كلمــــة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
فــــي
حفل إفتتاح
الملتقى السنوي السابع لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية
5-6 أكتوبر/تشرين الاول 2017
بيروت – فندق موفنبيك
سيادة المستشار والقاضي أحمد سعيد خليل السيسي، نائب رئيس محكمة النقض، ورئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في جمهورية مصر العربية،،
السادة أعضاء اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
السادة وفد مجلس التعاون لدول الخليج العربية،،
سيادة القاضي عماد قبلان ممثل النيابة العامة التمييزية في لبنان،،
سعادة الأستاذ عبد الحفيظ منصور، الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة في لبنان،،
سيادة العميد زياد الجزار، رئيس قسم المباحث الجنائية الخاصة، ممثلاً سعادة المدير العام لقوى الأمن الداخلي،،
السادة رؤساء ومدراء المصارف العربية والأجنبية المشاركة،،
أهل الصحافة والإعلام،،
أيّها الحضور الكريم،،
يسعدني بداية أن أرحّب بكم جميعاً في هذا الملتقى السنوي الهام لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بدورته السابعة، واتقدّم منكم بالشكر والتقدير على مشاركتكم التي تعزّز فعاليات هذا اللقاء من خلال هذه النخبة المميّزة من الخبراء من هيئة التحقيق الخاصة في لبنان، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومن السلطات القضائية والأمنية اللبنانية والعربية، والشكر موصول أيضاً إلى الحضور الكريم وإلى ضيوفنا الأعزّاء، وللإخوة المشاركين من الدول العربية كافة، وإلى الزملاء الكرام من القطاع المصرفي العربي واللبناني، فأهلاً وسهلاً بكم جميعاً في بلدكم الثاني لبنان.
أيّها الحضور الكريم،،
لقد أولى إتحاد المصارف العربية موضوع مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أهميّة بالغة، حيث أبرز حيّذاً مهماً من نشاطاته حول هذه الآفة الخطيرة، وقام في إطار التعاون القائم بينه وبين المؤسسات الإقليمية والدولية ذات العلاقة، بتنفيذ المنتديات والمؤتمرات والملتقيات، وآخرها الملتقى السنوي بدورته السابعة الذي يجمعنا اليوم.
وكما تعلمون، فإن هدف هذه الملتقيات المتتالية هو بيان مفهوم لغسل الأموال وتمويل الإرهاب وآثارهما على المجتمع، والتعريف بالأحكام الموضوعية والجوانب الإجرامية، وتوضيح دور وحدة التحريات المالية، وعرض نماذج تطبيقية، وبيان دور المؤسسات المالية، وعرض مختلف الأساليب التقليدية والتقنية لهذه الجرائم، والتعرّف على القواعد الدولية الحاكمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك القواعد الدولية الموجهة لأنشطة هذه المكافحة.
ورغم كل الإجراءات والتشريعات الهادفة إلى الحد من هذه الجرائم، فإن مسألة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لا تزال مصدر قلق عالمي على الرغم من القوانين الدولية والإقليمية والوطنية والتي تضم العديد من الإتفاقيات التي وضعت إطاراً لتنسيق جهود الدول والمنظمات عالمياً وإقليمياً، وذلك نظراً لتطوّر وتقدّم عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإستخدامها للقنوات نفسها، وخاصة النظام المصرفي.
لقد أجمعت كافة التقارير الرسمية وغير الرسمية حول العالم أنّ عمليات غسل الأموال تضاعفت بشكل كبير على مدى العقدين السابقين، حيث قدّر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجرائم المالية حجم غسل الأموال على مستوى العالم عام 2016 بحوالي 2 إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بما يقدّر بحوالي 1.5 إلى 2 تريليون دولار حالياً. ومن المتوقع أن يتخطّى الإنفاق العالمي على الإمتثال لمكافحة تبييض الأموال 8 مليارات دولار.
أمّا بالنسبة إلى تمويل الإرهاب، فهو يختلف عن غسل الأموال من حيث الهدف، كون الجماعات التي تقوم بغسل الأموال تسعى إلى الكسب المالي في المقام الأوّل، بينما الجماعات المتطرّفة تسعى لتحقيق أهداف غير مالية، مثل تجنيد الإرهابيين وتمويل العمليات الإرهابية، ونشر الدعاية لأفكارهم وعقائدهم، إنّما هناك علاقة وثيقة بين الحالتين، حيث تتشابه الأساليب المستخدمة، فالأموال التي تستخدمها الجماعات المتطرّفة يمكن أن يكون مصدرها مشروعاً أو غير مشروع أو كليهما، مع محاولة إخفاء مصدر التمويل بضمان إستمرار المزيد من التمويل لدعم الأنشطة الإرهابية وما يؤكّد العلاقة بين تمويل الإرهاب وغسل الأموال هو إخضاع مواجهتها لقواعد قانونية خاصة وموحّدة.
أيّها الحضور الكريم،،
لا يخفى على أحد الدور الهام الذي يقوم به مديرو الإلتزام ومسؤولو مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المؤسسات المالية وعلى الأخصّ في القطاع المصرفي، حيث يوكّل اليهم العديد من المهام الرامية إلى الحدّ من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وما ينطوي عليه من مخاطر رقابية وقانونية وأخرى خاصة بسمعة المؤسسات المالية التي ينتمون إليها، ومن ثم زادت التطوّرات الحاصلة في مجال الجريمة من مهامهم اليومية، ومن إجراءات فحص العمليات غير العادية والعمليات المعنية بها، وإخطار وحدة التحريات المالية بالعمليات المشتبه بها، وإقتراح ما يلزم من تطوير وتحديث لسياسة البنك في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والنظم والإجراءات المتّبعة بالبنك في هذا المجال، وذلك بهدف زيادة فاعليتها وكفاءتها ومواكبتها للمستجدات المحلية والعالمية.
إنّ هذه العمليات الإجرامية الخطيرة يمكن أن تحدث في أي مكان في العالم، حيث أصبحت الأماكن المرشّحة لهذه العمليات معروفة وتتميّز بما يلي:
1- الدول التي لا تفرض أي قيود على الصرف الأجنبي.
2- الدول التي لا تطبّق نظام سرية الحسابات.
3- الدول التي لا تتبنى قوانين مكافحة غسل الأموال.
4- الدول التي تعاني من الإنحلال والتراخي والفوضى.
5- الدول التي تعاني من ضعف الأجهزة الرقابية والأمنية.
6- الدول التي تتّسم بضعف الأجهزة القضائية.
7- عدم وجود مركزية معلومات.
أمّا في أساليب إنتشار هذه العمليات، فإن الدراسات والأبحاث والنتائج توصلت إلى تحديد بعض النقاط الهامة التي ساهمت في إنتشارها وأهمّها:
1- البحث عن الأمان وإكتساب الشرعية.
2- سعي الدول إلى جذب الإستثمارات الأجنبية مع ضعف في الرقابة المصرفية.
3- تباين التشريعات وقواعد الإشراف والرقابة بين الدول المختلفة، مما يفتح المجال لوجود ثغرات تنفذ من خلالها الأموال القذرة، ويتم تنفيذها عن طريق خبراء متخصصين ومحترفين.
4- إنتشار الفساد السياسي والإداري في العديد من الدول النامية والمتقدمة.
5- تردد بعض الدول في وضع تشريعات وضوابط لمواجهة غسل الأموال من أجل جذب المزيد من الأموال لتحركات رأس المال.
6- الثورة التكنولوجية والمعلوماتية في مجال التجارة الإلكترونية ونظم الدفع، والتحويل الإلكتروني السريع.
أيَها الحضور الكريم،،
من المهم، أنّ يبحث هذا الملتقى المستجدات في مجال الرقابة على المصارف وفق ما تتضمنه معايير مجموعة العمل المالي، وخصوصاً لجهة:
1- المنهج المبني على المخاطر وأثره في عملية الرقابة.
2- التعاون والتنسيق الدولي والمحلي بين الجهات المختصّة.
3- صلاحيات الجهات الرقابية.
وكذلك لا بدّ من البحث في التحديات التي تواجه الدول في توجهها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتي تتمثّل بالإلتزام بالمعايير الدولية الجديدة، وإعتماد التوصيات الأربعين وتطبيقها على المنهج الجديد، وهو المنهج المبني على المخاطر، والذي يعتمد بشكل كلّي على عملية التقييم الوطني للمخاطر، كما أنّ هناك تحدّ آخر يتمثّل في إثبات فاعلية نظم المكافحة وتحديد نقاط الضعف المتعلقة بالنظم.
أيّها الحضور الكريم،،
إنّ إتحاد المصارف العربية، يسعى منذ سنوات لتحقيق تعاون دولي فاعل في مجال كشف ومكافحة وضبط حالات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والجماعات المتطرّفة، لأن هذه الجرائم أصبحت ذات صيغة دولية عابرة للمجتمعات والدول، وأنشأنا لهذه الغاية، منصّة حوار بين البنوك العربية، والبنوك الأوروبية، حيث عقدنا عدّة مؤتمرات في مجلس الإحتياطي الفدرالي، والخزانة الأميركية، والكونغرس الأميركي، وعقدنا مؤتمرات أخرى في مقر منظمة التعاون والتنمية في باريس الـ (OECD) سعياً لتطوير تحالفات إستراتيجية في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إنطلاقاً من إيماننا بالعلاقة المباشرة بين الوكالات الحكومية والمحليّة، والأجهزة الأمنية، والأجهزة القضائية، والبنوك، وعلى هذا النحو طوّر الإتحاد علاقات وثيقة مع القطاع العام لتعزيز مشاركته في جميع الفعاليات ذات الصلة.
أيّها الحضور الكريم،،
إنّ هذا الملتقى الهام الذي أصبح تقليداً سنوياً، يضمً نخبة من الباحثين والخبراء، والمفكرين ورؤساء وحدات الإمتثال، ويضم اليوم وفداً من دول مجلس التعاون الخليجي العربية، يأتي في إطار هذه المساعي التي يقوم بها الإتحاد، آملين في إجتماعنا هذا أن نضيف ما يعزّز أداء قطاعنا المصرفي العربي بشكل عام والإرتقاء به إلى مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال.
متطلّعين إلى خبراتكم وتعمّقكم في هذه الظاهرة الدولية المعقّدة والخطيرة للخروج بأفكار وتوجيهات تساهم في تحقيق الأهداف المرجوة منه.
وشكراً لإصغائكم،