كلمــــة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
في
حفل إفتتاح منتدى
المستجدات في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وإدارة المخاطر المتعلقة بها
6 نوفمبر/تشرين الثاني 2013
كورال بيتش ـ بيروت
أيها الحفل الكريم،
لا تزال الجريمة المنظمة بمختلف أشكالها وأنواعها ، وبما فيها الجريمة العابرة للحدود، تشكل هاجساً مقلقاً للسلطات المعنية في كافة دول العالم، وتعتبر جرائم تبييض أو غسل الأموال وتمويل الإرهاب أخطر أنواع الجريمة المنظمة نظراً لكونها تمس أمن المواطن والدولة على حدّ سواء وتشكل آفة إجتماعية تعرض سلامة المجتمع للخطر.
من هنا إنبرت كافة دول العالم إلى التصديّ لهذه الآفة الخطرة، فعمدت إلى تفعيل التعاون والتنسيق فيما بين أجهزتها الأمنية والقضائية المختصة، وتوصلت هذه الأجهزة بعد جولات طويلة من المباحثات إلى وضع التشريعات المناسبة لكبح جماح هذه الظاهرة والحد منها ومن تداعياتها لا بل والقضاء عليها. كما تم تشكيل التجمعات المهنية الدولية لهذا الغرض ولعل أبرزها كان مجموعة العمل المالي ( FATF) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF).
وكلنا يعرف أن لبنان ساهم في تأسيس هذه المجموعة الأخيرة في العام 2004 وبادرت السلطات المعنية إلى إصدار التشريعات التطبيقية في مجال مكافحة هذه الجرائم، فأنشأت هيئة التحقيق الخاصة التي أنيطت رئاستها بشخص حاكم مصرف لبنان الذي يتمتع بهذا الخصوص بإستقلالية تامة عن مختلف السلطات، وقد إنسحبت هذه الإستقلالية على عمل الهيئة التي إكتسبت مصداقية على الصعيدين الداخلي والخارجي إنعكست إيجاباً على القطاع المالي في لبنان.
وبالرغم من كل ما إتخذ من إجراءات إحترازية وما يصدر من تعاميم تنظيمية تساعد وتوجه المصارف في أداء مهامها التي تصب في خدمة القطاع المصرفي وبالتالي المجتمع والدولة، تسعى العصابات التي تعمل في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب إلى إستخدام آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة من تقنيات متطورة في وسائل الدفع والخدمات المصرفية، في إبتكار أساليب قد لا تخطر على بال لتنفيذ جرائمها. ومن الطبيعي أن تستخدم القنوات المصرفية في تمرير عملياتها تلك.
من هنا كان لا بد للسلطات الرقابية، وبالتعاون مع المصارف والمؤسسات المالية، من القيام بعملية تعديل جذرية لتقنيات الرصد المتبعة حتى تتمكن من إقتفاء آثار هذه العمليات والعمل على مكافحتها. كما وأن المصارف والمؤسسات المالية لم تكتف بهذا القدر من الإجراءات بل لجأت إلى إبتكار الإجراءات الإحترازية الهادفة إلى الحد من المخاطر الناجمة عن جرائم تبييض أو غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما يجنبها عواقب خطيرة، ذلك لأن التطور النوعي والكمي السريع والهائل في الأساليب المستخدمة في هذه الجرائم يفرض ضرورة خلق معايير جديدة، وإبتكار أساليب متطورة لمكافحتها، وإيجاد أطر أكثر فعالية للتعاون فيما بين كافة الجهات المعنية، والعمل على إدارة المخاطر الناجمة عنها بما يجنبها هذه العواقب، ولعل من أهم ما إتخذته وتتخذه الكثير من الدول ومنها لبنان من إجراءات وما تصدره من تشريعات وتعاميم في هذا المجال هو التعميم 128 الصادر عن مصرف لبنان والذي يفرض تأسيس وحدة إمتثال أو إلتزام في كل مصرف يتبع لها المسؤول القانوني ومسؤول الإمتثال. هذا فضلاً عن التنسيق الفعـّال فيما بين هيئة التحقيق الخاصة والسلطة القضائية وقوى الأمن الداخلي في مكافحة هذا النوع من الجرائم.
وإنطلاقاً من دور الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب وإتحاد المصارف العربية الرائدين في نشر الثقافة المصرفية المتطورة في أوساط المصرفيين العرب من خلال تنظيم مختلف أنواع النشاطات التثقيفية والتدريبية في كافة أرجاء وطننا العربي، وترسيخاً للنهج الذي دأب على إتباعه منذ تأسيسه بتنفيذ هذه النشطات بالتعاون وبرعاية السلطات الرقابية في كافة الدول العربية، يعقد اليوم هذا المنتدى، وعلى مدى أيام ثلاثة، بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة والسلطة القضائية، والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في لبنان، بهدف تسليط الضوء على آخر المستجدات في مجال مكافحة هذه الجريمة المنظمة، وآخر المبتكرات سواء في أساليب الجريمة أم في أساليب مكافحتها، مستعيناً بنخبة مميّزة وشريحة واسعة من الخبراء من كافة السلطات الرقابية، ومن القطاع المصرفي اللبناني والعربي.
لعلنا في ذلك نكون قد ساهمنا في نشر المعرفة بين العاملين في المصارف والمؤسسات المالية وفتحنا أبواب التفاعيل ما بين أهل المهنة المصرفية والمالية العربية وبين أهل السلطة القضائية والرقابية والأمنية من خلال هذا الحشد والتجمع المهني.
وفي الختام إسمحوا لي أن أتوجه بالنيابة عن الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب وإتحاد المصارف العربية بالشكر الجزيل إلى كل من ساهم في إنجاح هذا الحدث العلمي والمهني المهم والمميّز، وأخصّ بالشكر والتقدير سعادة حاكم مصرف لبنان رئيس هيئة التحقيق الخاصة الأستاذ رياض سلامه ممثلاً بسيادة الأستاذ عبد الحفيظ منصور أمين سر الهيئة على تعاونه مع الإتحاد في عقد هذا المنتدى، كما يسرني أن أشكر ايضاً الأخ الدكتور أمين عواد، عضو لجنة الرقابة على المصارف وعضو الهيئة المصرفية العليا في لبنان الذي شرفنا بمشاركته في هذا الحفل، والشكر موصول إلى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ممثلة بسيادة العقيد زياد الجزار رئيس قسم المباحث الجنائية الخاصة في قوى الأمن الداخلي وإلى كافة السادة الخبراء والمحاضرين الذين سوف يزودونا بعصارة خبرتهم وعلمهم وتجربتهم لكي ننهل منها ونضعها في خدمة مجتمعاتنا ومؤسساتنا.
وشكرا" لإصغائكم،،،