كلمة الدكتور جوزف طربيه
رئيس جمعية مصارف لبنان
ورئيس الإتحاد الدولي للمصرفيّين العرب
في افتتاح
مؤتمر "المالية والخدمات المصرفية في العراق 2017".
Irak Finance 2017
فندق فينيسيا – انتركونتيننتال
بيروت 10-11 نيسان/ ابريل 2017
أصحاب المعالي والسعادة،
سعادة محافظ البنك المركزي العراقي، الأستاذ علي العلاّق،
زملائي المصرفيّين،
السيدات والسادة،
يطيب لي بدايةً أن أرحّب، باسمي وباسم جمعية مصارف لبنان بالوفد العراقي الكريم، وعلى رأسهم سعادة المحافظ الدكتور علي العلاق، وبالزملاء المصرفيّين العراقيّين واللبنانيّين والأجانب المشاركين في هذا المؤتمر الدولي الرابع حول المالية والمصارف في العراق. أرحّب بكم في بلدكم، وفي عاصمتكم بيروت المستعدّة دوماً لاستقبالكم ولاحتضان أعمالكم، ولعب دورها التقليدي كحاضرة رحبة للتلاقي والحوار وتبادل الآراء والخبرات في مختلف الشؤون والقضايا التي تهمّ الإنسان والمجتمع.
وأودّ أن أستهلّ كلمتي بتوجيه الثناء والتقدير لسعادة المحافظ الدكتور علي العلاق، ومن خلاله لأصحاب المعالي والسعادة من المسؤولين العراقيّين في الحكومة والمجلس النيابي، على الجهود التي يبذلها لإحداث نقلة نوعية في العمل المصرفي العراقي ودمجه بصورة آمنة وسليمة في ركب الصناعة المصرفية العالمية ومتطلبّاتها العصرية الراهنة. وإننا نعي تماماً مدى صعوبة الظروف التي يعمل فيها سعادته في ظلّ الأوضاع الدقيقة التي يعيشها العراق الشقيق ومحيطنا الإقليمي بمجمله.ونحن مدينون لسعادة المحافظ العلاق بالإمتنان على التعاون الإيجابي ، منذ تولّيه مسؤولياته، مع فروع المصارف اللبنانية العاملة في العراق وتفهمه لمتطلّبات عمل هذه الفروع.
إن العلاقات المصرفية بين لبنان والعراق قديمة بل تاريخية، وقد كانت مصارفنا من أوائل المصارف الخاصة التي عادت الى السوق العراقية بعدما أجازت السلطات العراقية المختصّة تمركز المؤسسات المصرفية غير العراقية في هذا البلد الشقيق، وذلك إدراكاً منا لما يختزنه العراق الحبيب من قدرات وموارد بشرية وطبيعية ، ولما تشكّله إعادة إعماره من تحديات جسام ، لا يمكن للمصرفيين اللبنانيّين أن يتوانوا عن واجب المساهمة في جبهها، من أجل مساعدة العراق على النهوض والإندفاع بقوة وزخم في مسيرة نمو وتطور واعدة ومأمولة. وإننا ما زلنا نراهن على طاقات هذا البلد الكامنة وعلى ما يتيحه من فرص واعدة.
إن عدد المصارف اللبنانية التي أنشأت فروعاً لها في العراق يصل الآن الى 10 مصارف، وإن حصتها من إجمالي ميزانيات المصارف غير العراقية تشكّل حوالى 59% حسب آخر الإحصاءات المتوافرة لنهاية العام 2015 في حين أن حصتها من إجمالي ودائع هذه المصارف تقارب 65%. وتتطلّع مصارفنا بأمل كبير الى المساهمة بفعالية في تنمية الإقتصاد العراقي، بمختلف قطاعاته، حرصاً على تحسين مستوى رفاهية المواطن العراقي وعلى تقدّم المجتمع العراقي واستعادة الدور المتميّز والطليعي لهذا البلد الشقيق والعزيز في محيطه العربي والإقليمي. وإننا على يقين من أن التعاون القائم بين المصرف المركزي اللبناني والمصرف المركزي العراقي سوف ينسحب على التعاون بين مصارفنا الخاصة اللبنانية والعراقية.
سعادة المحافظ،
لا يخفى عليكم أن تطوير السوق المصرفية العراقية يحتاج الى إجراءات وقرارات حكيمة من السلطات النقدية والرقابية تتيح إنجاز ورشة الإصلاح المصرفي التي تقودونها بأفضل الشروط من حيث الوقت والنتائج وإتمام عملية الإدماج المالي المنشودة والموصى بها دولياً، كما تضمن تمويل الإقتصاد الوطني العراقي بكلفة معقولة وبآليات عصرية، فعّالة ومجدية، وتسمح بتوفير شروط التنافس الصحي والسليم بين المصارف بمعزل عن التجاذبات المعيقة التي قد تنشأ عن ضيق السوق المصرفية الخاصة، كون حصة المصارف الأهلية لا تتعدّى العشرة في المئة من السوق المصرفية الإجمالية في العراق حيث تستأثر المصارف الحكومية بنسبة تفوق 90% من إجمالي ميزانيّات القطاع. ففي لبنان ، كما تعلمون، 66 مصرفاً عاملاً والتنافس بينها على أشدّه، بما فيه مع المصارف العربية والأجنبية المتواجدة عندنا، والتي تتساوى مع مصارفنا بالحقوق والواجبات، وهو تنافس إيجابي ومفيد يتمّ بروح من الإحترافية المهنية العالية ويسهم في تحسين جودة الخدمات والمنتجات المصرفية وفي تعزيز دور القطاع المصرفي في تلبية احتياجات العملاء، أفراداً ومؤسسات، وفي تنمية اقتصادنا الوطني على الوجه الأفضل.
واسمحوا لي أن أوضح مسالة أخرى هامة في هذا الإطار، تعود الى توزيع العمل بين الفروع والمراكز الأم. ففروعنا في لبنان والخارج، وفي العراق، ترتبط بمصارفنا الأم في لبنان بمعظم الوظائف التقنية والإدارية ، ولولا ذلك لأصبحت كلفة عمل الفروع غير قابلة للإحتمال. فإدارة المخاطر وإدارة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وأجهزة وأنظمة المعلوماتية الأساسية وإدارة الموارد البشرية، كلّها من المهام التي تقوم بها مراكزنا الرئيسية بإشراف السلطات النقدية والرقابية في لبنان. وتستفيد فروعنا في كل الدول التي نعمل فيها من خدمات المصرف الأم. أما عند الحاجة أو الضرورة، يمكن أن يحضر مدراء هذه الوحدات من لبنان للإجتماع بالسلطات النقدية والرقابية في البلدان التي تعمل فيها مصارفنا. وهنا يكمن الفارق بين فروعنا وبين المصارف الأهلية الخاصة التي هي في العراق مصارف رئيسية. فلبنان ،على سبيل المثال، لا يطلب من فروع المصارف الأجنبية عنده أن يكون لديها كلّ ما لدى مصارفها الأم.
ولا يسعني في هذا السياق إلاّ التوقف عند دور المصارف في لبنان حيث تشكّل العامود الفقري للاقتصاد. فقد وصلت الميزانية المجمّعة للمصارف العاملة في لبنان حتى نهاية شباط/فبراير 2017 الى ما يوازي 205 مليار دولار أميركي، أي ما يقارب 4 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ومصارفنا اللبنانية التي يفوق عدد فروعها المحلية الألف فرع ، متواجدة الآن في 32 بلداً، وتتعامل مع شبكة مراسلين مكوّنة من 183 مصرفاً في 64 بلداً و89 مدينة عبر العالم.
أيّها الأصدقاء المصرفيّون العراقيون،
فروع المصارف اللبنانية العاملة في العراق موجودة لخدمة الإقتصاد العراقي والشعب العراقي. أملنا أن تكون هذه المسلّمة في صدارة الاعتبارات التي تبنون عليها سياستكم النقدية والإجراءات العملانية في التعامل المصرفي الثنائي ، حرصاً على أمثلة تعاوننا وشراكتنا الأخوية.
أخيراً ، يبقى أن نأ مل مع كل المخلصين أن يتعافى العراق الشقيق سريعاً وأن يباشر عملية إعادة الإعمار الضخمة ، التي من شأنها أن تعيد لهذا البلد العربي العزيز رونقه وبهاءه وموقعه التاريخي في الحضارة العربية والإنسانية.
مجدداً أهلاً بكم، ولهذا الملتقى أطيب التمنّيات بالتوفيق... وشكراً لإصغائكم.
د. جوزف طربيه