كلمــــة
الدكتــور جـوزف طربيــه
رئيــس الإتحـاد الدولي للمصرفييـن العــرب
رئيــس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
فــــي
حفل إفتتاح
«منتـدى الإعلام الإقتصادي»
29 أغسطس/آب 2013
بيروت ـ فندق الكورال بيتش
أيها الحضور الكريم،،
أرحّب بكم أجمل ترحيب، وأتقدم منكم جميعاً بالشكر والتقدير على حرصكم لمشاركتنا هذا المنتدى، خصوصاً في هذه الظروف التي يمر بها لبنان ومنطقتنا العربية، وأخص بالذكر المشاركين العرب الذين يمثلون 10 دول عربية وقد أتوا من مصر والسعودية والكويت وسلطنة عمان والعراق وتونس وليبيا والسودان والاردن ولبنان، والذين حرصوا على المشاركة رغم الظروف، تعبيراً عن الثقة التي يتمتع بها لبنان من قبل أشقائه العرب، وتقديراً لدوره المركزي في المنطقة رغم التحديات التي يواجهها، كما أتقدم بالشكر إلى الإعلاميين ومؤسساتهم، وإلى المصارف والمؤسسات الأخرى، وكل من ساهم في تحقيق ورعاية هذا اللقاء.
أيها الحضور الكريم،،
قد يكون إنعقاد هذا المنتدى حول الإعلام الإقتصادي، لافتاً للإنتباه في هذا الوقت بالذات، حيث العالم مشدود الى الأحداث السياسية والأمنية التي تشهدها منطقتنا والتي تشتد ضراوتها وتداعياتها بما يهدد أمان مجتمعاتنا ومستقبل أجيالنا. ولكن لا يمكن إغفال الإقتصاد وشجونه لأنه يشكل البنية الأساسية لحياة الشعوب وإستقرار المجتمعات والأنظمة السياسية. وقد صدق من قال أن من يخسر في الإقتصاد يخسر في السياسة.
لذلك إن هذا المنتدى وهو يأتي في إطار ما نشهده حالياً من حركة إعلامية وإقتصادية متطورة ومتسارعة، ليشكل إحدى قنوات التكامل البنـّاء بين الإعلام والإقتصاد، والذي يتناغم مع ما توليه القيادة الحكيمة للإعلام ودوره ورسالته في خدمة الإقتصادات الوطنية والتنمية بمفهومها الواسع والشامل.
إن إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ينظران بإهتمام بالغ إلى أهمية الشراكة بين الإقتصاد والإعلام. ولذلك كان الإصرار على مواصلة إنعقاد منتدى الإعلام الإقتصادي في دورته الثانية بعد دبي عام 2010، والمساهمة الفاعلة في تطوير العمل الإعلامي الإقتصادي وتوسيع دائرة المشاركة في عملية صنع القرار الإقتصادي وتشجيع ودعم الشفافية، وتقبـّل النقد الموضوعي المبني على حماية المصلحة العامة، والمرتكز على أسس معلوماتية صحيحة تثري تبادل الأفكار والآراء والمعالجات الواقعية للقضايا التنموية، وبث الشعور بالمسؤولية الوطنية والإجتماعية.
أيها الحضور الكريم،،
لقد تعزّز دور وسائل الإعلام عندما توسعت المطبوعات الصحافية في تغطية كل ما له علاقة بالشأن الإقتصادي وأولته إهتماماً خاصاً، وأسهم دخول القنوات التلفزيونية على الخط في دعم هذا الدور.
فالإعلام الإقتصادي منبر متعدد الأبعاد، فهو يخاطب الرأي العام بهدف تعزيز دوره الإيجابي في عملية الإصلاح الإقتصادي ودوره الفاعل في تعزيز المفاهيم التنموية لا سيّما تلك التي لها مساس مباشر بحياة الناس ومصالحهم ومستقبل أجيالهم، وذلك من خلال تنويع أساليب العرض وتجاوز مجرد نقل الخبر إلى التحليل والإستقراء وتوسيع دائرة المشاركة في عملية صنع القرار الإقتصادي خصوصاً بعد تنامي المشهد الإعلامي المتمثل في الفضائيات والأنترنت والمواقع الإلكترونية والصحف الإلكترونية والمدونات الشخصية وشبكات التواصل الإجتماعي، إضافة إلى الأجيال الأحدث للهواتف الخليوية الذكية، وهي الوسائل التي أدت إلى وعي إجتماعي جديد ووعي إقتصادي مختلف عن الوسائل التقليدية.
وإن الدور الذي تنهض به وسائل الإعلام الحديثة فاعل وقوي لدعم حركة المجتمع وخطط التنمية، وننظر إليه كشريك أساسي في النهوض بالمجتمع، وهو الضمير المستتر الذي يرشد ويوعيّ وينتقد ويراقب، لكن علينا أن نعترف جميعاً أن هناك نقصاً كبيراً من الكوادر في الإعلام الإقتصادي سواء من حيث العدد والنوعية، كما أن البرامج تعاني من حيث الجودة والنوعية نتيجة لعدم إلمام معظم المقدمين للبرامج الإقتصادية بأبسط المفاهيم الإقتصادية. وفي هذا المجال يمكن تعزيز تلك الجوانب من خلال التأهيل والتدريب المستمر لهم في مختلف القضايا التي تهم الوطن والمواطن، فالجهود الحالية لا ترتقي إلى ما نصبو إليه، ولكن بتعاون المؤسسات الحكومية والإقتصادية والإعلامية يمكن أن نزيد من المعلومات التي تهم المواطن، لأن هناك الكثير من القضايا الأساسية لم يستطع الإعلام الإقتصادي تغطيتها بصورة دقيقة، ففي ظل الأزمة المالية العالمية، وما تلاها من أزمات، لا يزال العالم يعاني من آثارها، وجد الإعلام الإقتصادي نفسه في مواجهة تحديات عدة فرضتها تداعيات الوضع الإقتصادي الدولي بآثاره المختلفة، تحديات رفعت من حساسية موقف ناقل الخبر ومتلقيه، حيث عملية البحث عن الحقيقة وتتبع المصادر الصحيحة والصريحة للأخبار الإقتصادية لم تعد بالمهمة السهلة في زمن الأزمة. فالإعلام الإقتصادي سلاح ذو حدين، حد يكشف الحقائق ليعالج المشكلات القائمة، وحد يساعد على التضليل ليعمق المشكلات. لذلك فإن أبرز مشكلات الصحافة الإقتصادية المتخصصة هو غياب الصحافي والإعلامي المتخصص في الشأن الإقتصادي، في الوقت الذي نرى أن منطقتنا العربية بما تمر به من ظروف إستثنائية وأحداث سياسية وإقتصادية وإجتماعية تؤشر إلى مرحلة ضبابية، تحتاج اليوم أكثر من أي يوم مضى إلى دور فاعل للإعلام الإقتصادي لإستشراف نتائجها وإنعكاساتها على مستقبل إقتصاداتنا العربية، والإسهام في إيجاد آلية إعلامية لمواجهة التحديات القادمة، تعمل على نشر المزيد من الفهم بين العاملين في هذا المجال، وإعداد المزيد من البرامج الإقتصادية والحوارات في الوسائل الإعلامية والتوعية في مختلف الأمور التي تهم الشأن المحلي والإقليمي والدولي، بإعتبار أن الإعلام الإقتصادي يعتبر اليوم واحداً من أهم فروع الإعلام، ومن خلاله يمكن نقل وتحليل وتفسير التغيرات الإقتصادية التي تحدث في المجتمع سواء تلك التي تتعلق بالأفراد أو المؤسسات أو القضايا المتصلة بالإقتصاد، وإستخدام أساليب البحث والتحليل، وتحديد الأهداف في ظل السياسات والإستراتيجيات الإقتصادية السائدة أو المتوقعة ومكافحة الفساد وتحديد الإخفاقات والنجاحات.
وفي المقابل، لا بد من الإشارة إلى ضرورة أن تحرص المؤسسات الإقتصادية على التواصل الدائم مع المؤسسات الإعلامية من أجل تعزيز صورتها وبما يمكنها من التقدم بشكل مستمر في تحقيق أهدافها ورؤيتها نحو تعزيز وتسريع خطى التكامل الإقتصادي والعمل على توفير البيئة المناسبة لتطوير آداء القطاع الخاص وتعزيز قدراته التنافسية ليكون قاطرة التنمية الإقتصادية في منطقتنا العربية والأداة الدافعة نحو تكاملها ووحدتها.
وفي هذا الإطار، وتأكيداً للدور الفاعل لإتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، لا بدّ من عقد هذه اللقاءات لتكون منبراً للتفاكر والتشاور بين أهل الإعلام وأهل الإقتصاد لوضع المبادرات الرامية إلى تنسيق الجهود ووضع تصوّر لخطاب إعلامي يمكـننا من التقدم بشكل مستمر في تحقيق أهدافنا ورؤيتنا.
أيها الحضور الكريم،،،
إن هذا المنتدى يسعى إلى ترسيخ رؤية جديدة للإعلام الإقتصادي، ترتفع إلى مستوى وحجم التحديات الإقتصادية المرتقبة في منطقتنا العربية.
وإن إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، يسعيان من خلال هذه اللقاءات إلى تفعيل ثقافة التعاون الإعلامي والإقتصادي لدى كافة المؤسسات الإعلامية والقطاعات الإقتصادية وتكريس كل الجهود لرصد التحديات التي ستواجه إقتصاداتنا العربية وأجيالنا القادمة آملين تعاونكم في طرح أفكاركم وتجاربكم لتحقيق الأهداف المرجوة لهذا المنتدى.
وشكراً لإصغائكم.