افتتـاح منتـدى "مكافحــة الجرائـم الماليــة الإلكترونيــة"
بيفانـي: لإيجاد قوانيـن تجرّم التعديات والتوعية علـى مكافحتها
طربيه: نسعى إلى ترسيخ الوعي التقني والتكنولوجي وتطوير الأداء
المركزية- افتتح وزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل ممثلاً بالمدير العام للوزارة ألان بيفاني، منتدى "مكافحة الجرائم المالية الإلكترونية" الذي ينظمه الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب وهيئة الأسواق المالية في فندق "كورال بيتش"، في حضور الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح وعدد من المصرفيين العرب واللبنانيين ومسؤولين في قطاع التأمين.
بعد النشيد الوطني، تحدث رئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه فلفت إلى أن "الجريمة المالية الإلكترونية أصبحت اليوم ظاهرة دولية معقدة، تعاني منها الشعوب والحكومات، وتتجدد باستمرار تبعاً لتطوّر الوسائل والتقنيات الحديثة، كما أصبحت سلاحاً تستخدمه الجماعات والأفراد مستفيدة من التطور التقني والتكنولوجي لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب الأمن والسلام الجماعي والفردي".
وقال: في ظل ثورة المعلومات والإنتشار الكبير لاستخدامات وسائل التواصل الحديث وأنظمة التبادل الإلكتروني التي باتت تعتمد عليها المؤسسات في استخدام البيانات، باتت معالجة التعاملات المصرفية والتجارية تتم عبر شبكة الإنترنت التي وصل عدد مستخدميها إلى أكثر من 3 مليارات مستخدم، ما رفع وتيرة الجرائم الإلكترونية والإحتيال التي طالت المؤسسات المصرفية والأفراد في العالم.
وأشار الى أن "كلفة الجرائم الإلكترونية على الإقتصاد العالمي عام 2014 بلغت نحو 445 مليار دولار، تشمل قيمة الإختلاسات المباشرة، والهدر الناجم عن الجهود المبذولة لمعالجة آثار الهجمات الإلكترونية إضافة إلى كيفية مواجهتها والحدّ منها".
وأوضح أن "لدى هذه المجموعات متخصصين على مستوى عالٍ في مجال أنظمة المعلومات، وتمكنت من استخدام شبكة الإنترنت وتمرير جرائمها عبر أيادٍ تعمل في الخفاء وتتحدى العالم، فيما لم يعد مقبولاً في ظل السياق الثقافي والتكنولوجي والمعلوماتي الجديد أن تواجه عملياتها المستحدثة عبر الإنترنت بطرق وأساليب قانونية تقليدية"، معتبراً أن "مكافحة الجريمة الإلكترونية باتت تتطلب توافر قوى بشرية ذات مواصفات وسمات خاصة من حيث الإلمام بالمعلومات والقدرة على التعامل مع أجهزة الكمبيوتر وشبكات الإنترنت والأجهزة الحديثة، ومكافحة جرائم المعلوماتية وغيرها من الجرائم التي تمخض عنها عصر التقنية الرقمية".
وشدد على "ضرورة تعزيز مواردنا البشرية، وبنيتنا التشريعية وتطوير القوانين التي تحمي التجارة الإلكترونية والمعلومات والبيانات، ومكافحة جرائم الإنترنت"، لافتاً الى ان "إحصاءات هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان تشير إلى أنها تلقت عام 2015 ما يقارب 84 حالة متعلقة بجرائم إلكترونية بلغت قيمتها نحو 12 مليون دولار أي بزيادة كبيرة مقارنة بالعام 2013، حيث تلقت الهيئة 8 حالات بلغت تحو 895.5 ألف دولار".
وإذ عدّد الإجراءات التي اتخذها مصرف لبنان لمكافحة الجريمة المالية الالكترونية، لفت الى ان الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب يسعى إلى "ترسيخ الوعي التقني والتكنولوجي، وتطوير أداء المصرفيين والمختصين للوصول إلى أرقى معايير وأساليب مكافحة هذه الجريمة، وتحقيق الأمان المالي، وتعزيز التنسيق على المستويات كافة بدءاً من تبادل المعلومات بين المصارف وأجهزة إنفاذ القانون، والتواصل المستمر مع القطاعين العام والخاص، ورفع مستوى الوعي لدى المصرفيين، والعاملين في مكافحة هذه الآفة الخطيرة، وذلك من خلال التركيز على موجبات المصارف والمؤسسات المالية من حيث سياساتها الداخلية بالنسبة إلى إجراءات الإمتثال، وتحديث برامج أمن المعلومات، والعلاقة مع المصارف المراسلة، والتدابير الواجب اتخاذها في العمليات الإلكترونية المتعلقة بالتجار والأفراد".
زكار: أما رئيس جمعية شركات الضمان رئيس الاتحاد العام العربي للتأمين ماكس زكار فعرض واقع قطاع التأمين في لبنان والعالم العربي، لافتاً الى ان القطاع في لبنان "يقدم ويطبق التغطيات الجديدة وسنستمر في تطوير البرامج مثل التغطيات ضد جرائم الانترنت Cyber crime"، مشدداً على "ضرورة ان تؤمّن المصارف التغطية ضد الأخطار التي ستواجهها ومن بينها: توقف الأعمال بسبب توقف شبكة المعلومات، المطالبة بفدية للمحافظة على معلومات الزبائن، المسؤولية ضد الآخرين بسبب خرق معلوماتهم وخسارتها وتضرر السمعة بسبب خسارة معلومات الزبائن وخرقها".
وسأل عن "مستقبل العمل المصرفي في ظل Bitcoin Phenomena and the Business Block Chain حيث الاعمال التجارية تقوم على مبدأ الافراد في ما بينها - من شخص إلى شخص- "، مؤكداً على وجوب أن "نصبح شركات GAFA التي تعني Google, Apple, Facebook, Amazon إذا كنا نريد المحافظة على القطاع والاستمرار في السوق، والذي هو عالم خصب لاعمال القرصنة"، وسأل "هل تعلمون أن هناك حالياً مدارس لتعليم القرصنة؟".
ودعا جمعية المصارف اللبنانية والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب إلى أن "نؤسس معاً لجنة للتفكير في مستقبل قطاعينا"، لافتاً الى أن "الجمعية ستنظم في 3 و4 أيار المقبل محاضرة عن مستقبل التجارة الإلكترونية وسبل تغطياتها التأمينية يحاضر فيها اختصاصيون عالميون".
صليبا: بدوره، عرض نائب رئيس هيئة الأسواق المالية سامي صليبا نشأة الهيئة، مشيراً الى أن هدفها الأساس "حماية ادّخار الموظف في هذه الأسواق من أي تلاعب أو غش قد يحصل، وذلك بالتعاون والتنسيق مع مختلف الأجهزة الرقابية ذات الصلة بالقطاعات المعنية".
وأكد أن الهيئة تسعى الى "الإرتقاء بالأسواق المالية في لبنان وخلق بيئة إستثمارية جاذبة تحظى بثقة المستثمرين المحليين والدوليين، وهي لذلك تعمل على تنظيم وتطوير الأسواق المالية في لبنان والسعي إلى زيادة استخدام هذه الأسواق من قبل المستثمرين والمصدرين، وتوعية المواطنين حول فوائد ومخاطر الاستثمار في الأسواق المالية، وتشجيع الافراد والمؤسسات التي تملك سيولة فائضة على توظيف بعض ادخارها في الأدوات المالية، وتشجيع الشركات الكبيرة على طرح أسهمها للإكتتاب العام وإدراج أسهمها في البورصة، وتقليص مخاطر النظام في الاسواق المالية، وحماية المستثمرين من الممارسات غير المشروعة، وتحديد إطار العمل وتنظيم النشاطات المهنية التي يقوم بها الأشخاص الذين يمارسون الأعمال الخاصة بالأدوات المالية والسهر على تقيّدهم بآداب السلوك المهنية، وتنظيم ورقابة عمل البورصات المرخص لها أو الأشخاص الذين يقدّمون خدمات مالية مختلفة، ووضع الإطار التنظيمي العام لإدراج الأدوات المالية والموافقة على التداول بها في البورصات، وإصدار التراخيص لوسطاء السوق الذين يقدّمون خدمات للمستثمرين والمصدرين، ومعاقبة المخالفات الإدارية وطلب الملاحقة في جرائم استغلال وإفشاء معلومات مميزة أو ترويج معلومات خاطئة أو مضللة تتعلق بصكوك أو أدوات مالية أو بمصدري هذه الصكوك والأدوات".
وأشار الى حصول "جرائم مالية كبيرة في السابق من خلال الاحتيال على المستثمرين والتلاعب بالأسعار في البورصات العالمية وإفشاء معلومات مميزة داخلية أدت الى إفلاس الكثير من الشركات والافراد"، مؤكداً انه "تمت معالجة هكذا جرائم من خلال تحديث أنظمة سلوكيات السوق والتشدد في تطبيقها في معظم الاسواق المالية العالمية".
وأعلن ان "الشركات العالمية بدأت تتحسّس خطر "العولمة الافتراضية الالكترونية" وما تحمل من مخاطر تطال منتوجاتها وأموالها وحتى استمرار وجودها الأمر الذي حدا بها الى استحداث لجان خاصة بهذا الموضوع على مستوى مجالس الادارة على غرار لجان المخاطر والتدقيق والامتثال، بالإضافة الى تخصيص موازنات ضخمة لوضع البرامج واستحداث الاساليب التي من شأنها الحدّ من مخاطر الهجمات المتكررة لقرصنة المعلومات".
واعتبر أن "خطر الجريمة الالكترونية لا يقتصر على الشركات بل أصبحت الدول في حدّ ذاتها عرضة لمخاطر سيادية نتيجة لهذا التطور في أساليب القرصنة الإلكترونية"، لافتا الى ان "لبنان، مع انه كان حتى الآن أقل عرضة لهذا النوع من الجرائم مقارنة بالدول الأخرى، فهذا لا يعني أبداً أن الوضع سيبقى كذلك خصوصا مع تطور وانتشار وسائل وبرامج الصيرفة الإلكترونية في السوق اللبنانية، هذا الى جانب دخول الأسواق في التعامل من خلال المنصات الالكترونية والبورصات الافتراضية"، مشدداً على وجوب ان "تقوم المؤسسات اللبنانية لا سيما المؤسسات المالية المؤتمنة على أموال الناس وكذلك المؤسسات الحكومية المؤتمنة على الأمن القومي وسلامة المواطنين وأمنهم، القيام بحملات توعية تهدف الى ترشيد الوطن في استخدام الوسائل الالكترونية بشكل آمن كما الحرص على حماية الأنظمة الداخلية والحدّ من مخاطر القرصنة وسرقة المعلومات وبالتالي التعرّض للخسائر وحتى للإنهيار".
وأكد أن "الهيئة ستخصص حيزاً كبيراً من الاهتمام بهذه المخاطر من خلال الأنظمة والضوابط المناسبة للحدّ من الأضرار التي قد تنتج عن هكذا عمليات".
بيفاني: من جهته، رأى بيفاني ان "التطور التكنولوجي والعولمة في مجال تبادل رؤوس الأموال رافقه تزايد في حجم الأموال الناتجة عن الجريمة، كما تجاوزت الجريمة الحدود الوطنية بسبب هذا التقدم التكنولوجي الذي فتح مسارات جديدة للإحتيال المالي والالكتروني، وباتت الجريمة الالكترونية في ظل تصاعد وتيرة استخدام الانترنت والتكنولوجيا الرقمية في الأوساط الحكومية والقطاعية والمجتمعية، تشكل خطراً متزايداً على البنية التحتية والأسواق المصرفية والمالية والتجارة والحكومات حول العالم وأصبحت البيانات الشخصية للعملاء وأموالهم ومعلوماتهم السرية هدفاً رئيساً للمقرصنين والتنظيمات الإجرامية والدول الضالعة في الجرائم".
وقال: ظلت القوانين والأنظمة المرعية الاجراء قاصرة بعض الشيء عن الحماية بشكل كافٍ وفاعل، ما جعل من مرتكبي هذه التعديات في منأى عن العقاب في بعض الحالات بسبب فقدان الرادع القانوني المناسب. وتنامت اخيراً الخسائر المترتبة عن الجريمة الإلكترونية بشكل سريع، وأصبح عدد أكبر فأكبر من المصارف وغيرها من مزوّدي الخدمات عرضة للهجمات الإلكترونية الضاربة على يد تنظيمات إجرامية عالمية وينجم عن ذلك خسائر فادحة تتجلى خصوصاً في سرقة البيانات وتعطيل الأعمال.
وأضاف: وفق دراسة حديثة حول الجريمة الاقتصادية في الشرق الأوسط، يتبيّن أن الجريمة الإلكترونية تحتل المرتبة الثانية ضمن أكثر جرائم الشركات المبلغ عنها في المنطقة، كما أظهرت الدراسة أيضاً أن 33% فقط من المؤسسات تتمتع بخطة استجابة للحوادث الإلكترونية.
وأكد أن "لبنان لم يكن بعيداً مما يحدث، وانخرط في هذا المضمار بشكل كبير فأنشأ مكتباً متخصصاً في قوى الأمن الداخلي لمكافحة جرائم المعلوماتية والتعدي على الملكية الفكرية"، لافتاً الى أن "القوانين الحالية لا تساعد كثيراً لمواكبة هذا التطور، فقانون العقوبات اللبناني النافذ مثلاً جرى وضعه في الأربعينات من القرن الماضي عندما لم يكن للمعلوماتية وجود أصلاً، والتعديلات العديدة التي أدخلت على هذا القانون لم تلحظ لغاية تاريخه أي ذكر لهذا الأمر".
وعرض بيفاني بعض المواد القانونية وما تضمّنته من أحكام وعقوبات لحالات محددة في قطاع المعلوماتية والاتصالات والتجارة الالكترونية، وقال: الواقع القانوني يبيّن أن القوانين اللبنانية النافذة ليست كافية لتجريم التعديات الناتجة عن التطور المتسارع لتقنيات المعلومات والإتصالات ولا يمكنها الإحاطة بالكثير من أنواع الجرائم الجديدة المعروفة اليوم بالجرائم السيبيرانية. فارتفع عدد الخسائر المبلّغ عنها في لبنان جراء الأفعال الجرمية عبر البريد الإلكتروني، إلى أكثر من الضعف في العامين الماضيين"، مستشهداً بإحصاءات للجنة التحقيق الخاصة التابعة للمصرف المركزي تشير الى ان هذه الخسائر تخطت 12 مليون دولار عام 2015.
وأضاف: المطلوب لتحسين الأداء لجهة مكافحة ومعاقبة الجرائم المعلوماتية، إجراء تعديلات على القوانين الحالية وإيجاد بعض القوانين الجديدة لتجريم الأنواع الجديدة من الجرائم، إضافة إلى التوعية على إجراءات وآليات مكافحة الجرائم المعلوماتية، التعريف بالجرائم المعلوماتية وأنواعها والعقوبات المترتبة عليها، فتح باب الشراكة والتعاون داخلياً وخارجياً في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية، زيادة الحسّ الأمني الإلكتروني لأفراد المجتمع، التواصل بين الجهات الأمنية وتعزيز دورها في حفظ الأمن الإلكتروني، استشراف آفاق التطور الجاري عن وسائل مكافحة الجريمة المعلوماتية والأدلة الجنائية المعلوماتية، تعزيز دور الجهات المعنية بمكافحة الجرائم المعلوماتية في استحداث وتطبيق استراتيجيات أمنية إلكترونية متكاملة، تشجيع المتخصصين في مكافحة الجرائم المعلوماتية على إقامة واستخدام المعامل المتقدمة المجهزة بأحدث التقنيات العلمية وإجراء البحوث والدراسات المتخصصة، وأخيراً استعراض التجارب المحلية والإقليمية والعالمية في مجال مكافحة جرائم المعلوماتية".
وأعلن ان "لبنان نجح في العبور من مرحلة الخطر إلى مرحلة الإمتثال للتشريعات في مجال الشفافية وتبادل المعلومات الضريبية، ونجحنا في تخطي مخاطر اللوائح السوداء، وثم في إقرار القوانين الضرورية لتبادل المعلومات عند الطلب، كما دخل لبنان مرحلة التبادل التلقائي للمعلومات الذي سيبدأ العمل به في أيلول 2018، ويجري العمل على الإعداد لهذا الواقع العالمي الجديد من قبل الوزارة ومن قبل المؤسسات المالية والمصرفية اللبنانية أو العاملة في لبنان".
وختم مشدداً على وجوب "تأمين أعلى قدر ممكن من السرية في التداول بالمعلومات حفاظاً على حقوق وأوضاع غير المقيمين، وفي هذا الإطار تكون المكافحة الفعالة للجرائم الإلكترونية جزءاً أساسياً من السرية المذكورة، وعنصر اطمئنان ضروري بدأ العمل على تأمينه، وهو عمل دائم ومتحرك، يتتبع التطورات التكنولوجية والأطر الجرمية".