كلمــــة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
فــــي
الملتقى السنوي للموارد البشرية في المصارف العربية
بيروت – لبنان
27 و28 أغسطس/آب 2015
سعادة الأستاذ رائد شرف الدين، النائب الأول لحاكم مصرف لبنان
أيها الحضور الكريم،
يسعدني أن أرحب بكم جميعا" في هذا اللقاء الذي أصبح تقليدا" سنويا" يعقده إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، تحت عنوان "الملتقى السنوي للموارد البشرية في المصارف العربية" في دورته الرابعة، برعاية مشكورة من سعادة النائب الأول لحاكم مصرف لبنان الأستاذ رائد شرف الدين.
تنبع أهمية هذا الملتقى من الدور الإستراتيجي والحيوي الذي تلعبه إدارة الموارد البشرية في المؤسسة، أية مؤسسة، وعلى الخصوص في المصارف، فالمفهوم الحديث لإدارة الموارد البشرية أخذ أهميته من التحول الذي طرأ على الدور مع تطور عمل المصارف وتشعب وظائفها، إضافة إلى الشمول المالي الذي بات يشكل السمة الأساسية والعامة للصناعة المصرفية في العالم المتقدم. وبات العنصر البشري يشكل الركيزة الأساسية لنجاح المؤسسة المصرفية.
ومن المعروف أن الرواتب والأجور وملحقاتها تشكل أكثر من 85% من النفقات العامة في المصارف والمؤسسات المالية، فلنا أن نتخيل المردود الذي يفترض أن يعود على المساهمين أو المالكين مقابل ما يتم إنفاقه على العنصر البشري في البنك، أو بكلمة أخرى يفترض أن تعمل الإدارة العليا في المصرف على حسن تثمير العنصر البشري مقابل الكلفة العليا لهذا العنصر المتمثلة بالأجور والرواتب والتعويضات والتقديمات الإجتماعية وملحقاتها.
ولكي يتحقق هذا الهدف، لا بد من أن تعمل الإدارة العليا على توفير كافة أسباب النجاح لإدارة الموارد البشرية، وتأمين الوسائل التي تتيح لها إنجاز مهامها وفق أعلى معايير العلوم الإدارية الحديثة، ولعل الأساس في الإلتزام بتلك المعايير هو فهم طبيعة السلوك الإنساني في المؤسسة وفهم طبيعة العنصر البشري ومعرفة العوامل المحددة والمحركة لسلوكه. ولا شك أن برامج دراسة العمل وتقييمه وبرامج إختبار الموظفين (التعيين)، وبرامج التدريب وبرامج الرواتب والأجور، والبرامج المتعلقة بخطط الإحلال والإبدال والتهيئة لإدارات الفروع والمراكز القيادية والإشرافية في المصرف، وغيرها من برامج دورات الموارد البشرية لا يمكن أن يكتب لها النجاح ما لم تكن مبنية على معرفة معمقة بطبيعة السلوك الإنساني وطبيعة العوامل المحددة له.
من هنا برزت وتعاظمت أهمية الشراكة الإستراتيجية ما بين الإدارة العليا وإدارة الموارد البشرية في المصرف، غير أن هذه الأهمية لا يمكن أن تأخذ أبعادها وتعزز مرجعيتها ما لم تتشكل لدى طرفي المعادلة القناعة الكافية بها، وبالتالي العمل وفقاً للأصول المبنية عليها. ويتطلب ذلك تعزيز ثقافة الشراكة الإستراتيجية من خلال الإقتناع بأهميتها والسعي الى تطويرها، وصولاً الى تحقيق أهداف المصرف المتمثلة بتعزيز ربحيته وتأمين سلامته ضمن مستويات مقبولة من المخاطر، مع الأخذ في الإعتبار الإلتزام بالمتطلبات الرقابية الصادرة عن السلطات الدولية والمحلية.
أيها الحضور الكريم،
مما لا شك فيه أن السلوك الإنساني يؤثر على أداء العنصر البشري الذي يرتبط مباشرة بالمخاطر التشغيلية (operation risk)، الأمر الذي يؤثر بدوره على خطط الإبدال والإحلال في المصرف (succession plans)، ومن المعروف أن هناك مجموعة من الإعتبارات والضوابط التي يجب أن يوليها القائمون عنايتهم بتصميم مقياس الأداء، فعليها تتوقف فاعلية ودقة المعلومات التي تعطيها المقاييس المستخدمة.
وفي المحصلة، إن المعيار النهائي لفاعلية الأداء يتمثل في قيمة مساهمة الموظف في إنجاح المؤسسة وتحقيق أهدافها.
أيها السيدات والسادة،
إن أحد أهم أسباب نجاح المصرف هو مدى إرتباط الموظف بمؤسسته وولائه لها وهو بدون أدنى شك المفتاح الذي يؤدي الى طريق النجاح، ولكن المحرك الأساسي لتعزيز ولاء الموظف لمؤسسته وإرتباطه وإنتمائه إليها هو ذلك الرابط ما بين أداء الموظف وتقييم الإدارة لهذا الأداء ومكافأته أو محاسبته، غير أن ذلك لا يتأتى ولا يتحقق إلا من خلال وضع سياسات سليمة وموضوعية لإدارة تقييم الأداء Performance management وقياس الجودة Total quality management.
من هنا تجد إدارة الموارد البشرية نفسها في قلب الحدث (In the trenches) فعليها أن تمارس دورها الذي ترسمه لنفسها من جهة، والذي ترسمه لها الإدارة العليا في البنك من الجهة المقابلة. وهنا تنشأ إشكالية العلاقة الجدلية بين المنظورتين المتقابلتين لهذا الدور، منظور الإدارة العليا ومنظور إدارة الموارد البشرية.
لذلك يجب على طرفي الإنتاج (الإدارة العليا للبنك وإدارة الموارد البشرية) الجلوس على طاولة الحوار وطرح هذه الإشكالية وفق المفهوم العصري للشراكة الإستراتيجية للوصول الى رسم خارطة طريق مشتركة يكون أساسها الفهم والإقتناع المشترك بالدور الجديد للموارد البشرية وأهميته في تحقيق أهداف المؤسسة.
أيّها الحضور،،،
أجدّد شكري وتقديري للأستاذ رائد شرف الدين كما أشكر حضوركم ومشاركتكم في فعاليات هذا الملتقى الذي نتمنى أن تتحقّق الأهداف المرجوة منه.
شكراً لإصغائكم