كلمــــة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
رئيس جمعية مصارف لبنان
رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
فــــي
حفل إفتتاح
" الملتقى السنوي لرؤساء إدارة المخاطر في المصارف العربية"
في دورته الثامنة
فندق موفنبك - بيروت
12-13 أبريل/نيسان 2018
__________________________________
أيّها الحضور الكريم،،،
يُسعدني بداية أن أتقدّم بالشكر والتقدير إلى الأخ الفاضل الأستاذ سمير حمود رئيس لجنة الرقابة على المصارف في لبنان على إهتمامه ومشاركته الدائمة في فعاليات الإتحاد، وعلى حرصه في إغناء فعاليات هذا الملتقى بآخر التطوّرات الحاصلة على صعيد إدارة المخاطر في المصارف العربية.
كما يُسعدني أن أرحب بمعالي الشيخ محمد الجراح الصباح رئيس مجلس إدارة إتحاد المصارف العربية لحضوره معنا اليوم لإفتتاح فعاليات الملتقى السنوي لرؤساء إدارة المخاطر في المصارف.
ويُسعدني أن أرحّب بكم جميعاً في بلدكم الثاني لبنان للمشاركة في هذا الملتقى الذي نعقده بالتعاون مع لجنة الرقابة على المصارف في لبنان، والذي يتجدّد عاماً بعد عام، وتكبر المشاركة فيه بقدر ما تزداد أهميّته بالنسبة للمصارف التي تبحث دائماً عن كل جديد يتعلّق بالإصلاحات الرقابية والتنظيمية، والتي نحميها من كل ما يتعلّق بالمخاطر المصرفية.
لقد أضحى هذا الملتقى تقليداً سنوياً راسخاً، وبات يُشكّل منصّة للقاء بين كبار المسؤولين عن إدارة المخاطر في مصارفنا العربية للبحث والنقاش وتبادل الخبرات والمعرفة في كل ما يتعلق بالمخاطر المصرفية، وخصوصاً ما أدخلته لجنة بازل للرقابة المصرفية من تعديلات على منهجيات قياس وإدارة المخاطر إستناداً إلى التطوّرات والتداعيات التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية، والتي تركّزت على السيولة ورأس المال، وكذلك على منهجية إحتساب الخسائر الناجمة عن إعادة تقييم الأدوات الإئتمانية، وكيفية مراعاة الخصوصيات المحلية عند تطبيق المعيار الدولي لتقارير الإفصاح المالي (IFRS9) هذا فضلاً عن وضع خطط التعافي والتخطيط الرأسمالي.
أيّها الحضور الكريم،،،
لقد بدأ العالم اليوم يتحدّث عن تجنّب المخاطر، وليس إدارة المخاطر، فبدلاً من الممارسات السليمة لتقييم المخاطر أصبحنا نتحدّث عن إستقصاء المخاطر، كردّ فعل على التشدّد في تطبيق المعايير التنظيمية والتشريعات والقوانين العابرة للحدود خوفاً من العقوبات الإقتصادية والمالية.
وكما تعلمون، فقد توسّع أخيراً إنتشار ظاهرة تجنّب المخاطر
De-Risking لإرتباط هذه الظاهرة بإحتمال عدم تمكّن المصارف أحياناً من الإلتزام بمتطلبات الحيطة والحذر والعناية الواجبة Enhanced Due-Diligence التي تفرضها السلطات الرقابية والبنوك المراسلة، مثل التشدّد بالحصول على المعلومات الواجبة عن الزبائن (KYC) وغيرها من إجراءات التحقّق عن الزبائن أو العملاء أو القطاعات.
وقد يُفضّل عدم التعامل مع هذه الأنواع من الزبائن والعمليات، وهذا ما يُعرف بظاهرة De-Risking، وهنا تكمن إشكالية المعالجة، ففي حال إعتمد المصرف خيار التخلّي عن بعض العمليات أو العملاء، يكون قد خسر بعض الزبائن من باب الشك، وساهم في الوقت نفسه في تنامي ظاهرة صيرفة الظل (Shadow Banking)، حيث تبرز مشكلة جديدة وهي إمكانية ظهور قنوات مالية غير خاضعة لأي نوع من أنواع الرقابة، والحل الموضوعي في هذا المجال يتطلّب تشدداً أكثر في الرقابة الداخلية والتوسّع في المعلومات والمعطيات الهادفة إلى تطبيق أشمل لقاعدة "إعرف عميلك"، وتوسيع آليات التنسيق والتعاون ما بين القطاع المصرفي والسلطات الرقابية والقضائية والأمنية.
ومن المواضيع التي تُعدّ من الأسباب الرئيسية لتفاقم الأزمة المالية العالمية، والتي تتمثّل بقيام عدد كبير من المصارف ذات الإنتشار العالمي ببناء مديونية مفرطة داخل الميزانية وخارجها، حيث ترافق ذلك مع تآكل تدريجي لمستوى ونوعية رأس المال، وفي الموقف عينه، كان العديد من تلك المصارف يمتلك مخزوناً غير كافٍ من السيولة، ترافق مع خسائر إئتمانية ضخمة نتيجة التركّزات في الإستثمارات الناتجة عن ضعف الإدارة، ومخاطر الأطراف المقابلة، وخصوصاً تلك الناتجة عن الإستثمار في المشتقات ومشتقات الإئتمان. وقد تفاقمت الأزمة بشكل أكبر جرّاء عملية تخفيض الإستدانة نتيجة لترابط المؤسسات النظامية فيما بينها عبر مجموعة معقدّة من المعاملات، وكانت المحصلة إنتقال العجز في القطاع المصرفي إلى بقية النظام المالي والإقتصاد الحقيقي، ممّا أدّى إلى إنكماش هائل في السيولة وتوافر الإئتمان.
وهذا الواقع، يقودنا إلى إلقاء الضوء على المعيار الدولي (IFRS9) الصادر عن مجلس معايير المحاسبة الدولي والمتعلّق بالأدوات المالية والمخصّصات المالية، والذي حلّ محل معيار المحاسبة الدولي رقم 39 المتعلّق بالأدوات المالية: الإثبات والقياس، طارحاً متطلّبات جديدة للتصنيف والقياس والإضمحلال ومحاسبة التحوط، والذي أصبح إلزامياً مع بداية هذا العام مع السماح بالتطبيق المبكر، كما يجب تطبيقه بأثر رجعي.
لقد أظهرت الدراسات والتحليلات، أن نقاط الضعف شملت مروحة واسعة من بنية النشاطات والممارسات المصرفية، منها ما يتعلّق بالإستثمارات العالية المخاطر، وبممارسات التسنيد وإعادة التسنيد المعقدّة، وبممارسات إدارة المخاطر بما في ذلك حوكمة المخاطر، إضافة إلى التركّزات في الإستثمارات وإختبارات الضغط، ممارسات تقييم الأصول، وفي الإفصاح، والشفافية، وإدارة السيولة، وأخيراً وليس آخراً في دورية متطلبات رأس المال.
وأمام هذا الواقع تداعت الهيئات الرقابية الوطنية والدولية لتطوير قواعد ومعايير العمل المصرفي المالي، ووضع معايير دولية حديثة تساهم في جعل المصارف أكثر قدرة على تحمّل الصدمات عبر تحديد وضعية مخاطر المصارف بطريقة أكثر شمولية. وقد كان للجنة بازل دوراً قيادياً في هذا المجال، حيث قامت بإجراء تعديلات واسعة وجوهرية على الدعامات الثلاث لبازل 2 تمثّلت بإصدار قواعد ومعايير جديدة شكّلت معاً "بازل3" ومن بينها:
أيّها الحضور الكريم،،،
إننا نؤكّد من خلال هذا الملتقى أهمية فهم ثقافة إدارة المخاطر وتجنبها وخاصة المخاطر على أنواعها بما فيها مخاطر السمعة ومخاطر تبييض الأموال ومخاطر تمويل الإرهاب.
كما يهمنا أن نعمل معاً من خلال هذا الملتقى على إعداد سيناريو لدراسة أثر تطبيق معيار الإبلاغ المالي على حجم المخصصات والربحية، والقاعدة الرأسمالية، والتعرف على تجارب الدول والبنوك في هذا المجال لتحديد الأطر التي يمكن أن نضعها للتطبيق وقياس مدى كفاية نظم المعلومات وتوافر الموارد البشرية والخبرات.
كما أننا في إتحاد المصارف العربية نشدّد اليوم على أن البنوك خلال سعيها نحو تطبيق المعيار الدولي (IFRS9) سوف تواجه الكثير من التحديات، ولعلّ أبرزها يتمثل في ضرورة تعزيز التنسيق بين الوحدات المتخصّصة، وكذلك ضرورة تحقيق التكامل والتوافق بين البيانات المالية والمخاطر بالإضافة إلى تحديات جمع وحفظ البيانات التاريخية الضرورية لوضع النماذج الخاصة بالخسائر المتوقعة كما يجب التنبه إلى بروز تحديات البنية التحتية وأنظمتها ومنهجيات وأدلة عمل، وتقنيات تقييم المخاطر والسياسات المحاسبية، الأمر الذي يتطلب رفع قدرات العاملين ومهاراتهم ومواكبتهم لمستجدات العمل المصرفي على المستوى الدولي.
وفي هذا المجال، سوف نعمل على تشكيل مجموعة خاصة لإدارة المخاطر في الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، والدعوة مفتوحة أمامكم للإنضمام إلى هذه المجموعة لتكون منطلقاً للتعمق أكثر من خلال خبراتكم ووضع الأسس لتعزيز التنسيق بين الوحدات المتخصصة في إدارة المخاطر، لمواكبة المستجدات على مستوى العمل المصرفي العربي.
كما أنّ إتحاد المصارف العربية سيطلق قريباً المركز العربي لإدارة المخاطر وسيكون مقرّه في مقرّ الامانة العامة للإتحاد، وذلك بهدف الإرتقاء بصناعة إدارة المخاطر في العالم العربي، بما يتناغم والمعايير والممارسات الدولية المعروفة والمعتمدة على الصعيدين العملي والنظري، وزيادة الوعي لدى القطاع المصرفي والمالي وقطاع الشركات في العالم العربي حول أهمية تبني وتطبيق أحدث تقنيات وأساليب إدارة المخاطر المعروفة دولياً.
ومن مهام هذا المركز تقديم الدراسات والبحوث العلمية المعمقة في مجالات إدارة المخاطر على تنوعها وتوفير التدريب المتخصّص في مجال إدارة المخاطر بكافة قطاعاتها، وإعداد العاملين في القطاع المصرفي والمالي عبر دورات تدريبية متخصّصة، وإعدادهم لإمتحانات الديبلوم أو الشهادات العلمية المتخصّصة مثل FRM, AML, CFT, CFA وغيرها. ونتطلع إلى تعاون وتنسيق بين مجموعة إدارة المخاطر في الإتحاد الدولي والمركز العربي لإدارة المخاطر.
السادة رؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية، أمامكم اليوم الكثير من المحاور التي ستناقشونها ضمن فعاليات هذا الملتقى، ونحن نعلق آمالاً كبيرة على جهودكم للخروج بنتائج مهمة لتحقيق الأهداف المرجوة.
وشـكراً لإصغائكـم،،،
RELATED AGENDA: 8th Annual Risk Management Forum in Arab Banks - 12-13 April 2018
RELATED PHOTO ALBUM: الملتقى السنوي لرؤساء إدارة المخاطر في المصارف العربية “،في دورته الثامنة، بيروت، لبنان- 12 نيسان 2018