كلمة الدكتور جوزف طربيه
رئيس جمعية مصارف لبنان
في
ندوة الإدارة الرشيدة
جمعية مصارف لبنان
4 تموز 2011
سعادة حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامه
زملائي المصرفيين،
ايها السيدات والسادة،
يسعدني أن أرحب بكم جميعاً اليوم في لقائنا حول "الإدارة الرشيدة في المصارف اللبنانية" التي تنظمها جمعيتنا بالتعاون مع المؤسسة المالية الدولية "IFC ".
وبالمناسبة، أشكركم جميعاً على حضوركم، وأخصّ بالشكر راعي هذا اللقاء سعادة حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة الذي لا يفوّت أية فرصة للمشاركة في دعم جهود المصارف اللبنانية لمواكبة التطوّرات العالمية والمعايير الدولية. كما أودّ أن أشكر نواب حاكم مصرف لبنان على مساعيهم التي تصب في هذا الإطار وكذلك رئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف لمساهمتهم في السهرعلى تطبيق أفضل الممارسات المصرفية.
أيتها السيدات، أيها السادة
تعلمون جميعاً أننا في جمعية المصارف قد وضعنا "مبادئ توجيهية للإدارة الرشيدة في المصارف العاملة في لبنان" في كانون الثاني 2011، باللغات الثلاث العربية والإنكليزية والفرنسية. وقد تمّ تعميم هذه المبادئ على جميع المصارف الأعضاء في الجمعية وعلى أعضاء مجالس إداراتها والمدراء المسؤولين عن الإدارات الرقابية فيها. كما تمّ نشرهذه المبادئ التوجيهية على الموقع الالكتروني للجمعية. ما يعني أننا صمّمنا على المضّي قدماً في هذا التوجّه في إدارة مصارفنا. فكلّما تطوّرنا في تطبيق المعايير الدولية، كلما ازدادت متانة قطاعنا المصرفي وضمنا استمراريته وحافظنا على سمعته وثقة المستثمرين المحليين والدوليين به.
إن المبادئ التي وضعناها هي توجيهية بكل ما تعنيه الكلمة، فهي لا تحدّد إطاراً تنظيمياً بقدر ما أنها وضعت لتسهيل تطبيق أفضل الممارسات في مجال الإدارة الرشيدة، بما يتوافق مع حجم المصرف ووضعه وحجم عملياته وهيكليته.
تدعو مبادئ الإدارة الرشيدة، كما نصّت عليه توصيات لجنة بازل للرقابة المصرفية ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي "OECD " والتي استندت إليها المبادئ التوجيهية التي اعتمدناها، إلى إجراء بعض التغييرات في هيكلية مؤسساتنا المصرفية وفي المسؤوليات الأساسية لمجالس الإدارة والإدارة التنفيذية والإدارات الرقابية. وهي تتطلب بالتالي، كما هو واضح، التحضير التنظيمي والبشري والمادي والدعم الكامل من قبل المساهمين، مجالس الإدارة والإدارة العليا، والتزام جميع القيّمين في المصارف بها.
ولسنا في القطاع المصرفي اللبناني ببعيدين عن أجواء الإدارة الرشيدة. فلقد لاحظنا، منذ ست سنوات أي في عام 2005، و كنت عندها رئيساً لجمعية المصارف، اهتماماً من قبل الإدارات العليا في مصارفنا بالتعرّف على مكامن القوّة والضعف في تطبيق مبادئ الإدارة الرشيدة لديها. وذلك عندما شارك 30 مصرفاً لبنانياً تجارياً من بين 51 (إجمالي عدد المصارف التجارية آنذاك) في الدراسة التي نظمتها جمعية المصارف بالتعاون مع المؤسسة المالية الدولية وقامت بتنفيذها مؤسسة Ernest & Young. ومن نتائجها أن مصارفنا كانت في حينه ملتزمة إلى حدّ بعيد بتوجهات الإدارة الرشيدة في ما خصّ الرقابة الداخلية، وقد زاد التزامها منذ ذلك التاريخ بفضل تشديد السلطات الرقابية على تطبيق معايير بازل في إدارة المخاطر وغيرها، وإنما تبتعد مصارفنا عن تطبيق معايير الإدارة الرشيدة في عدم الفصل بين صلاحيات ومسؤوليات مجالس الإدارة والإدارة العليا التنفيذية، وقد يكون مرد ذلك بالدرجة الأولى إلى الطابع العائلي لمؤسساتنا المصرفية والتزامها بتطبيق قانون التجارة اللبناني الذي يفرض الجمع بين مركز رئيس مجلس الإدارة والإدارة العامة.
والآن، وقد أصبح تعديل قانون التجارة ملحّاً ليتماشى مع التشريعات الخارجية التجارية ولمواكبة التطوّر الحاصل في حجم مؤسساتنا وأعمالها ، وبعد صدور التعميم الأساسي لمصرف لبنان رقم 106، والتعديلات الأخيرة عليه في شهر نيسان الفائت، وبعد مباشرة لتحضيرات الفعلية للتطبيق من قبل مصارفنا، وإن كانت متفاوتة لجهة جهوزيتها، بات من الضروري أن نجلس سويّة، مصارف وسلطات رقابية، لمناقشة ما يدور في أوساط المصارف من هواجس بشأن هذه التحضيرات. ومن هنا نشأت فكرة هذا اللقاء.
وأنتهز فرصة لقائنا اليوم للإعلان عن شروع جمعية المصارف في تنظيم سلسلة لقاءات للإدارات العليا في المصارف تستهلّها بورشة عمل صباح الغد بالتعاون مرة جديدة مع المؤسسة المالية الدولية. وذلك للتعرّف بعمق على أسس تطبيق مبادئ الإدارة الرشيدة وللاستفادة من خبرات الهيئات الدولية في هذا المجال ومن خبرات بعض المصارف التي باشرت فعلياً تطبيق هذه المبادئ، لعلنا نستطيع أن نجد ما يتناسب مع خصائص قطاعنا المصرفي لجهة الحجم والطابع العائلي.
إننا جميعنا مقتنعون بأن سمعة مصارفنا تجاه جميع أصحاب المصالح معها "stakeholders" من مساهمين، ومودعين، ومورّدين وموظفين (دون أن نغفل السلطات الرقابية طبعاً)، مرتكزة على الالتزام بالمعايير الدولية، لا سيّما منها ما يخصّ الإدارة الرشيدة وإدارة المخاطر والشفافية.
وقبل أن أستودعكم، أودّ أن أوجّه تحيّة إلى لجنة الإدارة الرشيدة في جمعية المصارف للجهود التي قامت بها في التحضير للمبادئ التوجيهية الصادرة عن الجمعية ولمديرية الشؤون القانونية ووحدة الإدارة الرشيدة في مصرف لبنان للملاحظات التي زودتا بها هذه اللجنة في حينه.
ختـامـاً، أترككـم مـع المـسؤول عـن مـلـف الإدارة الـرشيـدة في المؤسسـة المـاليـة الدوليـة السيد James Christopher Razzouk ، ليقدّم لنا عرضاً مختصراً عن أهم المحطات التي تستدعي لفت انتباه الإدارات العليا في مصارفنا، قياساً على تجارب البلدان الأخرى، على أن يختم سعادة الحاكم توجيهات مصرف لبنان حول الموضوع، وننهي لقاءنا بمناقشة مقتضبة لبعض محاور الموضوع.
أشكر لكم إصغاءكم