إلى الثقافة المتوارثة كالإتكالية على الرجل، من جهة، وإلى مستوى التعليم واستيعاب الحسابات المالية، من جهة أخرى. وهنا يكمن دور التربية والتعليم".
وشدد على أن "المؤسسات المالية ومن بينها المصارف، تخطت مرحلة التنبيه إلى أهمية اندماج أكبر عدد ممكن من الشرائح الاجتماعية في القطاع المالي، إذ أنشأت بعض المصارف منذ زمن ليس بقصير وحدات متخصصة للاهتمام بتمويل المؤسسات المتناهية الصغر، وكذلك طبعا المؤسسات الصغيرة، وأُنشئت شركة "كفالات" منذ عام 1999 بغرض مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في لبنان للحصول على تمويل مصرفي، وهي تساند أصحاب الأفكار المبدِعة على إمكان الحصول على رساميل وقروض من دون ضمانات مادية".
واردف: "بهدف دفع عجلة النمو المستدام، طرح المصرف المركزي في السوق اللبنانية في السنوات الأربع الأخيرة سلة تحفيز اقتصادي بلغت قيمتها خمسة مليارات دولار، تخدم قطاعات حيوية كالتنمية والابتكار وريادة الاعمال والتعليم والتسليف الاجتماعي ومشاريع الطاقة والبيئة، واقتصاد المعرفة، وكلها أهداف يسعى حاكم البنك المركزي الى تحقيقها بالتعاون مع المصارف لخلق المزيد من القيمة والمساهمة في الاستقرار، في وقت تعاني الدولة اللبنانية صعوبات سياسية حالت منذ سنوات عدة دون إصدار موازنة عامة، وتحقيق إدارة فاعلة ورشيدة للاقتصاد".
وقال: "تماشيا مع الممارسات العالمية الفضلى وتجنبا لمخاطر الوقوع في إشكاليات مع العملاء، وضع مصرف لبنان في أيار 2010 التعميم الرقم 124 حول الشفافية في شروط التسليف، ثم أتبعه في شباط من العام الجاري بالتعميم الرقم 134 الذي يفرض فيه على المصارف أصول إجراء العمليات مع الزبائن، ومنها تثقيف هؤلاء وتزويدهم المعلومات الدقيقة والوافية حول شروط المنتجات أو الخدمات ومنافعها والمخاطر المتأتية عنها. لكن، لا بد من توافر المبادئ الأولية لدى العميل لفهم واستيعاب هذه المعلومات. وإيمانا منا في جمعية المصارف بوجوب حماية العملاء، حرصا على مصلحتهم من جهة، وعلى مصلحة مصارفنا عبر تجنيبها الوقوع في إشكاليات مع زبائنها، لا سيما مع التعقيدات المتزايدة في المنتجات المالية، من جهة أخرى، أصدرنا أوائل الشهر الجاري، بمساعدة مؤسسة ديلويت Deloitte العالمية، دليلا إرشاديا لسياسات وإجراءات المصارف حول أخلاقيات العمل المصرفي وحماية الزبائن".
وتمنى أن "يحقق المؤتمر الأهداف المرسومة لتنظيمه وأن ينتهي إلى فهم واضح لما يصلح التأسيس له في مجال التثقيف المالي في لبنان، أي بخطة للأعمال التي تستأهل القيام بها ودعمها بالوسائل المتاحة للجهات المعنية كافة، وهي ما يسمى الاستراتيجية الوطنية لتعزيز القدرات المالية".
وأشاد ب"التعاون مع معهد باسل فليحان ووزارة التربية، معتبرا أن تجربة المصارف مع وزارة المال "طويلة جدا، وتوطدت لما فيه خير البلد، منذ استفحال الدين العام".
وختم: "أما بالنسبة الى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD، فنحن نعود دائما في عملنا إلى التعليمات التي تضعها هذه المنظمة على الصعيد العالمي، وإلى إرشاداتها، لا سيما في ما يخص الحوكمة، والشفافية، وأخلاقيات العمل، والمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات الخاصة والحفاظ على البيئة. وسنستعين في المستقبل القريب بالمعايير التي وضعتها هذه المنظمة حول تبادل المعلومات المالية بين البلدان عند إقرار قوانين بهذا الشأن في لبنان".
الجلسات
ثم عقدت جلسة عامة بعنوان "لمحة عن القدرات المالية: التحديات في العالم وفي لبنان"، تناولت الهاجس العالمي المتمثل في تدني الإلمام في المسائل المالية، والأهمية المتزايدة للتربية والثقافة الماليتين، وتأثير الثقافة المالية والاقتصادية على رفاهية الفرد وعلى الاستقرار الاقتصادي الطويل الأمد، وكيف تواجه حكومات العالم تحديات تعزيز الثقافة المالية والاقتصادية؟ والحالة اللبنانية من خلال عرض لنتائج المسح الوطني.
بعدها، عُقدت ثلاث طاولات حوار، تناولت موضوع "التربية المالية المُبكرة في المدرسة: تعزيز قدرات الشباب والمعلمين"، وموضوع "المصارف وحماية المستهلك"، ومسألة "التقاعد واستراتيجيات الإدخار الطويلة الأمد".
وتعقد غدا طاولة الحوار الرابعة وتتناول "الحكم الرشيد والمساءلة والمواطنية"، وطاولة الحوار الخامسة بعنوان "تعزيز الاندماج المالي".
ويختتم المؤتمر بجلسة عامة بعنوان "نحو استراتيجية وطنية لتعزيز القدرات المالية في لبنان".