اتحاد المصارف العربية افتتح منتدى المشروعات الصغيرة وكلمات أشادت بدورها في مكافحة البطالة
وطنية - إفتتح اتحاد المصارف العربية صباح اليوم منتدى "المشروعات الصغيرة والمتوسطة: الطريق الى التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية"، الذي ينظمه الاتحاد بالتعاون مع "ايدال" ومصرف لبنان ووزارة الاقتصاد والتجارة والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب والاتحاد العربي للمنشآت الصغيرة على مدى ثلاثة ايام في فندق "موفنبيك".
طربيه
بعد النشيد الوطني، وفي حضور عدد من المصرفيين اللبنانيين والعرب ورجال اعمال ومعنيين في الشأن الاقتصادي، تحدث رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية ورئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه، فلفت الى غياب الاستراتيجيات العربية على المستوى الوطني لتفعيل دور هذا القطاع إن لناحية الدعم والتشجيع، أو بالنسبة للتمويل". وقال: "التجربة في دول العالم المتقدم كما في بعض دولنا العربية اثبتت أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي أكثر قدرة على الصمود في مواجهة المتغيرات والأزمات والتقلبات الإقتصادية من المشروعات الكبيرة".
وأكد على دورها في "مكافحة البطالة ومساهمته في تخفيف الضغط على أسواق العمل نتيجة للعدد الهائل من الداخلين الجدد إلى سوق العمل، ولمساهمته في زيادة القيمة المضافة الصناعية، وتحسين تنافسية القطاع الإنتاجي والمساهمة في جهود الإبتكار وتنويع الهيكل الإقتصادي".
وشدد على "أهمية مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في التشغيل، وتحسين الكفاءة والإبتكار والإنتاجية من خلال تعزيز المنافسة، إضافة إلى تنويع الهيكل الإقتصادي"، سائلا عن "دور القطاع المصرفي العربي في دعم تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وما هي نسبة الائتمان المقدمة لتمويل هذه المشروعات من حجم الائتمان البالغ 1.67 تريليون دولار اميركي"؟
ونبه الى ان "دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، يواجه اليوم العديد من المعوقات من حيث التنمية والتمويل والتشغيل، حيث أن هذا القطاع ما زال يشكو من معوقات أساسية مثل صعوبة الحصول على التمويل والضمانات، إضافة إلى صعوبات كثيرة أخرى متعلقة بعدم ملاءمة مناخ الأعمال والقوانين والتشريعات، وتواضع البنية التحتية والمصرفية، أو نقص المعلومات، وضعف الخبرات في مجال إدارة المشاريع، وعدم إنتشار ثقافة المبادرة والإبتكار".
واوضح ان "هذا القطاع يمثل في لبنان نحو 90 في المئة من عدد مؤسسات القطاع الخاص ويتكفل بتشغيل أكثر من 80 في المئة من مجموع العاملين فيه، مع الاشارة الى أن القطاع الخاص هو أساس الاقتصاد الوطني كما في كل الأنظمة الليبرالية"، لافتا الى ان "مبادرة البنك المركزي قبل سنوات في اطلاق مؤسسة كفالات المختصة بضمان برامج التمويل المصرفية الموجهة تحديدا الى هذا القطاع الحيوي، مثلت علامة فارقة في فتح الأبواب والآفاق أمام تطوير جذري في بنية القطاع وخدماته ودوره في استقطاب العمالة والكفاءات والتنمية".
وشار الى ان لبنان يمتلك "منصة نموذجية تضم مروحة واسعة من المنتجات التي تلائم كل المشاريع المبادرة والعاملة، كما تتيح لكل المبدعين تحويل أفكارهم الى مؤسسات ومشاريع".
القصار
ثم تحدث رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار فشدد على ان "المشاريع الصغيرة والمتوسطة في العالم العربي تشكل أكثر من 90% من مجمل المشروعات في البلاد العربية، وتتميز بمساهمتها المرتفعة في الناتج المحلي الإجمالي، وبقدرتها على استقطاب وتوظيف العمالة، وبالأخص من فرص العمل التي يوفرها القطاع الخاص، والتي تشكل عموما 40% من إجمالي فرص العمل التي يوفرها القطاع الخاص العربي"، معتبرا انها "تشكل مفتاحا أساسيا لمواجهة التحدي الأساسي لنا اليوم في العالم العربي، والمتمثل بالقدرة على تحقيق معدلات عالية من النمو المستدام والقادر على خلق الوظائف الجديدة بالكمية والنوعية المناسبتين، بهدف التصدي لمعضلة البطالة المتفاقمة التي تقدر بنسبة 16%، وبما يفوق 25% بالنسبة للشباب، بما يعتبر أعلى المعدلات في العالم على الإطلاق".
ولفت الى ان "العالم العربي يحتاج الى أن يخلق ما بين 40 إلى 50 مليون فرصة عمل من الآن لغاية عام 2020، خصوصا وأن أحداث "الربيع العربي" أثرت كثيرا في تراجع البيئة الاستثمارية، اذ انخفضت الاستثمارات الخارجية المباشرة منذ عام 2011 بنسبة 43%، كما انخفض معدل فرص العمل الجديدة بنسبة 23%"، لافتا في هذا السياق الى "أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأهمية دور المصارف العربية في توفير التمويل المناسب الذي يمثل عصب الأساس لهذه المؤسسات، ولا سيما وأن حصتها من مجموع حقائب الإقراض للمصارف العربية تبلغ 7.6% فقط".
موري
وتحدث مستشار الاتحاد الاوروبي لشؤون التنمية المستدامة في لبنان مارتشيلو موري فتناول واقع العلاقة بين التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، معتبرا ان "النمو الاقتصادي الذي يستثني شرائح اجتماعية واسعة من حلقة الرفاه الاجتماعي من شأنه ان يفاقم بسرعة انعدام المساواة ويزيد شعور الفئات غير المشمولة بهذا الرفاه بالغبن".
وشدد على ان "العدالة الاجتماعية لا يمكن ان تتحقق من دون ان تشمل السياسات الاقتصادية خلق فرص عمل لأوسع الشرائح الاجتماعية ومن دون ايجاد اطر مؤسسية تسمح بتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة"، مؤكدا على تلازم التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية".
وأشار الى الدور الاساسي للمصارف "في هذا النموذج الاقتصادي الشامل طالما انه يتمتع بالقدرة على تلبية متطلبات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وعلى خلق فرص عمل"، آملا في "ان يعي القطاع المصرفي وصانعو القرار في الدول العربية اهمية الدور الملقى على عاتقهم في دعم التنمية الاقتصادية لا سيما في ضوء المخاطر السياسية والامنية التي تعاني منها دول المنطقة العربية".
وذكر بأن الاتحاد الاوروبي "دعم ويدع القطاع الخاص في لبنان كونه رافعة النمو ومولد فرص العمل، كما انه دعم المؤسسات الفائقة الصغر وساهم في خلق فرص عمل في المجتمعات الريفية من خلال لعب دور فاعل في انشاء "الصندوق الاقتصادي والاجتماعي للتنمية".
شرف الدين
بدوره، قال النائب الأول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين "إن الأوضاع الاقتصادية في المنطقة ليست في أفضل حال، فتوقعات صندوق النقد الدولي ان لا تتجاوز نسب النمو الـ 3.6% في العام الحالي و3.9% للعام القادم، وهي معدلات أدنى من تلك المتوقعة للدول النامية (4.9%-5.3%) ومن هنا يكمن التحدي بالسعي إلى زيادة النمو الإقتصادي ورفع مستويات الدخل مما يساعد على تحسين التنمية الإقتصادية والإجتماعية".
اضاف: "من المعروف أن معظم المؤسسات في العالم العربي هي مؤسسات متوسطة وصغيرة. فبحسب الدراسة الأخيرة لمؤسسة التمويل الدولية تتراوح نسبة مساهمة هذه المؤسسات من مجمل الناتج المحلي ما بين 33% في المملكة العربية السعودية، و50% في الأردن، و80% في مصر وصولا إلى 99% في لبنان. كما تخلص الدراسة إلى أن المؤسسات المتوسطة والصغيرة تساهم في خلق النسبة الأكبر من فرص العمل، (82% في لبنان مثلا)، في حين تقدر الدراسة نفسها الفجوة التمويلية لهذه المؤسسات في الشرق الأوسط بما بين 110 و140 مليار دولار".
وتابع: "في لبنان، كما في العديد من دول منطقتنا، تواجه المؤسسات الكثير من التحديات أبرزها عدم الإستقرار، إضافة إلى ضعف البيئة الداعمة للأعمال بسبب البيروقراطية وتعدد الأكلاف التشغيلية في غياب البنى التحتية الفعالة، كما تعاني من الصعوبة في الوصول إلى التمويل، وإن بدرجات متفاوتة من بلد إلى آخر. المطلوب إعادة النظر في السياسات التسليفية لتأخذ في الإعتبار المتطلبات التمويلية للمؤسسات المتوسطة والصغيرة، وحتى المؤسسات المتناهية الصغر، والسعي لإيجاد حلول للمشاكل التي تحد من قدرتها في الحصول على التمويل وإيجاد أدوات تمويلية مبتكرة تساعدها على التوسع والتطور. التحدي الكبير هو في هندسة هذه الأدوات بشكل يؤمن التمويل المطلوب بشكل سريع وبإجراءات مبسطة وبكلفة مقبولة".
وتطرق إلى دور مصرف لبنان في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة منذ العام 2001. وقال: "وضعنا في العام 2013 بتصرف القطاع المصرفي ما يفوق المليار و 400 مليون دولار، وتم تسليف القسم الأكبر للقطاعات الإنتاجية والقطاع السكني إضافة إلى الأبحاث والتطوير والمشاريع الجديدة مما ساهم في تحقيق نمو إقتصادي فاق الـ 2% خلال العام الماضي بالرغم من الظروف الإقتصادية الصعبة التي واجهتنا. وقد أكملنا المبادرة بتخصيص مبلغ إضافي لهذا العام يقارب الـ 800 مليون دولار.
وفي موازاة السعي إلى تطوير السوق المالية وزيادة الشمول المالي نعمل على زيادة الثقافة المالية للتأكد أن مستهلك الخدمة المصرفية أو المالية هو على علم بالكلفة الحقيقية لالتزاماته وبحقوقه وبواجباته. وبالتالي قدرته على الوفاء بهذه الإلتزامات. كما قررنا إنشاء وحدة متخصصة لحماية المستهلك لدى لجنة الرقابة على المصارف وذلك لتأمين سلامة العمل المصرفي والمالي والتشجيع على المنافسة".
ولفت الى أن "العمل على تأمين التمويل اللازم للمؤسسات المتوسطة والصغيرة غير كاف دون مواجهة التحديات الأخرى التي تواجه المؤسسات، لا سيما ضعف البنية التحتية والإصلاحات الهيكلية للتخفيف من البيروقراطية والفساد".
وقال: "نرى أنه من الضروري، ومن أجل ضمان الإستفادة القصوى من مختلف المبادرات، أن يتم وضع خطة وطنية شاملة في كل دولة يتم من خلالها تحديد سلم أولويات وأهداف محددة قابلة للقياس، إن على صعيد تطوير البيئة التنظيمية والتشريعية، أو على صعيد الدعم اللوجستي والتقني والتدريبي، أو على صعيد الحاجات التمويلية على مختلف أنواعها للفئات والقطاعات المستهدفة. كما لا بد من إيجاد آلية للتنسيق بين مختلف المبادرات القائمة الأمر الذي سيؤدي إلى توحيد الجهود وتكاملها ولزيادة الفعالية عبر الإستفادة المثلى من مختلف الخبرات".
حكيم
من جهته، قال وزير الاقتصاد والتجارة الان حكيم: "ان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي العمود الفقري للاقتصاد وهي الحافز الأساسي نحو تحقيق أهدافنا الوطنية وتحفيز النمو الاقتصادي والتخفيف من حدة الفقر وتحسين مستوى المعيشة وخلق المزيد من فرص العمل، لذا علينا التركيز على مكامن الضعف التي تعتري هذه الؤسسات وتحد من تنافسيته".
وكشف عن قيام وزارة الاقتصاد والتجارة بالعديد من المبادرات "أهمها العمل على وضع ميثاق وطني يهدف إلى تعريف وتحديد ماهية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم وكذلك إلى رسم أطر العمل لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتركيز على رفع مستوى المؤسسات القائمة والتي يبلغ عددها حتى اليوم حوالي 67,000 شركة صغيرة ومتوسطة الحجم كما والإسراع في إنشاء شركات جديدة تسهم إلى حد كبير في خلق فرص العمل وتعزيز اقتصادنا الوطني".
ودعا حكيم الى "تفعيل الديبلوماسية الاقتصادية، والى ضرورة تحفيز التعاون البيني بين الدول العربية إذ من غير المعقول أن تكون الاقتصادات العربية مندمجة عموديا في الاقتصاد العالمي مما يجعلها عرضة للهزات الاقتصادية والمالية العالمية، والى التعاون مع الدول الأخرى لا سيما مع الاتحاد الأوروبي الذي يولي أهمية خاصة لهذه المشروعات في منطقة البحر المتوسط، سيكون من شأنه الإرتقاء بهذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبالتالي رفع مستوى إقتصاداتنا وقدرتها على خلق الآلاف من فرص العمل التي ستحتاجها المنطقة في السنوات المقبلة".