كلمــــة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
فــــي
حفل إفتتاح
"الملتقى السنوي لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
في المصارف والمؤسسات المالية العربية"
بيروت – فندق كورال بيتش
27-28 أكتوبر 2016
حضرة الأستاذ عبد الحفيظ منصور، أمين عام هيئة التحقيق الخاصة،
حضرة المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس الأمناء وحدة مكافحة غسل الاموال وتمويل الإرهاب – جمهورية مصر العربية،
السادة رؤساء ومدراء المصارف اللبنانية والوفود العربية المشاركة،
ضيوفنا الأعزاء،
المتحدثون الأفاضل،
أيها الحضور الكريم،
يسعدني بداية أن أرحب بكم جميعا" في هذا الملتقى السنوي الهام لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأتقدم منكم بالشكر والتقدير على مشاركتكم التي تعزّز فعاليات هذا اللقاء من خلال هذه النخبة المميزة من الخبراء من هيئة التحقيق الخاصة في لبنان، ومن السلطات القضائية والأمنية اللبنانية والعربية، والشكر موصول أيضا" إلى الحضور الكريم وإلى ضيوفنا الأعزاء وللإخوة المشاركين من لبنان، وليبيا، والكويت، ومصر، وسوريا، والأردن، والسودان، وإلى الزملاء الكرام من القطاع المصرفي العربي واللبناني، فأهلا" وسهلا" بكم في بلدكم الثاني لبنان.
أيها الحضور الكريم،،،
الإرهاب ظاهرة دولية معقدة وجريمة خطيرة تعاني منها الشعوب والحكومات، وأصبح سلاحا" تستخدمه الدول والجماعات والأفراد لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب الأمن والسلام الجماعي والفردي، وعلى حساب سيادة الدول وإستقرارها، على أن الجماعات الإرهابية أو المتطرفة لا تستطيع القيام بعملياتها الإرهابية دون توافر التمويل الكافي الذي يمكنها من ذلك، والذي يعينها على الوفاء بإلتزاماتها، وفي ذات الوقت لتنفيذ عملياتها الإرهابية وتحقيق أهدافها الإيديولوجية، ومن بينها تكاليف نشر الفكر والأهداف الإرهابية والتخطيط والتنظيم والدعاية والترغيب في تجنيد الأتباع، وشراء الأسلحة والتدريب والتموين وغيرها....
فالمال هو بمثابة الشريان المغذي لهذه الجماعات، وتعد عمليات تمويل هذه الجماعات بمثابة منظومة من الإجراءات التي يتم من خلالها تحويل أموال من مصادر ليست بالضرورة غير مشروعة للقيام بنشاطات إرهابية لها آثار سياسية وإقتصادية وإجتماعية وأمنية، وبذلك تختلف عن عمليات غسل الأموال المتأتية عن اعمال غير مشروعة وإضفاء الصبغة الشرعية عليها، والتي تكون غالبا" مصدرا" للتمويل المالي للإرهاب.
أيها الحضور الكريم،،،
أن طبيعة التمويل المالي لهذه الجماعات تحدده عدّة مؤشرات وعمليات أكدت عليها التوصيات الدولية، والتشريعات العربية، والتي إعتبرت جريمة تمويل الإرهاب من جرائم غسل الأموال، واسمحوا لي أن أعدّد بعضا" منها على سبيل المثال:
- وجود عمليات في الحساب المصرفي ليس لها صلة بطبيعة نشاط صاحب الحساب، مثل الإيداعات النقدية وشراء الشيكات والتمويل.
- الغموض في المعلومات التي يقدمها العميل من حيث العمليات المالية، أو الأطراف ذوو العلاقة بالحساب وهوية العميل، ومهنته وبلد الإقامة.
- السحب من قبل أشخاص لا تربطهم علاقة بصاحب الحساب.
- عدم توافق حجم المبالغ المودعة أو المحولة أو المسحوبة مع طبيعة النشاط والدخل.
- شراء معادن أو شيكات مصرفية بكميات كبيرة دون الإهتمام بالأسعار.
- الإيداع في الحساب من خلال عدة فروع للبنك، أو من قبل عدة أشخاص في نفس الفرع ....... إلخ.
الأمثلة كثيرة، وتتعدد الدروب التي تدخل في إطار تمويل الارهاب وغسل الاموال وفي عدادها إستخدام حساب أو حسابات لجمعيات أو مؤسسات خيرية لتجميع الأموال، ثم تحويلها إلى مستفدين في الخارج.
أيها الحضور الكريم،،،
أن تمويل الإرهاب يختلف عن غسل الأموال من حيث الهدف، كون الجماعات التي تقوم بغسل الاموال تسعى إلى المكسب المالي في المقام الأول، بينما الجماعات المتطرفة تسعى لتحقيق أهداف غير مالية، مثل تجنيد الإرهابيين وتمويل العمليات الإرهابية والدعاية لأفكارهم وعقائدهم لكن، بالطبع هناك علاقة وثيقة بين الحالتين حيث تتشابه الأساليب المستخدمة، فالأموال التي تستخدمها الجماعات المتطرفة يمكن أن يكون مصدرها مشروعا" أو غير مشروع أو كليهما، مع محاولة إخفاء مصدر التمويل بضمان إستمرار المزيد من التمويل لدعم الأنشطة الإرهابية، وما يؤكد العلاقة بين تمويل الجماعات المتطرفة وغسل الأموال هو إخضاع مواجهتها لقواعد قانونية خاصة وموحدة.
أيها الحضور الكريم،،،
في إطار برامج التوعية التي يعمل عليها إتحاد المصارف العربية منذ أكثر من خمس سنوات لمحاربة تمويل الإرهاب، وغسل الأموال، عقد الكثير من المؤتمرات والمنتديات وبرامج التدريب على القوانين والأنظمة الدولية، إضافة إلى مواضيع تتعلق بالإمتثال لمكافحة هذه الآفة الخطيرة حيث طور الإتحاد علاقات قوية، وسبل تعاون مع حكومات وهيئات قانونية ووكالات قانونية، ومن بينها وزارة الخزانة الأميركية وصندوق النقد والبنك الدوليين إضافة إلى المؤسسات المعنية في متابعة هذا الخطر الداهم مثل الــFATF، وغيرها، سعيا" لتفعيل وتحديث الإتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله، و بخاصة مصادر التمويل المرتبطة بالجريمة المنظمة بأشكالها كجرائم غسل الأموال وتهريب الأسلحة وإستخدام شبكة الإنترنت، وتجميد الأصول التابعة للإرهابيين وتعزيز الإجراءات الأمنية والقضائية.
كما نسعى لتعاون دولي فاعل في مجال كشف ومكافحة وضبط حالات تمويل الإرهاب والجماعات المتطرفة لأن هذه الجرائم أصبحت ذات صبغة دولية عابرة للمجتمعات والدول.
وفي هذا المجال أنشأنا منصة للحوار بين البنوك العربية، والبنوك الأميركية والأوروبية، حيث عقدنا مؤتمرا" في مجلس الإحتياطي الفدرالي في نيويورك، وعقدنا مؤتمرا" آخر في مقرّ منظمة التعاون والتنمية في باريس الــ OECD الشهر الماضي سعيا" لتطوير تحالفات إستراتيجية في إطار مكافحة تمويل الإرهاب، بإعتبار أننا نؤمن بالعلاقة المباشرة بين الوكالات الحكومية المحلية، والأجهزة الأمنية، والأجهزة القضائية والبنوك. وعلى هذا النحو، طوّر الإتحاد علاقات وثيقة مع القطاع العام لتعزيز مشاركته في جميع الفعاليات ذات الصلة.
وفي إطار مبادراتنا لمكافحة تجنيد الإرهابيين، عقد إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفين العرب العديد من الفعاليات التي تهدف إلى تعزيز وزيادة التمويل متناهي الصغر، وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقييم المخاطر المرتبطة بها... وتوجّه إلى البنوك المركزية لزيادة إهتمامها في تقديم المنتجات والخدمات الآمنة التي تسرّع في خلق الوظائف؛ مع العلم أن مكافحة الإرهاب والفكر الإرهابي تتطلب جهوداً أبعد من السياسات والضوابط الصارمة، وإتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب سوف يعملان على تعزيز التنمية البشرية والاجتماعية في الدول العربية، لتشمل مكافحة الفساد، والفقر، والبطالة، والأمية، بما يساهم في توجيه أنظمة الائتمان الخاصة بهذه الدول لدعم الاقتصاد الحقيقي، وخاصة الشركات المبتدئة والمشروعات الصغيرة.
من جهة ثانية، فإننا نعمل على إجراء المزيد من الدراسات والبحوث للتعرف على حجم وإتجاه جريمة التمويل وأسبابها، بما يساعد على مزيد من الفهم الدقيق لهذا النوع من الإجرام، ووضع الأسس اللازمة للوقاية والعلاج.
أيها الحضور الكريم،،،
إن هذا الملتقى الهام الذي يضم نخبة من الباحثين والمفكرين ورؤساء وحدات الإمتثال، يأتي في إطار هذه المساعي التي يقوم بها الإتحاد، آملين من إجتماعنا هذا أن نضيف ما يعزز آداء قطاعنا المصرفي العربي بشكل عام واللبناني بشكل خاص والإرتقاء به إلى مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال.
إننا نتطلع من خلال هذا اللقاء إلى خبراتكم، وتعمقكم في هذه الظاهرة الدولية المعقدة والخطيرة للخروج بأفكار وتوصيات تحقق الأهداف المرجوة منه.
وفقكم الله؛
وشـكراً لإصغائكـم،،،