مشروع موازنة 2013 يثير قلق الهيئات والمصارف... والشكوى بين ميقاتي وسلامة:
لا نريد مفاجآت مالية ولا نستطيع الاستمرار في تمويل عجز الدولة بدون إصلاحات
الحوار الاقتصادي يشترط الاصلاحات.
•
يمكن القول ان يوم امس، كان يوم مشروع موازنة 2013 التي لم تجد هويتها بعد. صحيح انها لم تتخذ صفة الانفاقية وايضا ليست هي تقشفية، لكن وبما انها لم ترفق بعد بالاصلاحات اللازمة تطبيقا حازما، أثارت مخاوف الهيئات الاقتصادية والقطاع المصرفي الذي زار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عصر امس ليبلغه موقفه من تمويل استحقاقات الدولة في غياب تلك الاصلاحات. هذا المشهد المقلق استدعى لقاء مسائيا جمع الرئيس ميقاتي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعيدا من الاعلام.
الرابعة عصرا، زار وفد من مجلس ادارة جمعية المصارف برئاسة الدكتور جوزف طربيه السرايا حيث التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بغية استطلاع توجهات الحكومة النهائية في شأن مشروع موازنة 2013 ومشاريع الانفاق الاضافية التي يبدو ان الحكومة ستقرها، ومنها مشروع سلسلة الرتب والرواتب.
وقال طربيه لـ"النهار" إن الوفد المصرفي ابلغ الرئيس ميقاتي معارضته اي انفاق اضافي من شأنه زيادة العجز وزيادة كتلة الدين العام، "اذ يستمر القطاع المصرفي في توفير تجديد الاكتتابات في السندات الحكومية عند استحقاقها، وضمن السقف الحالي الذي نعتبره الحد الاقصى الممكن، وضمن تعهد الحكومة مباشرة تطبيق الاصلاحات في كل الحقول، وخصوصا اصلاح انظمة التقاعد لموظفي الدولة واصلاح الكهرباء ومكافحة الاهدار والفساد في بعض الادارات التي باتت معروفة من الجميع، وضررها على ادارات الدولة".
ولفت الى ان الرئيس ميقاتي وعد الوفد المصرفي بعدم فرض اي ضرائب جديدة او زيادة الضرائب المعتمدة في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، "وهو يشاطرنا الرأي بان خفض الانفاق ممكن عبر اجراءات جديدة تتمثل في مشاركة القطاع الخاص في امور عدة، منها انتاج الكهرباء والطابق الاضافي لرخص السكن ومشاريع مماثلة".
وأبلغ الوفد المصرفي رئيس الحكومة عدم استعداد القطاع لتمويل عجز الدولة، "وطالبنا باجراءات اصلاحية وخصوصا ان العجز هذه السنة سيقارب سقف الـ5 مليارات دولار"، وفق رئيس مجلس ادارة بنك بيبلوس الدكتور فرنسوا باسيل الذي له حظوظ كبيرة في ترؤس مجلس ادارة الجمعية في انتخاباتها الصيف المقبل.
وقال باسيل لـ"النهار" ان القطاع المصرفي لا يحمل مطالب له بل للاقتصاد وللمواطن، "لذا، ثمة ضرورة في اتخاذ اجراءات جدية باصلاح اداري يحسّن وضع الخزينة العامة ويحررها من اعباء وتكاليف غير مجدية من جراء حجم الادارة العامة وما يرتبه عدد الموظفين الكبير من كلفة تعويضات نهاية خدمة وتصحيح اجور، اضافة الى الضمان الاجتماعي والكهرباء التي يرتفع عجزها سنة بعد سنة، وقد قارب الـ2,5 ملياري دولار، وهو مرشح للارتفاع اذا زاد الانتاج والتوزيع ولم ترفع التعرفة".
وتحدث باسيل عن ضرورة الاصلاح لوقف موجة الفساد المستشري في كل الادارات، "لا يمكن ان نصل الى ادارة سليمة إلا عبر الاصلاحات". ورأى ان المصارف بلغت مستوى لا تستطيع معه تجاوز سقف تمويل الدولة، داعيا الى عدم الاعتماد على الدولة وحدها "بل اشراك القطاع الخاص، ولكن مع ادارة حازمة واختيار الاكفياء في المراكز وليس وفق الانتماءات السياسية او الطائفية".
يذكر انه يتوجب على الحكومة استبدال نحو 1,5 مليار دولار ونصف المليار هذه السنة بعد مبلغ مماثل اكتتب فيه المصارف، اضافة الى نحو 5 آلاف مليار ليرة.
مشروع الموازنة والهيئات
وكانت لجنة الحوار الاقتصادي اختتمت تحركها هذا الاسبوع بلقاء مع وزير المال محمد الصفدي، حضره رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه، ورئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز شارل عربيد، ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، ورئيس غرفة التجارة الدولية في لبنان وجيه البزري، ورئيس تجمع رجال الأعمال فؤاد زمكحل ونائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش.
وأكد الصفدي اهمية التعاون بين الدولة والقطاعات الاقتصادية والقطاع العمالي"، معتبرا انه ينجم عن هذا التعاون "أمان اقتصادي على صعيد الوطن كله". واوضح ان الاجتماع خصص لتبادل وجهات النظر في الموازنة التي تعدّها وزارة المال، "وفي المشكلات التي تواجه القطاعات الاقتصادية بأكملها في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ في لبنان"، مشيرا الى ان الصراحة سادت في المناقشات "وتم الاتفاق على استمرار التعاون، ونحن في حاجة دائماً الى تعاون ما بين الدولة والقطاعات الاقتصادية والحركة العمالية في الوقت عينه، لأن التعاون بين الجهات الثلاث ينتج منه أمان اقتصادي على صعيد الوطن كلّه".
أما طربيه فقال ان الاجتماع تناول كيفية إعادة تنشيط القطاعات الاقتصادية، وموضوع الموازنة العامة، وكيفية تمويل العجز، "والمشاريع الاصلاحية التي يعتبر الوزير الصفدي أنها مناسبة لإعادة تصحيح الوضع المالي"، مشيرا الى ان وزير المال اخذ في الاعتبار ملاحظات الهيئات "وسيتابع هذا الموضوع مع وزارات اخرى ايضاً حتى لا يأتي الوضع المالي في 2013 مفاجئاً للجميع، لتقوم الهيئات الاقتصادية دائماً بالدور المواكب والمراقب للوضع الاقتصادي والمالي مما يساعد في إبقاء الحياة الاقتصادية مستقرة والنقد اللبناني محافظاً أيضا على قدرته الشرائية".
ويبقى اجتماع أخير قبل ظهر الاثنين المقبل بين لجنة الحوار الاقتصادي ووزير الداخلية مروان شربل، قبل الاجتماع الاسبوعي في السرايا عند الخامسة عصرا.