كلمة الدكتور جوزيف طربيه
رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب
رئيس اللجنة التنفيذية في اتحاد المصارف العربية
في العشاء التكريمي الذي يقيمه
بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس مصرف لبنان
1 نيسان 2014
فندق فينيسيا – بيروت
أصحاب المعالي والسعادة،
سعادة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامه
زملائي المصرفيين
أيها الحضور الكريم،
نحتفل اليوم بذكرى مرور خمسين سنة على ولادة مصرف لبنان الذي باشر اعماله في أول نيسان ١٩٦٤.
تأسس مصرف لبنان في عهد رئيس الجمهورية، اللواء فؤاد شهاب، وقد شكل عهدُه علامة فارقة في تاريخ لبنان المعاصر يعود الجميعُ إليها عند الحديث عن إمكانية نجاح التجربة اللبنانية في بناء الدولة، وتحصين المجتمع وتفعيل الإدارات الحكومية، والترفع في تأدية المهام.
وقد حرص الرئيسُ شهاب على تسليح مصرف لبنان بقانون النقد والتسليف الذي أمـّن الإستقلالية الإدارية اللازمة والضرورية ليقوم المصرف بمهامه بعيداً عن المداخلة الحكومية والسياسية .
وقد تعاقب على حاكمية المصرف أفضلُ رجالات لبنان ممن كان لهم الدور الكبير في صنع الحياة الوطنية منذ الاستقلال، مما يستدعي إستذكارَ جليل أعمالهم، من فيليب تقلا، أحدِ أبرز الوجوه السياسية في عصره، إلى إلياس سركيس الذي وصل إلى رئاسة الجمهورية بفعل كفاءته واستقامته، إلى ادمون نعيم الذي قاد مصرف لبنان في احلك ظروف الحرب الأهلية وأصبح صاحب القرار المالي في البلاد بعد إنقسام الحكم بين حكومتين، إلى الشيخ ميشال بشارة الخوري، إبن باني إستقلال لبنان الحديث، وأبِ الميثاق الوطني.
وأخيراً وليس آخراً، رياض سلامة، الحاكم منذ أكثر من عشرين سنة لمصرف لبنان، صاحب الهندسات المالية المبتكرة التي حمت لبنان من السقوط المالي والنقدي والاقتصادي، في وقت هزت العالم كوارث مالية طالت ارتداداتُها بلدان عظمى واقتصادات كبرى. هو العين الساهرة على حفظ الاستقرار المالي والمحافظة على ثروة لبنان واللبنانيين، المقيمين وغير المقيمين، عن طريق المحافظة على الثقة الداخلية والخارجية بالقطاع المصرفي التي أوصلت الودائع الى ما يزيد عن ثلاثة أضعاف الناتج المحلي.
غني عن القول ان القطاع المصرفي اللبناني لم يعرف استقراراً تاماً بعيداً عن الاهتزازات، الا منذ تسلم رياض سلامة الحاكمية التي حصّنها بحكمته، ونجح خلال ثلاث ولايات متتالية في تكريس نموذج خاص للسلطة النقدية، يجمع بين خصوصيات لبنان واقتصاده وبين الالتزام الصارم بالمعايير والمواصفات الدولية والتحديث والتطوير المؤسساتي والبشري، وهذا ما استحق تكريمَه ومنحَه العديدَ من الجوائز محلياً واقليمياً ودولياً.
ومن الثابت ان القطاع المصرفي يستمد جزءاً من قوته وصلابته من الأنظمة التي وضعها مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، إضافة الى الحوار المفتوح والدائم مع جمعية المصارف في لبنان. فهذا التعاون الدائم بين السلطات والقطاع المصرفي أنتج قطاعاً مصرفياً متيناً يتمتع بهيكلية متوازنة، ويرتكز الى قاعدة موارد مالية متنوعة ومتينة، إضافة الى الموارد البشرية الكفوءة.
مصرفُ لبنانَ اليومَ مؤسسة وطنية كبرى، تمارس الدور الذي رسم لها بمسؤولية، وتشكل منارة للبنان ومرساةً لاستقراره المالي، وتالياً الامني والسياسي والاجتماعي، بفضل حاكم المصرف المركزي الذي فرض نفسَه كرقم صعب في معادلة هي الأخرى أشد صعوبة، فاستحق بجدارة التكريم المتكرر.
فهنيئاً لمصرف لبنان بعيده الخمسين، وشكراً لحاكمه لقيادته الناجحة لهذه المؤسسة، واني أدعو الاستاذ رياض سلامة لتسلم درع التكريم .