كلمــــة
الدكتــور جـوزف طربيــه
رئيــس الإتحـاد الدولي للمصرفييـن العــرب
رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية
في
حفل إفتتاح
الملتقى العربي الدولي للصيرفة بالتجزئة وتمويل المشروعات الصغرى
والمتوسطة في دورته الثالثة
1 - 2 مارس/آذار 2018
فندق Lancaster - بيروت
معالي الأستاذ رائد خوري، وزير الإقتصاد والتجارة / راعي هذا المنتدى
السادة القيادات المصرفية العربية
أيها الحضور الكرام،
يسرّني اليوم أن أفتتح فعاليات الملتقى السنوي لرؤساء إدارات الصيرفة بالتجزئة في المصارف العربية في دورته الثالثة، وأتقدّم بجزيل الشكر والتقدير إلى معالي الأستاذ رائد خوري وزير الإقتصاد والتجارة في لبنان، لرعايته الكريمة لهذا اللقاء.
كما أشكر هذه النخبة المميّزة من رؤساء إدارات الصيرفة بالتجزئة في معظم دولنا العربية، وأود أن أعرب عن شكري وتقديري لكم جميعاً على إهتماكم وحرصكم على المشاركة في هذا الملتقى الهام، والذي يُشكّل دليلاً واضحاً على الأهمية التي نوليها جميعاً لهذا الموضوع نظراً للتطوّر الهائل الذي شهده قطاع الصيرفة بالتجزئة خلال السنوات الأخيرة، ونظراً لتنوّع القروض وتعدّد غاياتها وأهدافها.
أيها الحضور الكرام،
يسعى إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، إلى تعزيز وتطوير الصناعة المصرفية العربية، وتزويد العاملين في هذا القطاع بكل جديد، ضمن إستراتيجية تهدف إلى مواكبة التطوّرات العالمية، ودعم قدرات الموارد البشرية وتحديثها، وصولاً إلى قطاع مصرفي متين وقوّي قادر على تحمّل الضغوط التي من شأنها أن تهدّد سلامة القطاع، ومن بين المواضيع التي تسترعي إهتمامنا والتي سنُركّز عليها في برنامجنا للعام 2018، موضوع الصيرفة بالتجزئة الذي يُشكّل جانباً مهماً من الصناعة المصرفية وأحد أعمدتها كونها ترتكز في الأساس على القروض الفردية التي تؤمن الحاجات اليومية لشرائح واسعة من المجتمع، إضافة إلى القروض الإسكانية وغيرها من الخدمات التي تعتبر المحرّك الأساسي لحركة الإقتصاد والتنمية.
وإنطلاقاً من الدور الفاعل لإتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب في سعيهما الدائم لتعزيز جهود التنمية المستدامة والإزدهار بين المجتمعات، يأتي هذا الملتقى اليوم ليبحث في محاور مهمّة تُسلّط الضوء على أحدث التقنيات الإلكترونية الرقمية التي تستخدمها المصارف في تسويق المنتجات المصرفية الحديثة، إضافة إلى تبادل الخبرات لوصول إلى تأمين أفضل الخدمات بأقل كلفة ممكنة وأسرع وسيلة، وأعلى درجات البساطة والأمان والسلامة، بإعتبار أنّ الفرص الإقتصادية ترتبط بقوّة بإمكانية الوصول إلى الخدمات المالية، حيث يؤدّي هذا الوصول إلى آفاق بناء المدخرات، والحصول على الإئتمان والإستثمار، وبالتالي توفير فرص العمل، وزيادة مستويات المعيشة. وكما تعلمون فإنّ منطقتنا العربية تحتاج اليوم أكثر من أي يوم مضى، إلى أن تنمو بشكل أسرع مما كانت عليه وإن زيادة فرص الحصول على التمويل يمكن أن تساعد في سدّ فجوة النموّ.
أيها الحضور الكرام،
ان موضوع ملتقانا اليوم يعتبر من أهم المواضيع التي تحظى بإهتمام المسؤولين في الصناعة المصرفية ليس على المستوى العربي فحسب إنما أيضاً على مستوى العالم، ذلك لأن الصيرفة بالتجزئة تهدف إلى الوصول إلى اكبر شريحة من الزبائن وخاصة أولئك الذين لاتتوفر لديهم الإمكانات المالية التي تتيح لهم تحقيق ما يرغبون فيه من مشاريع أو أفكار، مما يجعلهم أمام خيارين، إما أن يتوقفوا عن تحقيق احلامهم، وقد يعمدوا إلى تعديل خطط تنفيذها إلى حين توفر الفرصة التي تسمح لهم بذلك، أو قد يلجأوا إلى المصادر التي تمكنهم من إنجازها، ولكن طبعاً وغالباً وفق الشروط التي تفرضها هذه المصادر.
من هنا يبرز دور المصارف التي تتوافر لديها الودائع الجاهزة لتلبية طلبات الزبائن والمستثمرين، وهذا هو بالطبع دورها الاساسي، فهي تسعى إلى البحث عن الزبائن من مختلف شرائح وفئات المجتمع، وتقوم بعمليات الإقراض وفقاً لاستراتيجية تهدف إلى التوليف ما بين تحقيق أعلى درجات الربحية مع أدنى درجات المخاطرة.
و تحتل عمليات الصيرفة بالتجزئة حيزاً هاماً من نشاطات البنك التسليفية، وتشكل رقماً بارزاً من محفظته الإئتمانية . وتشير الإحصاءات المصرفية إلى أن القروض الفردية إستحوذت على حصة الأسد في القطاع المالي، حيث تتركز تلك القروض على الإستهلاك الفردي والإسكان بدلاً من البنية التحتية ومشاريع الاستثمارت الكبيرة. حيث تشير إحصاءات بعض الدول العربية في هذا المجال:
ففي لبنان: بلغت التسليفات المقدمة للأفراد 18.8 مليار دولار بنهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وهو ما يُشكّل 32% من إجمالي التسليفات المقدمة للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم.
وفي الإمارات: بلغت القروض للأفراد المقيمين 32% من القروض الممنوحة للقطاع الخاص و24% من إجمالي الإئتمان المحلي (للقطاعين العام والخاص) (نهاية 2017).
وفي فلسطين: بلغت القروض الإستهلاكية 22% من القروض للقطاع الخاص و18% من القطاعين العام والخاص (الفصل الثالث 2017).
وفي سلطنة عمان: بلغ الإئتمان الممنوح لقطاع الأفراد 47% من إجمالي الإئتمان الممنوح للقطاع الخاص و40% من إجمالي الإئتمان (نهاية 2016).
وفي قطر: بلغت القروض الإستهلاكية 26% من الإئتمان المقدم إلى القطاع الخاص و15% من مجموع الإئتمان المحلي (نهاية 2017).
وفي السعودية: بلغ إجمالي القروض الإستهلاكية وقروض بطاقات الإئتمان 25% من المطلوبات من القطاع الخاص و21% من مجمل القطاعين العام والخاص (الفصل الثالث 2017).
وفي الكويت: بلغت التسهيلات الشخصية 36% من مجموع المطالب على القطاعين العام والخاص و43% من التسهيلات الإئتمانية للمقيمين (2017).
ومما لا شك فيه ان الصيرفة بالتجزئة التي تطال شرائح واسعة من المواطنين تساهم في تعزيز الشمول المالي Financial Inclusion، وهذا بدوره يساهم في تحقيق عدة أهداف في وقت واحد، فهو من جهة يعزّز نمو المصارف وإنتشارها على المستوى الافقي في كافة أنحاء البلاد، ومن جهة ثانية يسهم في نشر الثقافة المصرفية في أوساط المواطنين على مختلف مستوياتهم، كما وتطال الخدمات المصرفية شرائح جديدة من المجتمع مما يساهم في تحقيق التنمية الإقتصادية، ويساهم في زيادة معدلات نمو الودائع في المصارف بسبب تنامي ميل الأفراد إلى إيداع مدخراتهم فيها بدلاً من الإحتفاظ بها في منازلهم، مما يعزز قدرة المصارف على الإقراض، وبالتالي المساهمة في نمو الاقتصاد المحلي.
أيّها الحضور الكريم،
ما يجب على المعنيين في مصارفنا العربية الانتباه إليه والتركيز عليه، هو العمل على تعزيز نصيب الصيرفة بالتجزئة من المحفظة الإئتمانية وتوسيع شريحة المستفيدين من هذا النوع من التسهيلات الإئتمانية.
فما تواجهه الصيرفة بالتجزئة من تحديات في عصرنا الحاضر، والتي تتمثل في تسارع التقنيات المستخدمة في هذا النوع من العمل المصرفي، وفي التطورات الهائلة والمتسارعة في عالم التكنولوجيا، وكذلك في التقلبات السريعة في مزاجية الزبون، يحدو بالمصارف إلى العمل بأقصى طاقة وسرعة على مواكبة هذه التحديات، وبالتالي الدخول أكثر وأكثر في عالم التكنولوجيا لتسخيرها في خدمة زبائنها وتقديم أفضل الخدمات لهم بأفضل الشروط بدءاً من سرعة الوصول إلى الزبون "الهدف" وفي الوقت المناسب، مروراً بدراسة واقعية لأوضاع الزبائن وإحتياجاتهم وتطلعاتهم، وصولاً إلى الصيغة التي ضمن إطارها يمكن أن يشرع في الاستفادة من الخدمة التي يعرضها المصرف، وبالتالي الإنطلاق بتنفيذ مشروعه.
أجدّد شكري وتقديري لمعالي الوزير رائد خوري والشكر موصول لكم جميعاً، آملاً أنّ يشكّل الملتقى الثالث لمدراء الصيرفة بالتجزئة، عبر هذه النخبة المميّزة من الخبراء والباحثين، خطوة متقدّمة لوضع تصوّرات جديدة وتوصيات عمليّة تُساهم في تحقيق الأهداف المرجوة منه.
وشكراً لإصغائكم،