كلمة رئيس جمعية مصارف لبنان
الدكتور جوزف طربيه
في المؤتمر الصحافي
حول
زيارة الوفد المصرفي الى الولايات المتحدة الأميركية
بيروت في 26 أيار 2017
أيّها الإعلاميّون الكرام،
في البداية، أودّ أن أتوجّه بإسمي الشخصي وباسم مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان والأسرة المصرفية قاطبةً بأصدق التهاني لسعادة الأستاذ رياض سلامة بمناسبة تجديد الثقة به حاكماً لمصرف لبنان، وبخالص الشكر للسلطات اللبنانية الرسمية، ولا سيما الرؤساء الثلاثة ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري كما لجميع أعضاء مجلس الوزراء وبخاصة معالي وزير المالية علي حسن خليل على اتّخاذ قرار التجديد هذا ، والذي سبق لنا أن نادينا به منذ مدة.
فسعادة الحاكم رياض سلامة بـرهن طوال العهود الأربعة التي اضطلع فيها بمهام الحاكمية عن قدر عال من المسؤولية الوطنية وعن مستوى نادر ورفيع من الخبرة والحكمة والحنكة، وعن موثوقية استثنائية لدى المؤسسات والمراجع المالية والمصرفية العربية والعالمية التي تربطه بها علاقات وطيدة ، ما يجعله الرجل الأنسب لمتابعة تولّي هذا المنصب البالغ الأهمية، لا سيّما في الظروف الدقيقة الراهنة. فله منا مجدداً أحرّ التهاني مشفوعة بعبارات الإحترام والتقدير.
أيّها السيّدات والسادة،
لقد أردنا عقد هذا اللقاء معكم من أجل وضع الرأي العام اللبناني من خلالكم في أجواء زيارة الوفد المصرفي اللبناني الى الولايات المتحدة الأميركية وهي زيارة جرى التحضير لها بتأنٍّ كبير وبالتشاور مع مكتب المحاماة الدولي الذي يتولّى متابعة شؤون جمعية المصارف في الولايات المتحدة منذ سنوات. وقد شملت اتصالاتنا في واشنطن ونيويورك مختلف مراكز القرار الأميركية المعنيّة بموضوع اقتراح القانون الجديد الذي يجري إعداده والذي يتضمّن لائحة عقوبات تتناول حزب الله والجهات المقرّبة منه. وفي هذا الإطار، التقى الوفد المصرفي اللبناني أعضاء في مجلسي النواب والشيوخ ومسؤولين كبار في وزارة الخزانة والمسؤول عن مكتب لبنان وسورية في مجلس الأمن القومي.
أما أبرز ما يهمّنا تبيانه في هذا اللقاء، فهي الوقائع التالية:
• إن التنسيق بين وفد جمعية مصارف لبنان ووفد مجلس النواب اللبناني كان تاماً بحيث لم ينقطع التواصل بين الوفدين طوال فترة إقامتنا في الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من منطلق الحرص على التحدّث بلغة وطنية واحدة والدفاع عن مصلحة لبنان العليا قبل أيّ شيء آخر.
• لقد سمع الوفد المصرفي اللبناني في جميع لقاءاته عبارات الإشادة بأداء القطاع لجهة الإلتزام الكامل والدقيق بأصول العمل المصرفي السليم وبآليات الإمتثال وتطبيق القواعد والعقوبات المتعلّقة بمكافحة تبييض الأموال والإرهاب والتهرّب الضريبي. وقد أثنى المسؤولون الأميركيون وممثلو المصارف الأميركية المراسلة لمصارفنا على الحرفية المهنية العالية التي أظهرتها المصارف اللبنانية في هذا المجال، والتي أمّنت استمرار اندماج القطاع المصرفي اللبناني بسلاسة في النظام المالي العالمي وانسياب تعاملاته بشكل طبيعي مع الأسواق المالية الإقليمية والدولية.
• وفي هذا السياق، أعرب الجانب اللبناني عن ضرورة تحييد القطاع المصرفي اللبناني عن أية انعكاسات سلبية قد تترتّب من جرّاء أية عقوبات مالية جديدة يمكن أن تفرضها السلطات الأميركية على حزب الله والجهات المقرّبة منه، خصوصاً وأن التشريعات الحالية المرعية الإجراء كافية وكفيلة بإلغاء الحاجة الى أية نصوص جديدة قد تترك تفسيرات غير مناسبة وتلحق ضرراً غير مبرّر بلبنان وبعمل المصارف اللبنانية.
• جدّد الوفد اللبناني التأكيد على أن المصارف في لبنان نجحت تحت إشراف البنك المركزي في تطبيق قواعد الإمتثال، وأن هذا التطبيق بمختلف آلياته لاقى قبولاً لدى المرجعيات الدولية ، بما فيها وزارة الخزانة الأميركية، وأن التشريع الجديد المقترح قد يتطلّب في حال إقراره إعادة نظر في كل الآليات الإجرائية الناجحة التي جرى تطبيقها والإلتزام بها في لبنان.
• أعرب الجانب الأميركي عن اقتناعه بطروحات الوفد اللبناني التي أبرزت أهمية الحفاظ على الإستقرارين الأمني والنقدي في لبنان، باعتبارهما الركيزتين الأساسيتين لاستقرار البلاد وسط البركان الإقليمي الذي يغلي من حولنا منذ سنوات، والذي أصابت أضراره وشظاياه عدداً من دول المنطقة ، وأسفر محلياً عن تدفّق حوالى مليون ونصف مليون من النازحين السوريّين الى وطننا ، مع ما خلّفه ذلك من أعباء ومضاعفات سلبية على البنى التحتية المادية وعلى أوضاعنا الإجتماعية والإقتصادية. وقد شدّد الوفد المصرفي على أن لبنان الذي لا يزال يرزح تحت هذه الضغوط بغنى عن أيّة ضغوط إضافية، من شأنها أن تعيد فيه عقارب الساعة الى الوراء وأن تتهدّد الصمود اللافت الذي يبديه منذ سنوات، خصوصاً أن مختلف القوى السياسية اللبنانية تتعاون في المرحلة الراهنة لإخراج البلاد من أزماتها السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وأن المطلوب اليوم هو التأسيس على المبادرات التوافقية الأخيرة المتمثلة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة وطنية جامعة تسعى الى ضمان التفاف اللبنانيّين حولها لتنفيذ برنامج نهوض اجتماعي واقتصادي واعد ومثمر في ظلّ أوضاع إقليمية بالغة الدقة والصعوبة.