كلمــــة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس جمعية المصارف في لبنان
رئيس مجموعة الاعتماد اللبناني
فــــي
حفل إفتتاح منتدى المال والاعمال
" إستعادة الثقة – السهل الممتنع"
بيروت – فندق فينيسيا
11 نيسان 2017
دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري
سعادة حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامه
أصحاب المعالي والسعادة
ايها السيدات والسادة
يسعدني أننا نشعر مجدداً بأن لبنان السياسي يعود الى فرح الحياة، ولو مع الكثير من المعاناة وآلام المخاض بعد خطوات التوافق السياسي الموفقة التي أدت الى إكتمال عقد السلطات الدستورية بإنتخاب العماد ميشال عون رئيس الجمهورية وتأليف حكومة وفاق وطني برئاسة دولة الرئيس سعد الحريري، كما أن الآمل معقود بولادة لقانون إنتخاب يعيد تكوين السلطة بالرجوع الى تجديد خيارات الشعب اللبناني بإنتخابات تعبر عن تطلعاته في التقدم والإزدهار.
كما يسعدني إنعقاد هذا المنتدى الذي يرمي الى ملاقاة وتثمير التطورات الداخلية الايجابية المتمثلة بعودة انتظام مؤسسات الحكم وانتاجيتها، بما يساعد على إعادة ثقة اللبنانيين ببلدهم ودولتهم ومؤسساتهم، وتالياً اعادة تمتين جسور التواصل بين لبنان ومحيطيه الأقليمي والدولي .
وقد إرتفع فعلاً منسوبا الامل والثقة معا بعد الانطلاق الانسيابي للحكومة، وما يظهر من تفهم وتفاهم منتج بين أركان الحكم. هذا ما تؤكده حيوية مجلس النواب ولجانه وإنتاجية الحكومة مجتمعة والوزراء في مواقعهم . عملياً، نحن ندرك جيداً صعوبة التقدم السريع والانجاز في ظل وهن مؤسسات الدولة والركود المتمادي للاقتصاد منذ العام 2011، وعنف العواصف " الربيعية " وتداعياتها التي ضربت في طول المنطقة وعرضها، ولم تزل تنتج القتل والتدمير والتهجير الذي كان للبنان الحصة الوافرة منه.
مع ذلك، نحن نراهن على همة أهل العزم في إستكمال المهام الاساسية لتثبيت حضور الدولة ومرجعيتها . لا مفر من مقاربات توافقية ، في القانون الأوسع قبولاً والأكثر تمثيلاً، وفي تحديد المواعيد الملائمة، لحسم استحقاق الانتخابات النيابية. فالمرجعية التشريعية جزء أساسي ومفصلي في جسم الدولة، وهي الكافلة للصلاحيات وللتوازن وللمراقبة وللتقويم. ومن المهم إعادة إنتظام المرجعية المالية المتمثلة بمشروع قانون الموازنة وقطع الحسابات .
ونحن على هذا الصعيد لدينا فرصة، قد تكون غير مكتملة العناصر، لكنها حقيقية، للشروع في ورشة وطنية شاملة للاصلاح الاداري والمالي ومكافحة الفساد المستشري وسد منافذ الهدر وتحجيم التهرب الضريبي. هذه أهداف عادية في دولة عادية . لا ابتكارات فيها ولا ابداع تحتاجه، لكنها في حالة لبنان تحقق الانقلاب الايجابي الكبير وتعالج الأمراض المستعصية في القطاع العام، وتحل أغلب مشكلات الاقتصاد والاستثمار وتستوعب تنامي الدين العام المرشح لاجتياز عتبة 80 مليار دولار هذا العام. فهل نبدأ معاً رحلة الألف ميل لاخراج لبنان من لوائح التصنيفات المعيبة في مؤشرات الفساد والشفافية والحوكمة وترهل الخدمات العامة وسواها. فتستعيد البلاد بذلك جزءاً من تاريخها الحديث المضيء. ألم نكن بين أول بلدان المنطقة وفي مراتب متقدمة عالمياً في الطبابة والاستشفاء والتعليم واللغات والطباعة والثقافة والسياحة، وحتى في إنشاء الادارات العامة وتخصصها، بما فيها السلطة النقدية المستقلة بمكونات متخصصة ومتنوعة، وبمأسسة الرقابة والتفتيش الاداري والخدمة المدنية والمحاسبة العمومية.
أيها السيدات والسادة
نحن في القطاع المصرفي، نثمن بإيجابية تامة التقدم المحقق في مجالات متعددة بعد شهور قليلة من انطلاقة العهد. ونتطلع الى تثمير نوايا التفاهم التعاون بين مرجعيات الدولة، في تسريع معالجة المشكلات المزمنة التي يعاني منها الناس والاقتصاد، وبالأخص منها الخدمات العامة الأساسية. ونرى أن رفع عبء الكهرباء عن المالية العامة كمثال، من شأنه أن يغير وحده قوام الموازنة وأهدافها، وتصبح أكثر قابلية في تلبية مطالب مزمنة وفي حفز الانفاق الاستثماري الذي تتعاظم الحاجة اليه، اذ أصبح ترهل البنى التحتية أحد أبرز معوقات الانتاج والنمو والتنمية .
ونحن كقطاع بخصوصيته، ومن ضمن القطاعات الاقتصادية، لسنا على الحياد، بل شركاء متضامنين في المهمة الوطنية الجامعة لاستعادة حضور الدولة ومرجعية مؤسساتها. جهازنا المصرفي مفخرة للبلد وأهله واقتصاده، بما يختزن من امكانات تفوق أربعة أضعاف الناتج المحلي، وانتشار اقليمي ودولي موجه خصوصا لخدمة اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين، ومهنية رفيعة المستوى تضاهي مثيلاتها في أكبر المصارف العالمية، وممارسات بين ألأفضل عالميا على مستويات المحاسبة والرقابة ومتانة المراكز المالية والسيولة والملاءة، ومنظومة منتجات وخدمات تلبي أوسع الحاجات الاستثمارية والائتمانية والتكنولوجية للأفراد والمؤسسات، وتلبية كامل الحاجات التمويلية للقطاعين العام والخاص.
من منظورنا المالي والمصرفي، نؤكد على أهمية مجموعة من المرتكزات التي شكلت مجتمعة مظلة حماية للقطاع، ومكنت المصارف من حفظ كياناتها وأنشطتها داخل لبنان وضمن خريطة انتشارها الخارجي، رغم الارباكات المحلية وانكماش الاقتصاد والاستهلاك، وتداعيات الحروب والاضطرابات في المنطقة .
• يمثل الاستقرارالنقدي عنوانا رئيسيا لسياسة متكاملة انتهجها لبنان والبنك المركزي، وتحظى بأوسع قبول سياسي واجتماعي واقتصادي. وأثبتت التجربة المتواصلة على مدى عقدين متتاليين صوابية هذا الخيار الاستراتيجي ونجاعته . فهو درع حام للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الظروف الصعبة، وهو محفز للنمو في الظروف الملائمة .
• لن يتردد القطاع المصرفي في تمويل الاحتياجات المالية للدولة، رغم الملاحظات والانتقادات التي ترد من مؤسسات مالية دولية ومن مؤسسات التصنيف . نحن نحرص في اجتماعاتنا مع مسؤولي هذه المؤسسات وفي مشاركاتنا في المنتديات الاقليمية والدولية على تظهير صوابية هذا الخيار، ومشروعية المساهمة في حماية الأمن المالي الوطني، علما أن لبنان لم يتخلف يوما عن سداد أي مستحقات في مواعيدها .
• من المهم أن تستفيد الدولة والاقتصاد من الفوائض المالية لدى المصارف، من خلال فتح فرص تمويل المشاريع المرتبطة بالخدمات العامة ، وبألأخص منها ذات العوائد لصالح الخزينة العامة. نحن ندير أصولا تناهز 205 مليارات دولار، ركيزتها تعبئة ودائع ومدخرات تقارب 165 مليار دولار، فيما يبلغ اجمالي التسليفات نحو 95 مليار دولار ، منها نحو 60 مليار دولار لصالح القطاع الخاص. اذ، وبرغم الركود المتنامي في السنوات الست الأخيرة، ظل مؤشر التمويل الخاص ألأكثر نموا ونشاطا لصالح المؤسسات وألأفراد. اجمالي تمويلاتنا للقطاع المحلي الخاص يزيد عن اجمالي الناتج المحلي .
• ليس افشاء لأسرار أو معلومات، أن كل مصارف العالم ملزمة بالانخراط في الحرب المالية العالمية ضد الجرائم المالية والتطوير المستمر للأليات والوسائل، وخصوصا مكافحة تمويل ألأرهاب وتبييض ألأموال والتهرب الضريبي. مصارفنا في وضعية سليمة بفضل خريطة الالتزام التي طورناها بالتنسيق والتعاون التامين مع حاكمية البنك المركزي وسائر مكونات السلطة النقدية. وسنواصل بقناعة هذا المسار ضمن مبدأ تحصين الجهاز المصرفي ووحداته الناشطة داخليا وخارجيا .
أختم بالشكر لكم جميعا وتمنياتي ببلوغ هذا المنتدى أهدافه
RELATED ALBUM: Business and Financial forum: Regaining the Trust