كلمــــة
الدكتــور جـوزف طربيــه
رئيــس الإتحـاد الدولي للمصرفييـن العــرب
رئيــس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
في
حفل إفتتاح
منتـــــدى
« الموارد البشرية: التوجهات العصرية في إدارة المواهب والتدريب »
25-27 أيلول/سبتمبر 2014
فندق الكورال بيتش ـ الجمهورية اللبنانية
أيها الحضور الكريم،،،
يسعدني أن أرحّب بكم في هذا اللقاء الهام، وأثمن مشاركتكم معنا في إنجاحه، وأشكر ثقتكم بإتحاد المصارف العربية وبالإتحاد الدولي للمصرفيين العرب الساعين دائماً إلى تطوير المهارات والكفاءات المصرفية العربية، وإعدادها لمواجهة كل التحديات، وخصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها منطقتنا العربية، والتي تتطلب منا المزيد من الجهد للاستثمار في إنساننا العربي، الذي هو وحده الثروة الباقية، في ظل الحروب والثورات التي تضرب الكثير من بلداننا والتي حولت المدائن والعمران الى أطلال دارسة.
أيها الحضور الكريم،
إن إدارة وتطوير الموارد البشرية في مؤسساتنا المصرفية، يقوم على المفهوم الحديث للتنمية المستدامة، حيث باتت المنظمات الدولية تربطها ربطاً مباشراً بقدرتها على تطوير القدرات والمهارات للفرد بإعتبار أن الإنسان هو العنصر المفكر والرئيسي في الإنتاج والخدمات، وهو الوسيلة والغاية من عمليات الإنتاج، وهو أيضاً ضمير المؤسسة وقلبها النابض وإحساسها الواعي لما يدور حولها من أحداث.
ويزداد الوعي يوماً بعد يوم بأهمية هذا المورد الغالي، فقديماً كانت تستخدم لفظة المستخدمين، ثم العمال والقوى العاملة، إلى أن أصبحت توصف اليوم برأس المال البشري بلغة الإقتصاديين والأصول البشرية بلغة المحاسبين، ورأس المال الذكي أو الفكري بلغة الإداريين. ولن ننسى بالطبع الفرق يين مفهوم المستخدمين الذي يطلق على العاملين في القطاع الخاص ومفهوم الموظفين الذي يطلق على العاملين في القطاع العام والإدارات الرسمية وفقا لمنطق القانون.
أيها الحضور الكريم،
إن إدارة الموارد البشرية تعدّ اليوم من أهم الإدارات في المؤسسات لدورها الكبير في إستقطاب القوى العاملة وإختيارها والمحافظة عليها وتطوير أدائها، وكذلك تطوير إجراءات وسياسات العمل والإسهام في تنفيذ المسار الوظيفي للموظفين.
وتواجه هذه المؤسسات اليوم تحديات كبيرة في الإحتفاظ بالعناصر البشرية المميّزة، وخاصة في ظل المنافسة القوية بين المؤسسات والشركات والمنظمات وغيرها، وفي العادة يلقي القادة الإداريون عبئاً كبيراً على إدارة الموارد البشرية لتعديل وتطوير الأنظمة والسياسات وإجراءات ولوائح القوى البشرية، حيث بات من الضروري على مديري وأخصائيي الموارد البشرية الإطلاع ومواكبة كل جديد في هذا المجال لإدارة مواردهم البشرية بشكل فعّال والحفاظ على العناصر البشرية المميّزة، وإستقطاب كفاءات أخرى لها، وتطوير السياسات والإجراءات الخاصة بالعمل، وتطوير إدارة العاملين.
أيها الحضور الكريم،
موضوع منتدانا اليوم، يهدف إلى تسليط الضوء على المفاهيم الحديثة التي دخلت مؤخراً إلى عالم إدارة الموارد البشرية والمواهب، وعلى أهمية الدور الجديد الذي ينبغي أن تقوم به الإدارة الحديثة للموارد البشرية، وعلى وجه التحديد تنمية القدرات والكفاءات المهنية وتطوير أساليب العمل، بما يساهم بإنجاح تلك المؤسسات وتحقيق أهدافها وتعزيز موقعها التنافسي.
هناك تعاريف عدة تتناول مفهوم إدارة الموارد البشرية، فبعضها يرى أنها عملية إختيار وإستخدام وتنمية وتعويض الموارد البشرية العاملة في المؤسسة. وبعضها يرى أنها إحدى الأنشطة الإدارية التي تعنى بالإستخدام الفاعل للموارد البشرية في المؤسسة، والبعض الآخر يرى أن إدارة الموارد البشرية هي المعنية بإدارة القوى العاملة بكفاءة وفاعلية عالية لتحقيق الأهداف المنوّط بها تنفيذها، سواء أهداف المؤسسة أو أهداف العاملين أو أهداف المجتمع. لكن في ظل تطوّر المفاهيم وإشتداد المنافسة والتقدّم التكنولوجي، يبدو ان إدارة الموارد البشرية التقليدية إنتهى زمانها، وأن هناك دوراً جديداً يحتم على المسؤولين عن الإدارة القيام به وتنفيذه، ويتمثل هذا الدور بالشراكة الإستراتيجية والفعّالة مع إدارة الموارد البشرية في تنفيذ ومتابعة خطط وإستراتيجيات أي مؤسسة.
وبحسب ديف أرليش (Dave urlich) أحد أبرز خبراء الموارد البشرية في الوقت الحاضر، فإن إدارة الموارد البشرية الحديثة يجب أن تقوم بلعب خمسة أدوار لتكون إدارة بشرية معاصرة وفعّالة ، وهي:
1- الدور الإستراتيجي لإدارة الموارد البشرية، ويقصد بها أن تشارك هذه الإدارة في تنفيذ إستراتيجية المؤسسة بكل فعالية وقوّة.
2- إدارة التغيير والتحوّل، أي أن تقوم إدارة الموارد البشرية بدور كبير في إدارة التغيير والتحوّل الذي يحدث في المؤسسة نتيجة للمنافسة الشديدة، أو رغبة الحكومات في زيادة فعالية الأجهزة الحكومية لتلبية إحتياجات ومتطلبات المواطنين.
3- إدارة تعزيز البنية التحتية، ويقصد بها إعداد بنية تحتية للمؤسسة تتضمن السياسات والإجراءات والقواعد والنظم.
4- إدارة مساندة العاملين، وتعنى بإعداد السياسات والإجراءات المناسبة لمعرفة إحتياجات الموظفين وتلبيتها، وتشجيع الموظفين المبدعين وإتاحة الفرصة لهم في تنفيذ إبداعاتهم المتعلقة بتطوير نظم وإجراءات العمل.
5- إدارة المواهب، التي تعنى بإكتشاف المواهب وصقلها وتوجيهها وإعدادها لتبؤ المناصب العليا والإحتفاظ بها.
وبأتي في إطار هذه الأدوار الخمسة إعتماد وتنفيذ عدد من الإجراءات بينها تطبيق بطاقة الأداء المتوازن، وهي بحسب أحد الخبراء، مفهوم يعمل على ترجمة الإستراتيجية إلى خطوات تنفيذية. والتركيز على التدريب، وتطوير أساليب إختيار الموظفين، ومن بين هذه الإجراءات أيضاً تطبيق نظام الجدارات، والذي يعنى بتحديد المهارات والإتجاهات المطلوبة لكل وظيفة، مما يسهّل على المؤسسة إختيار القوى العاملة وتدريبها ووضع نظام إلكتروني للإنضباط بدقّة وموضوعية لضمان سير العمل، إضافة إلى تطبيق نظام حوافز مرن وفعّال، يشتمل على الحوافز المعنوية والمادية لأنهما وجهان لعملة واحدة وتطبيق مفهوم الإدارة بالأهداف (Management by objectives)، وأخيراً تطبيق سياسة التدوير الوظيفي بين الموظفين وبين مديري الإدارات.
أيها الحضور الكريم،
إن إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب يوليان قطاع الموارد البشرية إهتماماً كبيراً من خلال تبني منظومة واعدة من برامج التدريب، عبر إستقطاب الكفاءات وتأهيلها مهنياً وإدارياً وفق أحدث الأساليب الإحترازية في قطاع الصناعة المصرفية وعلى مختلف المستويات. ووفقاً لمعايير دولية متّبعة في هذا المجال. وفي هذا الإطار يأتي منتدانا اليوم للبحث في مفاهيم جديدة والإنتقال من النظرة التقليدية إلى نظرة متطوّرة تركّز على الأهمية القصوى للموارد البشرية بإعتبارها الركيزة الأساسية لتقدم مؤسساتنا المصرفية، وتميّزها لتحقيق ندوات تنافسية تمكنها من تحقيق الربحية والنمو.
أشكر حضوركم كما أشكر جميع المتحدثين والمحاضرين وأتمنى لهذا المنتدى التوفيق والنجاح في تحقيق الأهداف المرجوة منه.
وفقكم الله،،،