كلمة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
رئيس اللجنة التنفيذية في إتحاد المصارف العربية
في مؤتمر
"الصيرفة الاسلامية:
التوسع في الأسواق العالمية"
بيروت - لبنان
30-31 حزيران/يونيو 2008
سعادة حاكم مصرف لبنان، الأستاذ رياض سلامة
سعادة رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور فرنسوا باسيل
سيادة الأستاذ عدنان يوسف، رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية
أصحاب المعالي والسعادة،
أيها السيدات والسادة،
بدايةً، أود أن أرحب بكم في بلدكم، وفي عاصمتكم بيروت المستعدّة دوماً لاستقبالكم ولإحتضان أعمالكم، ولعب دورها التقليدي كمكان رحب للتفاكر والتلاقي والحوار.
كما أود أن أرحب بسعادة محافظ بنك العراق المركزي، الدكتور سنان الشبيبي، وسعادة حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور أديب ميالة، وسيادة الأستاذ محمد علي بن زايد الفلاسي، نائب محافظ، مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، وأشكر لهم هذا الإهتمام الجدي والصادق بنشاطاتنا وتقديم كل أنواع الدعم والرعاية لها.
أيها السيدات والسادة،
إن بلدنا لبنان، انتخب بالأمس رئيساً للبلاد، وها هي الحكومة اليوم تضع بيانها الوزاري لتنطلق مسيرة عهد جديد، لمسنا جديته وحرصه على إنقاذ لبنان من هذه الصراعات في خطاب القسم الذي أعطى البلاد إحساساً صادقاً بالإستقرار وجدّد ثقة العالم، وخصوصاً الأخوة من الدول العربية الشقيقة بلبنان، وها أنتم اليوم بمجيئكم إلى بيروت تؤكدون إستمرار هذه الثقة.
أيها السيدات والسادة،
إننا في الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، نتطلع منذ تأسيس هذا الإتحاد، إلى الاستفادة من دروس الماضي والحاضر، ووضع خارطة طريق للمستقبل بإشراف نخبة من المصرفيين العرب الذين خاضوا غمار العمل المصرفي وساهموا في وضع أسسه وقوانينه وتشريعاته، وهم اليوم من خلال هذا الإتحاد يتطلعون إلى المساهمة من موقعهم بتطوير العمل المصرفي العربي وتعزيزه ليتمكن من مواجهة التحديات الكثيرة التي تنتظره، ولتحصينه ضد الأزمات المدمرة والقاتلة في بعض الأحيان، وبعض هذه الأزمات ما يزال يتفاعل حتى اليوم وانعكاساته لا تزال مستمرة وتتفاعل على مستوى العالم.
وما هذا المنتدى الذي نتشرف بمشاركتكم به إلا هدفاً من الأهداف التي رسمناها لهذا العام مع إتحاد المصارف العربية، وبرعاية شاملة من مصرف لبنان وتعاون كامل مع جمعية مصارف لبنان. وهنا لا بد من تسجيل الشكر الكبير لسعادة الحاكم الأستاذ رياض سلامة الذي يسارع في كل مرة إلى تأمين كل الدعم والرعاية لإنجاح أعمالنا ويدعم مسيرتنا في تطوير العمل المصرفي العربي وتعزيزه.
ويشكل هذا المنتدى اليوم مناسبة هامة لطرح مواضيع حيوية من شأنها أن تخدم الإقتصادات العربية، وفي طليعتها الإقتصاد اللبناني، الخارج من وضع سياسي أعاق تدفق الإستثمارات والحق بالنمو أضرارا" كبيرة. إن آفاق الصناعة المصرفية الإسلامية رحبة جدا"، وإن لبنان، الذي يتميز منذ الخمسينات بقطاع مصرفي رائد، أضاف الصيرفة الإسلامية مؤخرا" الى نظامه، إنطلاقا" من قناعة بأن بيروت لا يمكن أن تكون مركزا" ماليا" إقليميا"، إلا إذا توفرت فيها كل الأدوات والهندسات المالية الحديثة وفي عدادها الصيرفة الإسلامية، وكذلك إيمانا" بمستقبل هذه الصيرفة التي شهدت نموا" سريعا" على إمتداد العقود الأربعة الماضية الى أن وصل عدد المصارف والمؤسسات الإسلامية اليوم نحو 300 مؤسسة ومصرف إسلامي عامل في 60 دولة ويتركز نحو 40% منها في الدول العربية وتحديدا" في دول الخليج العربي. وقد توسعت قاعدة وموجودات هذه المصارف والمؤسسات المالية لتصل اليوم الى أكثر من 520 مليار دولار، ومن المتوقع أن يصل حجم أصول وودائع هذه المصارف إلى تريليون دولار عام 2012، وهي تنمو بمعدل سنوي يراوح ما بين 15 و20%، هذا من دون الأخذ بعين الاعتبار النوافذ الإسلامية التقليدية وصناديق الاستثمار الاسلامي التي بلغ عددها في شهر آذار/مارس من العام الجاري نحو 500 صندوق، ومن المتوقع أن يصل عددها إلى 1000 صندوق بحلول عام 2010.
هذا، وتشير تقارير الخبراء إلى أن الأصول المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية والمعدّة للاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأقصى وصلت إلى 267 مليار دولار كنتيجة للتوسع الاقتصادي القوي وارتفاع الإنفاق الحكومي والمستوى المرتفع للسيولة النقدية، وهذا يؤدي إلى توفير عائدات كبيرة لصناعة إدارة الأصول الإسلامية والتي تقدر بنمو 1.34 مليار دولار.
أيها السيدات والسادة،
إن قطاع الصيرفة الإسلامية اليوم هو الأكثر شهرة في ميادين الإستثمار المتعددة في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، ذلك لانه يعتبر الأكثر إلتصاقاً بحياة الناس في تلك الدول وهو يشمل الودائع وصيغ التمويل المتعددة وخصم الأوراق التجارية والإعتمادات المستندية وخطابات الضمان، والتي تم تكييفها لتتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وإذا كان هذا المنتدى يركّز اليوم على توسع الصيرفة الاسلامية في الأسواق العالمية ويجيب عن أسئلة كثيرة، في هذا المجال، فإننا في الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب وإتحاد المصارف العربية سنعمل معاً على متابعة كافة مجالات هذا القطاع وتطوراته، ونؤمّن اللقاءات والحوارات والمناقشات لكي نعطي لهذا القطاع حقه، ونلقي الضوء على تطوراته ومستجداته وذلك تنفيذا" لتوصيات القمة المصرفية العربية الدولية التي عقدها الاتحاد الدولي وإتحاد المصارف في باريس يومي 26-27 حزيران/يونيو الماضي والتي إعتبرت أن الصيرفة الإسلامية " توفر بدائل مناسبة ومجدية للتوظيف والاستثمار، وقناة حيوية للتواصل مع مجموعة كبيرة من أصحاب الثروات والرساميل، كما تغني عالم الصيرفة والأعمال بمنتجات وخدمات مبتكرة".
أيها السيدات والسادة،
إنطلاقاً من هذا الواقع، فإن المصارف الاسلامية مدعوة اليوم إلى تقوية إمكاناتها التنافسية في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية من أجل تعبئة الموارد المالية وإبتكار الهندسات المالية والإبداع التقني لإستثماراتها، حتى تنجح في توجهاتها التوسعية سواء في الأسواق المحلية أو الخارجية، كما عليها التوجه لبناء وتطوير مجالات تعاون جديدة فيما بينها، لأن وجود قطاع مالي منظم ومنافس وناجح هو جزء أساسي ومهم في دعم التنمية الإقتصادية والإجتماعية في المنطقة.
أكرِّر ترحيبي بكم جميعاً، وأكرِّر شكري لمصرف لبنان ولكل من ساهم في إنجاح هذا اللقاء، راجياً لكم التوفيق والنجاح في الحوار والمناقشة وإعداد التوصيات المناسبة.
وفقكم الله في ما أنتم مقدمون عليه، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح.