استكملت جمعية مصارف لبنان لقاءاتها امس لشرح وجهة نظرها حيال الاجراءات الضريبية المقترحة في مشروع موازنة العام 2017 وانعكاساتها على الاقتصاد عموما والقطاع المصرفي خصوصا. فالتقت لهذه الغاية رئيس الحكومة سعد الحريري قبيل ترؤسه جلسة مجلس الوزراء المخصصة لاستكمال البحث في مشروع موازنة العام 2017. وقد اكد رئيس الجمعية جوزف طربيه على ما اعلنه الرئيس الحريري اول من امس بوجوب اقرار اصلاحات، مشيرا الى انه «لا يمكن أن نتكلم عن جبايات ضريبية إضافية من دون إصلاحات»، ومشددا على ان المصارف لا تعتبر ابدا ان هناك استهدافا لها بل هي «ام الصبي» وهي التي حمت الاقتصاد وحملت همومه، وهي التي موّلت الدولة ولا تزال تموّلها. وسأل الدولة عن اولوياتها: «هل هي فرض ضرائب في هذا المكان الحساس والدقيق بالذات في الوقت الحالي، أو التمويل وايجاد السيولة الذي تحتاج اليه بشكل أولي لإعادة النهوض بالاقتصاد واستمراره؟»
وعلم ان جمعية المصارف سلمت الرئيس الحريري مذكرة تشرح فيها انعكاس التعديلات الضريبية المقترحة الخاصة بالقطاع المصرفي على عمل المصارف وعلى السوق المالية وعلى مركز لبنان المالي. والتعديلات التي اشارت اليها الجمعية وتطال المصارف هي: رفع ضريبة الفوائد من 5 في المئة إلى 7 في المئة، ورفع ضريبة الأرباح على المصارف من 15 في المئة إلى 17 في المئة، وتكليف الفوائد التي خضعت للضريبة على الفوائد (7 في المئة) مرة ثانية للضريبة على الأرباح 17 في المئة. وبحسب الجمعية، فان الطريقة المقترحة في الاحتساب تؤدي إلى ازدواج ضريبي يرفع معدل الضريبة الفعلية على أرباح المصارف إلى معدلات ضريبية تتراوح بين 17 في المئة و76 في المئة وذلك تبعاً لنسبة توظيفات المصرف في سندات الخزينة اللبنانية)، وذلك بدلاً من ضريبة الشركات المقترحة البالغة 17 في المئة. كما تشكل هذه الطريقة في الاحتساب، وفق الجمعية، تمييزاً بين فئات المكلفين وخرقاً لمبدأ دستوري ولتشريعات ضريبية مستقرة منذ عشرات السنين، كون المصارف هي شركات مساهمة، شأنها في ذلك شأن سائر شركات القطاع الخاص، ويتوجب إخضاعها لمعدل ضريبة واحد.
طربيه
وقال طربيه في تصريح بعد اللقاء مع رئيس الحكومة: «اجتمعنا مع الرئيس الحريري لاستكمال البحث في الموضوع الذي يهم كل اللبنانيين والاقتصاد اللبناني، وهو موضوع الموازنة وما فيها من تشريعات ضريبية، سواء أكانت فرض ضرائب أو وضع تدابير لإعادة تنشيط الاقتصاد والنهوض به وتحقيق سيولة إضافية للموازنة. وقد عرضنا لائحة طويلة من التدابير، ونحن نعتبر أننا حرصاء على الاقتصاد اللبناني الذي نعمل من خلاله، وعلى التعاطي مع الدولة بالشكل الذي يساعدها على القيام بواجباتها. وتباحثنا في موضوع الإصلاحات المطلوبة، فلا يمكن أن نتكلم على جبايات ضريبية إضافية من دون إصلاحات، والدولة كلها لديها اقتناع بأنها في حاجة إلى إصلاحات، والتي لن تأتي بالطبع دفعة واحدة، فإقرار الموازنة يجب ان يكون سريعا، فيما الإصلاحات تتطلب معالجة ملفات ومواضيع عديدة».
أضاف «نحن بالطبع نعتمد على حكمة المسؤولين، وخصوصا الحكومة والوزراء جميعا، ولا نعتبر أن هناك استهدافا للمصارف، بل نعتبر أن المصارف هي أم الصبي التي حمت الاقتصاد وحملت همومه، وهي التي مولت الدولة ولا تزال تمولها، ومولت الاقتصاد. فتمويلنا للاقتصاد اليوم يتجاوز قيمة الدخل القومي للبنان، وهذه من النوادر في الاقتصادات العالمية كلها».
سئل: هل أنتم مع زيادة الضريبة على فوائد الودائع المصرفية؟ فأجاب: «لا نريد أن ننظر إلى الضريبة فقط من ناحية زيادة الجباية، بل علينا أن ننظر إلى تأثيراتها. فإن كان هناك اليوم شح في السيولة وتراجع في حركة الرساميل في المنطقة ككل، فبالتالي بقدر ما تزيد الأعباء على حاملي الرساميل بقدر ما تخفف من الزخم الذي يحتاج اليه البلد. وأعتقد أن الدولة ووزارة المالية يجب أن تقوم حساباتها بحسب هذه المعادلة، فنحن لا ننظر إلى الموضوع كمكلفين بالضرائب بل الى أولويات الدولة، هل هي فرض ضرائب في هذا المكان الحساس والدقيق بالذات في الوقت الحالي؟ أو التمويل وايجاد السيولة الذي تحتاج اليه الدولة بشكل أولي لإعادة النهوض بالاقتصاد واستمراره؟».
سئل: هل توافقون وزير المالية على هذه النظرة؟ فأجاب: «لقد تحاورنا مع وزير المالية، ونحاول الإقناع بوجهة نظرنا ونقتنع حين نسمع وجهات نظر أخرى. من هنا نعتبر أننا في حوار إيجابي مع كل المسؤولين بمن فيهم طبعا وزير المالية».
وهل يؤثر إقرار سلسلة الرتب والرواتب ضمن الموازنة على الوضع المصرفي؟ اجاب: «نحن في جمعية المصارف بحثنا في موضوع السلسلة ونعتبر أن كل صاحب حق يجب أن يأخذ حقه، لكن ليس علينا كمصارف أن نحل محل الدولة، ونقرر ما إذا كانت يجب أن تعطي السلسلة بهذه الطريقة أو بطريقة أخرى. السلسلة اليوم هي حركة مطلبية كبيرة جدا ولا يمكن الوقوف في وجهها بسهولة، ولسنا نحن من يريد أن يعرقل أو يبدي رأيا في موضوع لسنا مسؤولين عنه. هؤلاء موظفون لدى الدولة وهي مسؤولة عنهم وعن طريقة التعامل معهم وعن طريقة درس موضوع السلسلة بحيث لا تلقي أعباء غير محتملة على الاقتصاد، هذا الأمر يعود إلى وزارة المالية أولا وإلى مجلس الوزراء. نحن لا نريد أن نحل محل أحد، بل نتكلم فقط في ما يتعلق بوضعنا كمركز مالي في المنطقة. نحن قطاع رائد في المنطقة وليس فقط في لبنان، وبالتالي ما نسعى إليه هو ألا نفقد ميزاتنا التفاضلية ونتراجع أمام أماكن أخرى بدأت بالفعل بحركة أسرع من حركتنا لاستقطاب الاستثمارات والودائع والرساميل، كما هي الحال، مثلا، في دبي أو قبرص».